علم الإشارة.. دلالات وتوظيف

علم الإشارة.. دلالات وتوظيف

طالما كان علم الإشارة السينمائي والتلفزيوني، أي البصري، ناشئاً عن علاقة إشارات بعضها مع بعض وعلاقة وقائع ببعضها البعض فالدلالات في السينما مصورة دائما وهي جوهر العلاقة بين الدال والمدلول عليه.

دعونا نوضح الأمر أكثر:
لقطة لطفل يبكي هي بمثابة الدال على انزعاج أو مرض أو حر شديد، يواجه الطفل في حال ربط اللقطة مع لقطة أم تسخن الحليب، وتنظر إلى زاوية الطفل، فيدلنا هذا الربط عن سبب بكاء الطفل وهو الجوع.
أي العلاقة بين الدال (البكاء) والمدلول عليه (الجوع)، لا تبنى فقط بالصور بل بالربط بينهما، كأي علاقة  في اللغة الكلامية المنطوقة أو المكتوبة.
فعلم اللسان تطبق عليه العلاقات نفسها، وكثيراً ما حاول النقاد فصل اللغة البصرية عن اللسانية لكن دون جدوى. وهنا نؤكد على عدم نسيان نطق السينما وما يطبق عليها من علم اللسان.
وعندما نخفي أو يتم إخفاء صوت المشهد السابق، سيصل المعنى نفسه من خلال صورة الطفل الباكي ومحاولة أمه تسخين الحليب أي عن طريق التعبير الآني.
فالمعنى البصري لكل مشهد، وبعد ربط صورة نصل إلى ترميز المعنى وعندها تكون الصورة هي الرمز والإشارة بآن واحد.
لنشاهد مشهد إعدام عمر المختار ومن منا لم يشاهده، فقبل إعدامه طلب قراءة بعض الآيات، وبالفعل جلس على الأرض، وقرأ بعد أن وضع نظارته، وتبادل النظرات مع طفل، ربما كان يحلم أن يكون هو عمر، بعدها تقدم هو بنفسه بتنفيذ حكم مستعمريه، عُلّق على المشنقة، وتحاورت نظراته مع الطفل حواراً أعمق من أن يُشرح. ثم جاء دليل إعدامه (سقوط نظارته) والمدلول عليه أتى بعده.
وهو سعي الطفل لامتلاك هذه النظارة التي كسر زجاجها، زجاجها المكسور هذا لم يمنع وصول رمزية امتلاك رؤى صاحبها، وبالفعل فبعد الحصول على نظارته هزم الطليان. ورمزية النظارة هنا تدل على احترام رؤى وفكر عمر. أي تطابق التاريخ مع السينما ولغة اللسان مع لغة السينمائية.
اقرؤوا  الماضي لمصداقية الحاضر فقد أعدمك الغرب يا عمر بين أناسك وشعبك وهم يعتصرون ألماً...
ألم نُصفع نحن بإعدام الرئيس صدام الحسين يوم الأضحى، اليوم الذي حرّم به تنفيذ حكم الإعدام بأي إنسان، لكونه يوماً نضحي به  بالخراف والنعاج فقط.
فاختيار الدال هنا أي (إعدام صدام بهذا اليوم) يعني عند الغرب بأن الأوان قد حان لنضحي بك، والمدلول عليه (ما يجري الآن على أرض عراقنا الغالي)، لم أر أي إعلامي يندد أو يطالب بتأجيل تنفيذ الحكم ولو ليوم واحد فقط. وهنا أيضا يكون المدلول عليه بالنعم من قبله لنضحي به الآن.
 (الله أكبر).. نفتح التلفاز ونشاهد العديد من الماركات لشماغات خليجية صنعت في سويسرا لكن يحرّم عليكم لبسها على أرض المنشأ.
فما أعقد هذا العلم (علم الإشارة) نصنع نحن رموز أمرائكم لكن البسوها بعيدا عنا.
أرأيتم ماهية العلاقة بين الدال والمدلول عليه؟
• مخرج سينمائي