السيطرة على الشاشة
عندما نمسك جهاز التحكم ونبدأ بالتقليب بين الفضائيات العربية ، لا بد من الخروج بنتيجة مفادها أن للعمل الدرامي السوري وجوداً واسعاً في أغلب الفضائيات، مما يمكن المشاهد من الإحاطة بانورامياً بالدراما السورية من خلال متابعات بسيطة.. ما يدل على سيطرة هذا الفن على البث.
ومن وجهة أخرى يمكن أن نرصد سيطرة الدراما على الشاشة من خلال ما يمكن أن ندعوه توابع الدراما، فأغلب البرامج الفنية المنوعة تستضيف فنانين سوريين، كما أن البرامج الحوارية تستضيفهم أيضاً ليتحدثوا عن آرائهم في مختلف قضايا الحياة.
وهنالك أيضاً المتابعات الفنية التي تشمل موضوع الدراما، وهي التغطيات التي تحيط بالمهرجانات والمنتديات وحفلات توزيع الجوائز وما إلى ذلك. وقد يتواجد الدرامي «الفنان السوري» كمقدم برامج على فضائية لبنانية ما، متفوقاً بذلك على السياسي اللبناني، بحكم أن الممثل السوري يتحدث في مشكلة الداخل اللبناني إلا أن السياسي اللبناني لا يتحدث بالدراما السورية!!
تمعن الفضائيات وفق هذا المنظور في تعزيز حالة معينة تحمل في طياتها سلبيات كثيرة تتجاوز إيجابياتها الفنية والموضوعية من خلال تكريس الفنان لا الفن، وترسيخ الصورة أكثر من الموضوع، بالإضافة إلى تعزيز مسألة توجيه الذائقة الفنية باتجاه واحد، وتدجين المواطن العربي أمام شاشة تقدم له دراما الحياة دون محاولة منها لإطلاقه بعيداً عن الشاشة لرؤية الحياة وفق منظور واقعي مختلف عن منظور الدراما السورية، أو حتى لرؤيتها من خلال فنون أخرى هي أكثر ارتباطاً بالحياة من كاميرا الدراما.
هذه السلعة التي تدعى «دراما» لا تختلف من منظور السوق عن مادة أخرى تقدم للبائع مردوداً مالياً كبيراً بحيث أن تعزيز وجودها وتقديمها بكثافة سوف يزيد من أرباح البائع، وبالتالي اللوم لا يقع على عاتق المرسل الفضائي العربي فقط، بل تتوزع المسؤوليات لتشمل كل من له ارتباط بالإنتاج والبث ووضع القانون، من حيث أن المواطن كان ضحية لإهمال كل من هو قائم على الإعلام والثقافة فكانت النتيجة إمكانية السيطرة عليه من خلال أية رسالة فنية تقدمها أية فضائية.