افتتاحية قاسيون 632 : أجواء ما قبل جنيف
تنشر وسائل إعلامية متعددة، ومختلفة بالولاء السياسي، منذ بضعة أسابيع وحتى اليوم، وبشكل متزايد، جملة من «التسريبات» والتلفيقات والإشاعات حول شكل الحضور في مؤتمر جنيف وحول مضامينه ووثائقه
تنشر وسائل إعلامية متعددة، ومختلفة بالولاء السياسي، منذ بضعة أسابيع وحتى اليوم، وبشكل متزايد، جملة من «التسريبات» والتلفيقات والإشاعات حول شكل الحضور في مؤتمر جنيف وحول مضامينه ووثائقه
القاسم المشترك في التصريحات المعلنة من مختلف الأطراف الدولية والإقليمية والسورية المعنية بالأزمة السورية هو الحديث عن ضرورة البحث عن حل سياسي لها، وتعطفها غالبية تلك الأطراف اليوم بحديث آخر عن ضرورة «مكافحة الإرهاب» القائم أو المحتمل انطلاقه من الأرض السورية.
مع إعلان تحديد موعد مؤتمر جنيف2 حول سورية، بعد اضطرار مختلف القوى الرافضة والمعرقلة له، لإعلان موافقتها على حضوره والمشاركة فيه بوصفه مدخلاً وحيداً للحل السياسي في سورية، بدأت تنحصر وتتركز على السطح حالياً وحتى انعقاده صراعات متجددة، تتعلق بأجندات «النظام» و«المعارضة» وما يبتغيه كل طرف من المؤتمر، وهذا أمر طبيعي، ظاهرياً، مع افتراض انتقال الصراع في سورية وعليها كما هو مطلوب من شكله العنفي إلى شكله السياسي.
تدحرجت مواقف القوى الرافضة للحل السياسي خلال الشهر الأخير، وانتهت إلى إعلانها جميعاً على موافقتها على حضور «جنيف2» وبدئها التحضير له ..
يدور الحديث عن موعد محدد لمؤتمر «جنيف-2» قد يجري الإعلان عنه في 25 تشرين الجاري. إلا أن ما غدا مؤكداً هو موافقة جميع الأطراف على المشاركة في المؤتمر، الأمر الذي لا ينبغي أن يفهم منه، بأية حال من الأحوال، أن تلك الموافقة تعني تلقائياً رغبة هذه الأطراف جميعها بإنجاحه
يمكن تلخيص ما جري ويجري على الساحات الدولية والإقليمية والداخلية السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية، بأنه بداية التبلور السياسي الملموس للتوازن الدولي الجديد الذي مضى على تكونه الواقعي بالمعاني الاقتصادية والعسكرية والمعرفية أكثر من سنة على أقل تقدير
بات الحديث عن توازن دولي جديد أمراً بديهياً في الظرف العالمي الراهن، وذلك بعد صعود الدور الروسي ومعه مجموعة (بريكس) وتأثيراته متعددة الأشكال على العديد من الملفات الدولية الساخنة، ومنها الأزمة السورية ومؤتمر جنيف المزمع انعقاده حول سورية
يشكل مؤتمر «جنيف» القادم مخرجاً لا بديل عنه من الأزمة الوطنية العميقة التي تعيشها سورية منذ أكثر من عامين ونصف. فالحلول التي يتمسك بها متشددو وكبار فاسدي الطرفين، والمتمثلة بحصر الحسم في الميدان فقط، كلٌ من جانبه، ليست حلولاً وإنما استمرار لإحراق سورية من الداخل.
تحمل الأسابيع القليلة القادمة زخماً كبيراً من الاجتماعات والمؤتمرات والمشاورات موضوعها الأساسي هو مؤتمر «جنيف-2» المفترض عقده حسب المعطيات الدولية في أواخر تشرين الثاني المقبل، وهذا الزخم هو استمرار للزخم الحالي وتصاعد له.
تستمر الأوساط المتشددة في الطرفين المعومين للصراع السوري، مع اقتراب «جنيف»، في رهانها على الماضي.. .