لا طمأنينة بيسوا

لا طمأنينة بيسوا

«كتاب اللاطمأنينة» للشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا (1888- 1935) يتألف الكتاب من شذرات مقطعية، منسوبة إلى ند أو شبه ند له هو «برنارو سواريس»، وهو أحد شخصيات بيسوا المُختلقة، فقد كان معروفاً عن هذا الشاعر توقيعه نصوصه بأسماء آخرين.

يرى المتخصصون في أدب بيسوا أن «كتاب اللاطمأنينة» هو كتاب يوميات باطنية، حفريات في الذات أو بالأحرى الذوات، في لا واقعية الواقع وواقعية الأحلام والأوهام، وهو كتاب نثر ولكنه مهول بالشعر.

ظهر الكتاب في طبعته الكاملة للمرة الأولى في لغته البرتغالية الأصلية في لشبونة عام 1982، وسدت هذه الطبعة ثغرة أساسية في معرفتنا بواحد من أكبر شعراء العالم في القرن الماضي، وفي كل العصور، فقبلها كانت معرفتنا بهذا الكتاب النثري الفريد جزئية لا تتجاوز بعض النصوص، وحتى الطبعة المشهورة من الكتاب قبل هذا التاريخ التي ظهرت 1961 تحت عنوان «صفحات مختارة» لم تحو سوى مقاطع محدودة لا تشكل من المجموع الأصلي للكتاب سوى نسبة ضئيلة، ومع ذلك فعليها تم الاعتماد في كافة الترجمات التي أنجزت إلى اللغات الأوروبية من الستينيات حتى مطلع الثمانينيات من «اللاطمأنينة».

أما الترجمة العربية فقد أنجزها الشاعر والمترجم الراحل مهدي أخريف، وصدرت عن «المركز القومي للترجمة» في مصر.

يقول بيسوا في تقديمه لكتابه: إن تكتب عملاً، وأنت تعرف مسبقاً أنه مختل وناقص، وأنت تكتبه، مختلاً وناقصاً فهذه ذروة العذاب والذل الروحيين، لست راضياً عن القصائد التي أكتبها الآن فحسب؛ بل أعرف إني لن أرضى أيضاً عن القصائد التي سأكتبها في المستقبل، أعرف هذا فلسفياً وبلحم جسدي، من استشراف ضبابي لا أدري من أين استقيته، فإذن، لماذا أستمر بالكتابة؟ لأني لم أتعلم بعد المزاولة التامة للتخلي الذي أعظ به، لم أتمكن بعد من التخلي عن ميلي إلى الشعر والنثر، عليّ بالكتابة، وكأنني أنفذ عقوبة ما، والعقوبة القصوى هي أن أعرف أن كل ما أكتبه عديم الجدوى، ناقص ويفتقد إلى اليقين.