هل تصل الصين إلى 20 ألف دولار للفرد في 2035؟
صدر مؤخراً تقرير بحثي بعنوان «اتخاذ موقف صارم: التعميق الشامل للإصلاح وعملية الانفتاح رفيعة المستوى في الصين في العصر الجديد والرؤية لعامي 2029 و2035»، وقام تشو قوانغ ياو، وزير المالية الصيني السابق، بمناقشته هو وتأثيراته مع وفد من أكثر من 12 مدير تنفيذي لشركات دولية متعددة الجنسيات زار بكين لهذا الغرض. كتب تشو قوانغ ياو عن هذا اللقاء: تركّزت أسئلتهم حول: إمكانية وتأثير نشوء سلسلتي توريد متوازيتين عالميتين، ومدى قدرة الصين على الحفاظ على نمو مستدام، وتحقيق هدف عام 2035 بالوصول إلى أن تكون حصة الفرد 20 ألف دولار من الناتج المحلي الإجمالي، وتنمية الإنتاجية والاقتصاد الرقمي الصيني.
ترجمة: قاسيون
تمثّل الصين والولايات المتحدة ما يقرب من نصف الاقتصاد العالمي. بلغ في 2023 الحجم الإجمالي للاقتصاد العالمي 105 تريليون دولار أمريكي. تعدّ الولايات المتحدة والصين أكبر اقتصادين في العالم، ويبلغ الحجم الاقتصادي للولايات المتحدة 27.36 تريليون دولار أمريكي، والحجم الاقتصادي للصين 17.66 تريليون دولار أمريكي. يمثّل الحجم الاقتصادي المشترك للصين والولايات المتحدة ما يقرب من 45٪ من الاقتصاد العالمي، على أساس الحساب الإجمالي للناتج المحلي الإجمالي.
الأمر الآخر، أنّ حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة يمثّل خمس الإجمالي العالمي. يمتلك وفد الشركات متعددة الجنسيات بيانات التجارة الدولية، وتوزيع التجارة العالمية في السلع والخدمات. في عام 2023، بلغ إجمالي التجارة العالمية في السلع 48 تريليون دولار أمريكي، وبلغ حجم التجارة في الخدمات 15 تريليون دولار أمريكي، وبلغت قيمة السلع والخدمات 63 تريليون دولار أمريكي.
تحاول اليوم الولايات المتحدة بناء أسوار عالية، وتقديم إعانات خاصة للصناعات في الولايات المتحدة، وتحديداً صناعة الرقائق وصناعات السيارات الكهربائية، وتقليص درجة التعاون الاقتصادي مع الصين من خلال بعض العقوبات الاقتصادية والتجارية ضد الصين. تمكنت الولايات المتحدة، من خلال تدابير مختلفة تشمل ضوابط التصدير، من التأثير على العلاقات الاقتصادية العالميّة.
في ظل هذه الظروف، قدمت الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني إجابة حازمة للعالم: سنعمل بثبات على تعميق الإصلاح والانفتاح بشكل شامل، ويجب علينا مواصلة بذل قصارى جهدنا لدفع الصين إلى التحرك إلى الأمام في الإصلاح والانفتاح. في الوقت نفسه جعل اقتصاد الصين أكثر تكاملاً مع الاقتصاد العالمي.
من خلال هذا البيان، والتأكيد من الحزب الشيوعي الصيني، تكتسب الشركات متعددة الجنسيات الثقة والتشجيع. الأمر المهم الآخر الذي يجب الانتباه إليه: ذكر صندوق النقد الدولي بوضوح أنه إذا أنشأت الصين والولايات المتحدة سلسلتي توريد متوازيتين، سيؤثّر هذا على الاقتصاد العالمي بنسبة 7% في أحسن الأحوال، و12% في أسوئها. لذلك يمكننا أن ندرك على الفور أن التأثير السلبي على الاقتصاد العالمي سيتراوح من 7 إلى 12 تريليون دولار، وهو مبلغ لا تستطيع أي دولة تحمله. لهذا يمكننا أن نفهم أنّ تعميق الصين للإصلاح والانفتاح وتكاملها الوثيق مع العالم يصب في مصلحة الصين ومصالح العالم.
الحفاظ على النمو
السؤال الثاني: هو أنّ البيان الصادر عن الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، أكّد على أن الفترة الحالية والفترة المقبلة هما فترات حاسمة بالنسبة للصين لتعزيز بناء قوة حديثة على الطراز الصيني، وتجديد الروح الوطنية. الجميع قلقون للغاية بشأن ذلك. ما هو الهدف؟ ما هو مسار التنفيذ؟ ما هي وسائل الضمان؟ لأن العالم بحاجة إلى أن يفهم، وخاصة رجال الأعمال في الشركات متعددة الجنسيات، كيف تستفيد أعمالهم في الصين من التنمية في الصين، بدلاً من أن تتأثر، وهذا أمر طبيعي في ممارسة الأعمال التجارية.
إنّ نقطة البداية في «الخطة الخمسية الرابعة عشرة» هي عام 2021. يتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الصين 10 آلاف دولار في عام 2019، وبحلول عام 2021 وصل هذا الرقم إلى 12617 دولار أمريكي. كان الهدف طويل المدى لـ «الخطة الخمسية الثالثة عشرة» هو مضاعفة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 20 ألف دولار أمريكي على أساس عام 2020.
يعلم الجميع جيداً أنه بحلول نهاية عام 2023، بلغ نصيب الفرد الصيني من الناتج المحلي الإجمالي 12594 دولار. علينا مواصلة المضي قدماً على هذا الأساس. لكن يجب أن يكون واضحاً، بدءاً من العام المقبل وحتى عام 2035، ما هو معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي خلال 11 عاماً، وهذا في الواقع مسألة تثير قلقاً كبيرا لأصحاب الأعمال الكبار، لأنّهم على دراية كبيرة بهذه البيانات، وهذه البيانات مؤكدة من قبل صندوق النقد الدولي، وهي بيانات من المكتب الوطني للإحصاء في الصين.
عندما قامت الصين بصياغة الهدف طويل الأجل لعام 2035، أخبرت الصين العالم أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي سوف يتضاعف اعتباراً من 2020. تضاعف متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي خلال 15 عاماً إلى 4.7%، وهي فترة «الخمسة عشر عاماً». لكن الآن «الخطة الخمسية الرابع عشرة» على وشك الانتهاء، ويبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الأربع الأولى من هذه الخطة 8.1% في عام 2021، و3% في عام 2022، و5.2% في عام 2023، و5% في عام 2024. إذا تمّ تحقيق هذا الهدف في المتوسط، فإن متوسط معدل النمو السنوي في السنوات الأربع الأولى من هذه الخطة الخمسية يبلغ 5.4%. في الأعوام الإحدى عشرة المقبلة، وفقاً للحسابات الإحصائية، سيكون متوسط معدّل النمو السنوي 4.3% قادراً على تحقيق الهدف طويل المدى لعام 2035، حيث سيتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 20 ألف دولار.
يجب أن يتراوح معدل النمو في العام المقبل بين 4.5% و5%، واستناداً إلى اتجاه التنمية الحالي لـ «الخطة الخمسية الخامسة عشرة» المستقبلية، فإننا واثقون من أنّها ستحافظ على معدّل نمو يتراوح بين 4.5% و5%، لتكتمل رؤية 2035 في «الخطة الخمسية السادسة عشرة» النهائية. لذلك، وانطلاقاً من قوانين التنمية الاقتصادية والقدرة الحالية على تجميع الثروة الوطنية وتحسين مستوى إنتاجية العامل الإجمالي، فإننا على ثقة تامة في تحقيق الهدف طويل المدى لعام 2035. هذا ما قلته للمدراء التنفيذيين، وكانت حساباتهم الخاصة تؤيد ما قلته.
أما المسألة الثالثة التي اهتمّ بها الوفد، فهي تنمية قوى إنتاجية جديدة، وتطوير قوى إنتاجية جديدة وفقاً للظروف المحلية، وتعزيز التكامل الوثيق بين الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد الرقمي. منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، شهد الاقتصاد الصيني تطوراً في مجال الاقتصاد الرقمي بتوجيه من مفاهيم التنمية الجديدة. في عام 2023، وصل حجم الاقتصاد الرقمي الصيني إلى 60% من النطاق الاقتصادي الشامل الذي تجاوز 10 تريليونات دولار أمريكي، وهذا إنجاز كبير في تنميتنا. لكن من ناحية أخرى، يجب أن نرى أنه لا تزال هناك فجوة بين حجم الاقتصاد الرقمي بين الصين والولايات المتحدة وألمانيا، لأن هذه الدول تجاوزت 60% أو حتى 65%.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1187