صيدلية كـــتب  ... ألف ليلة وليلة الإيطالية

صيدلية كـــتب ... ألف ليلة وليلة الإيطالية

يعتبر كتاب «الديكاميرون» (كُتب بين 1349 و1351)  كتابا كلاسيكيا بالمعنيين الفني والتاريخي. فهو علامة على انبثاق وتشكل أوربا الأدبية الحديثة، وعلى ذروة التحول من أنماط السرد التقليدية المتشبعة بالأخلاقية الدينية المتعالية أو الأخلاقية الخرافية والأسطورية، إلى نمط السرد الحديث المتشبع بأخلاقيات الفكر الحر والنزعة الإنسانية الناشئة. وقد جعله هذا الوضع دعامة لتطور الرؤية الفنية والفكرية المنشئة للقصة الحديثة في الأدب الأوربي.

في «الديكاميرون»، أي (الرواة العشرة)، ، يتخيل بوكاشيو شبابا عشرة، ثلاثة رجال، وسبع نساء، يتركون المدينة الموبوءة ويلجؤون إلى بستان خارجها، حيث يقررون البقاء هناك، بعيدا عن مشاهد الموت ورائحة الموتى، يقضي العشرة أياما عشرة معاً، يستمتعون بالمكان، وبالشباب، والأهم بمتعة القص، حيث يتفقون منذ اليوم الأول على أن يروي كل منهم قصة واحدة في كل يوم، في موضوع يحدده من ينصب ملك أو ملكة اليوم، وهذا يعطينا مائة قصة شعبية إيطالية، جمعها بوكاشيو وضمنها في كتابه هذا، وكعادة القصص الشعبي تتناول أغلب هذه القصص الحيل التي يمارسها الرجل أو تمارسها المرأة للإيقاع بالآخر، والقصص الشعبية قصص علاقات، حيث تنسج وتروى لتبرز العلاقات داخل المجتمع، وأحوال الناس، وما يجري لهم، نادرا ما تنشغل القصص الشعبية بفكرة أو بفرد، لم يظهر هذا إلا في القصص الحديثة، عندما شعر الكاتب بفرديته، فعبر عنها عن طريق أبطاله.

  الاختلاف الأساسي الذي سنلاحظه، والذي يفصل أيام بوكاشيو العشرة عن الليالي العربية هو في غياب الفنتازيا، القصص واقعية أو شبه واقعية، لا جن فيها، ولا عفاريت، ولا أي نوع من أنواع الخيالات التي نعرفها في ألف ليلة وليلة، ربما الاستثناء كان إحدى القصص التي ظهرت فيها أشباح.