الإعلام وقاموس المحذوفات
يسعى المشاهد المتيقظ جهده كي لا يقع في أحابيل الإعلام وطرق تلاعبه. ورغم الجهد والتركيز العاليين الذين قد يبذلهما خلال متابعته للأخبار على هذه القناة أو تلك، فمن الممكن أن تفوته اللعبة الأهم والأكبر، لعبة الحذف..
إنّ لكل قناة تلفزيونية قاموسها الخاص الذي يحوي «قائمة المحرمات» التي ينبغي إخفاؤها وعدم التطرق إليها إلا وقت الضرورة القصوى وبشكل هامشي. ولعل فهم سياسة أية قناة إعلامية ترتكز إلى «قائمة المحرمات» هذه أكثر مما تستند إلى قوائم أخرى ظاهرة وواضحة ويمكن التقاطها مثل «قاموس الاصطلاحات» التي تستخدمها الوسيلة الإعلامية لتوصيف الظواهر المختلفة. ولكن وسائل الإعلام لم تطالعنا بأخبار آلاف الاضرابات العمالية التي جرت في مصر خلال الشهور القليلة الماضية، كما لم تخبرنا عن تحركات مجموعة «9/11 الحقيقة» الأمريكية المعارضة التي تتهم الحكومة الامريكية بتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتقدم أدلة علمية حول ذلك.. لا أخبار عن تطورات الأزمة الاقتصادية العالمية إلا ما ندر وفي حدود تسميتها «أزمة مالية».. لا أخبار عن القوات التي تخوض الحرب «في صف داعش» وهي أضعاف مضاعفة منها، هنالك فقط «الغول الداعشي» الذي ينبغي تكبيره والنفخ فيه، كي يشد العصب الطائفي حتى الأقصى، وكي يأخذ المنطقة كلها إلى اقتتال طائفي عبثي مستدام.. توجد جميع أنواع الأخبار، ولكن الأخبار الأكثر أهمية غير موجودة على الإطلاق..