الليث حجو: العمل الكوميدي رهان أكثر خطورة
استطاع المخرج الشاب الليث حجو أن يقدم توقيعاً مختلفاً وضعه في مقدمة مخرجي الدراما السورية خصوصاً في أعمال كـ«بقعة ضوء» و«الانتظار» و«ضيعة ضايعة».. هنا حوار معه..
هل هناك خوف من إنجاز عمل كوميدي بعد «ضيعة ضايعة»؟
الأمر مرعب بالنسبة لي، ولكن يجب أن يكون هناك عمل بعده فـ«ضيعة ضايعة» ليس نهاية الكون ولا الفن.
• هل يكتفي الليث حجو بعمل واحد في العام، وعمل كوميدي يعتبره البعض عملاً خفيفاً؟
لماذا نعتبر العمل الكوميدي عملاً أقل أهمية من باقي الأعمال؟؟ للأسف يبدو أننا ساهمنا بتكريس هذا العرف، وهو ان العمل الكوميدي أقل قيمة من باقي الأعمال، ودائماً نصنف التاريخي أولاً ثم الاجتماعي وبالآخر يأتي الكوميدي.. نحن نعتبره عملاً خفيفاً، حتى المذيع أو المذيعة عندما يقدمونه فإنهم يقدمونه على أنه عمل كوميدي خفيف، ولماذا خفيف وما المقصود؟؟ هل هو تخفيف من قيمة العمل أو الجهد؟؟ «ضيعة ضايعة» أو أي عمل آخر لا يقل جهداً عن أي عمل آخر، وفيها حجم من المغامرة غير موجود في الأعمال الأخرى فنحن نستطيع أن نتوقع ردود الأفعال على عمل اجتماعي يومي معاصر، ونستطيع أن نتوقع ردود فعل عن شخصية تاريخية لها تأثيرها على المشاهد، ولكننا لا نستطيع أن نتوقع أي ردة فعل لعمل متخيل، فيه تجاوز كبير لحدود الواقع والمنطق، مساحة المغامرة هذه غير موجودة في الأعمال الأخرى. العمل الكوميدي رهان أكثر خطورة وأكثر صعوبة، وبحاجة لحرص أكبر من أي عمل آخر، وحجم المغامرة لدي كان في «الانتظار» أقل بكثير من «ضيعة ضايعة»، «الانتظار» واضح المعالم، وقد دخلت العمل بنص مضمون النتائج، بينما «ضيعة ضايعة» رهان من الجميع ابتداء من الكاتب..
أما بالنسبة لأن يكفيني عمل واحد في العام فأعتقد أن «ضيعة ضايعة» يكفيني أنه موجود بتاريخي الفني، وأن يذكر لي من المحطات المهمة «بقعة ضوء» و«أهل الغرام» و«الانتظار».. وهذه الأعمال نقاط تكوّن مسيرتي الفنية القصيرة والمتواضعة، ويكفي أن لا تكون على الهامش بغض النظر عن المسافة بين هذه الأعمال.
• أنت من مؤسسي بقعة ضوء ألا يحزنك أن غيرك قد اشتغلوه؟
أتمنى أن يستمر هذا المشروع، وأعتقد أن هذا هو الحل الوحيد حتى يسمع المشاهد وجهات النظر كلها. أنا انسحبت من «بقعة ضوء» بعد أن قدمته في السنوات الأولى وقلت ما لدي فيه. كل أعمالي استمرار له أو مراحل متقدمة عليه سواء «أهل الغرام» أو «ضيعة ضايعة»، وبالنسبة لي إذا بقيت ضمن هذه البقعة أي «بقعة ضوء» فهذا لن يأتي بالفائدة علي، وبالتالي على العمل، كان من الضروري أن يأتي شخص آخر ليقدم شيئاً آخر فيه ، وللآن لم أر أن أحداً آخر أخذ العمل إلى مكان أبعد مما قُدم.
وأتمنى أن يظهر هذا العمل لتظهر كل وجهات النظر التي اختلفنا عليها سابقاً أنا والفنان أيمن رضا من حيث الشكل، وأن يظهر ما طالب به أيمن من خلال مشروع المخرجين المتعددين، لأني لم أوافق عليه أبداً، والدليل أنه لم ينجح والخيار في النهاية وقع على المخرج ناجي طعمي الذي اشتغل الجزء الثالث.
• هل تعتبر نفسك شخصاً حراً؟
جداً.. وأدفع ثمن هذه الحرية بأعمال تأخذ وقتاً طويلاً لتنفذ، ومشاريع تأخذ مسافات طويلة مادياً ومعنوياً، وأدفع ثمن هذه الحرية بشكل واضح، وكل عمل قدمته يعبر عن حريتي، وأنا أتحمل مسؤوليته كاملة، وقد سبق وأن اعتذرت عن الأعمال التي كان فيها شرط ما يحدّ من حريتي.
• هل الدراما السورية أمام أزمة حقيقة مستقبلية؟ برأيك ما السبيل للخروج من هذه الأزمة؟
اليوم بدأنا نستهين أو نثق ثقة مفرطة بإمكانياتنا وإنتاجنا في الدراما، ولدينا اعتقاد انه يكفي أن العمل إنتاج سوري حتى يتوزع بشكل جيد جداً على المحطات.. يجب أن نعرف إلى أين نحن ذاهبون، وما هي إمكانياتنا.. ثم إنني لا أظن أننا قادرون على إنتاج 40 عملاً بمستوى جيد، بالحد الأقصى نستطيع صناعة عشرة أعمال، هذه إشارات خطر، والحل برأيي تقليص الإنتاج. طبعاً هذا سيىء لنا ، علينا تأهيل كوادر جاهزة لصناعة 40 عملاً، وهذا ليس صعب أبداً، فالمعهد يخرج ممثلين جيدين كل عام، ولكن لا يخرّج أي مخرج، والمخرجون الذين نحترمهم صنعوا أنفسهم باجتهاد شخصي، وكذلك الفنون والتقنيون الذين لهم مكانة مهمة أصبحوا على ما هم عليه بمجهود فردية دون أي دعم أو أي عناية بخبراتهم، وهم مظلومون للآن بأجورهم، وبتصنيفهم أيضاً.