«فرقة الرقة» في عمل جديد: توثيق الفلكلور فنياً
منذ 1969 إلى الآن، يرقص تاريخ الفرات مع فرقة «الرقة للفنون الشعبية» وتستعيد منطقة الجزيرة السورية فنّها الماضي، في الفن الحديث الذي قدمته الفرقة لسورية والعالم. اليوم تجهّز لعمل «بنيّة العربان» الذي كتبه الشاعر اللبناني طلال حيدر، ولحّنه الموسيقي شربل روحانا، و«العمل يتحدث عن المرأة الفراتية ودورها في المجتمع» بحسب مغنية الفرقة رنيم العساف.
«استوحى الرحابنة، وزكي ناصيف، وفيلمون وهبي من الفرقة بعض فنهم، بل ثمة أغان لفيروز آتية من تراث الرقة، وفرقتها»، هذا ما أكده مؤسس الفرقة إسماعيل العجيلي لنشرة سورية.
تعاقب على الفرقة منذ تأسيسها عام 1969، حتى اليوم، أربعة أجيال من الشبان والفتيات، والكثير من المبدعين، إذ كتب لها الأديب السوري الراحل عبد السلام العجيلي مجموعة أعمال مسرحية، وكتب لها أيضا الشاعر اللبناني طلال حيدر، والشاعر السوري محمود الذخيرة، ولحن لها مجموعة ملحنين منهم زكي ناصيف، وشربل روحانا. ويمكن القول إنها استمرت بفضل جهود شخصية، بدأت بعشرين راقصاً وراقصة، وكانت عروضها الفنية الأولى محصورة ضمن نطاق مدينة الرقة، إلى أن أتيح لها الظهور لأول مرّة خارج الرقة في «مهرجان دير الزور»، ومن ثم خرجت إلى المهرجانات العالمية لتمثل الفن السوري.
يقول الأديب الراحل د.عبد السلام العجيلي، عن هذه الفرقة: «لم يضع أفرادها في بالهم أن يحترفوا الفن، أتوا من مدارسهم مدفوعين بحبهم للموسيقى والرقص والغناء، ليتابعوا تمارينهم القاسية، والمستمرة بإدارة هذا الفنان العصامي المبتل في محراب الفن، إسماعيل العجيلي».
اتخذت فرقة الرقة منذ بداياتها أسلوباً واحداً في العمل، يعتمد على جمع وتوثيق التراث الشعبي المغنى استناداً إلى الذاكرة، ومعالجة اللحن وضبط قواعده الموسيقية، بالإضافة إلى معالجة النص واستبدال تعابيره القديمة بما هو رائج، أو معاصر. فقدمت كل عروضها الغنائية معتمدة أيضاً رقصات فراتية. فمثلاً تمثل حركات لوحة «يا نوق سيري» حركة سير النوق، ولوحة «يا دلو.. يا دلو» تستمد حركاتها من النسوة خلال الطحن بواسطة حجر الرحى، أو حركتهن وهن يفركن الشعيرية. بالإضافة إلى الموسيقى والغناء والرقص، تحرص الفرقة على توثيق الزي الشعبي في المنطقة، بحيث تشكل اللوحات الغنائية وثيقة فولكلورية متكاملة. سجلت أغلب أعمال الفرقة الغنائية، في الإذاعة والتلفزيون السوريين، وعبرت البحر الأبيض المتوسط لتصل إلى القارة الأوروبية، فعرضت أْعمالها على مسارح لندن وباريس وإيطاليا وبلجيكا والبرتغال واليونان...
يؤكد إسماعيل العجيلي أنه يأخذ الرقصة القديمة ويجري عليها تعديلات دون أن يقوم بتشويهها «فالفلكلور أمر صعب ومعقد في معظم الأحيان وغالباً ما أفتش عن الأماكن الأصلية لتواجد الرقصات والأغاني ومن ثم أقوم باستقائها، كما أعتمد على حفظة هذا الفلكلور من كبار السن الذين بلغوا الثمانين فما فوق. أسجل حكاياتهم وأقوم بتقديمها كمسرح فلكلوري في كل سنة». البحث عن التراث يتعدى الرقة عند العجيلي، لذلك يسافر إلى جميع المدن السورية، وأحياناًً يتجاوزها إلى لبنان لدراسة الفلكلور.