منطق السينما التجريبية
تبحث الدكتورة بان جبار خلف، في كتابها « منطق السينما التجريبية» الصادر عن «منشورات وزارة الثقافة – المؤسسة العامة للسينما»، في المنطق التجريبي الذي يميّز السينما عن سواها من الفنون «كانت السينما منذ أول لقطة ظهرت على الشاشة تجريبية، بمعنى الكلمة، فهي فن لم يكن له شبيه سابق، وكان جديداً بالكامل، فلم يألف الناس إعادة عرض الحركة بهذه الدقة والتعبير والتأثير».
سارت السينما أشواطاً عديدة وبخطوات واسعة، تبدو كأنها قفزات لتأكيد نوعها من اكتشاف لمبادئ لغة سينمائية مكتفية بذاتها إلى تأكيد ما تنطوي عليه من أنواع فيلمية متميزة داخل جنس السينما نفسها، فهناك الفيلم (التاريخي والاجتماعي والحربي والخيالي...الخ) ولكن ما هو حري بالإشارة أن السينما في خضم انشغالها لاكتشاف نفسها وأساليبها، وتنقيبها في مشكلات عصرها الذي بدأ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حتى الآن لم تنفك إطلاقاً عن التجريب بمعناه الجمالي الأكثر اتساعاً، فهي ما انفكت تستثير اللاواقعي عن طريق المظهر الذي يبديه الواقع الحي مما أتاح الأسلبة والإسقاطات دون تشويه، واستطاعت عبر التجريب رفع الحدث الفردي إلى كونية الرمز، والدخول إلى السينما التجريبية يعني الدخول في معترك شابه الكثير من التصنع والزيف والتهريج، مما يجعل الوقوف على منطق الفيلم التجريبي مسألة تعتورها الكثير من المخاطر والتعسف ما لم يتسلح الباحث بمنهج علمي يقيم منطقاً للسينما التجريبية يصح أن يكون معياراً للوصف والتحليل لظاهرة التجريب في الفنون عموماً والسينما على الأخص.
إن التجريب عالم جديد في تصور الموضوع وفي تطور الحدث، وإنشاء أفلام فريدة متميزة لم يُسبق إليها، ومن ثم الانتباه للطاقات الجمالية لليفلم التي تجعل منه فيلما، أي اكتشاف السينما الصرف التي تتأتى عن الصيغ الجاهزة للإبداع، فالسينما التجريبية على العموم هي سينما طليعية أساساً، ولعل من حسن حظي أن تتوافر لي.
ولا بد أن يكون هناك فرق بين سينما تحيل إلى نفسها، وسينما تستند إلى بُنى لا تنتمي لفن الفيلم كالأفلام التي جاءت بنظريات التحليل النفسي كُبنى مسبقة وفرضتها على الفيلم.