5 نقاط تجعلنا نتأمل الأفضل في القرن الحادي والعشرين
تشينغ إن- فو تشينغ إن- فو

5 نقاط تجعلنا نتأمل الأفضل في القرن الحادي والعشرين

تستحق دراسة التنمية الاقتصادية في العديد من البلدان الاشتراكية- في القرن الحادي والعشرين- قراءة متأنية واهتماماً كبيراً. فيما يلي، يتناول البروفسور تشينغ إن- فو* بشكل مبسّط ومقتضب بعض النقاط المثيرة للجدل حول موضوع التنمية الاقتصادية في الصين والاتحاد السوفييتي، كمثالين تمثيلين للدول الاشتراكية، وذلك رداً على المفاهيم الخاطئة التي يحاول الرأسماليون ترويجها.

ترجمة: قاسيون

النقطة الأولى

لقد حقق الاتحاد السوفييتي إنجازات كبيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. يصادف هذا العام الذكرى المئوية لتأسيس الاتحاد السوفييتي، وهو أمر يستحق الاحتفاء به، ولكن بسبب خيانة وتخريب الاتحاد السوفييتي من قبل مجموعة زعماء، أمثال: غورباتشوف ويلتسين، ينكر العالم الغربي عموماً الإنجازات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. برأيي أنّ الاتحاد السوفييتي أسس بعد ثورة أكتوبر، بقيادة لينين، دكتاتورية البروليتاريا والنظام الديمقراطي المركزي، ونفذ البناء الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والثقافي على نطاق واسع، وصدّ العدوان المسلح من قبل ١٤ دولة رأسمالية.
مسترشداً بأفكار لينين، شهد الاتحاد السوفييتي إنجازات عظيمة في الاقتصاد والسياسة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والصحة ومعيشة الناس والمجتمع والبيئة والدفاع الوطني. لو لم يحدث غزو الاتحاد السوفييتي وشبه تدميره من قبل ألمانيا الفاشية بسياساتها الشمولية الاحتكارية البرجوازية، أو لو لم يتم تفكيك الاتحاد السوفييتي الاشتراكي بانقلاب كما حدث، فإنّ القوة الاقتصادية الوطنية الشاملة للاتحاد السوفييتي في بداية القرن الحادي والعشرين كانت ستلحق وتتجاوز الولايات المتحدة التي اعتمدت على الاستغلال الداخلي والنهب الخارجي.

النقطة الثانية

أدت التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين قبل الإصلاح والانفتاح إلى خلق ما يسمى بـ «المعجزة الأولى». عند مقارنة وتحليل عدد كبير من الإحصائيات المحلية والأجنبية، يمكننا إصدار حكم موضوعي: خلال المئة عام منذ حرب الأفيون الأولى، كان التطور الاقتصادي والاجتماعي للصين القديمة بطيئاً للغاية، وبشكل عام أظهر تخلفاً. كانت الصين دولة مهزومة وفقيرة مع مجتمع متدهور، واتسعت الفجوة بين تنميتها الاقتصادية والاجتماعية وتطور بقيّة البلدان الرئيسية في العالم.
في السنوات الثلاثين الأولى من الصين الجديدة، على الرغم من الظروف غير المواتية، مثل: نقص الخبرة في البناء الاشتراكي، والحصار الاقتصادي من قبل البلدان الرأسمالية، والنمو السكاني السريع، والمساعدات التي تمّ تقديمها للبلدان الأخرى، تسارعت وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير، مصحوبة بقفزة نوعية في الجودة والتخطيط الهيكلي للتنمية، ممّا أدى إلى عكس اتجاه تهميش الصين في النظام العالمي بشكل أساسي، وتضييق الفجوة الاقتصادية مع الدول الكبرى في العالم.
إنّ اقتصاد السوق الاشتراكي ليست سياسة تمّ تطبيقها بسبب فشل المرحلة السابقة، ولكنّها إذا صحّ القول: مرحلة لاحقة للمرحلة السابقة، تهدف لتحقيق تنمية أفضل وأسرع من الاقتصاد المخطط التقليدي. لكن وكما يشير الأستاذ في جامعة ييل موريس ميسنر: «في حقبة ما بعد ماو، أصبح من المألوف الحديث عن عيوب السجل التاريخي لحقبة ماو، والتزام الصمت بشأن إنجازات تلك الفترة. في الواقع، بعيداً عن كونه [عصر الركود الاقتصادي] كما يتمّ تصويره اليوم بشكل عام، كانت حقبة ماو واحدة من أعظم عمليات التحديث في تاريخ العالم، حيث يمكن وضعها في خانة واحدة مع أكبر عمليات التحوّل للتصنيع كثافة لدى الدول الصناعية المتأخرة الرئيسيّة في العصر الحديث، مثل: ألمانيا واليابان وروسيا». هناك اعتراف رسمي اليوم «بالمعجزتين» اللتين تم إنشاؤهما في السبعين عاماً من عمر جمهورية الصين الشعبية في الصين.

النقطة الثالثة

خلقت التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين بعد الإصلاح والانفتاح «المعجزة الثانية» ودخلت الصين مرتبة «الدول شبه المتوسطة الغنية والقوية» في العالم. اعتباراً من عام 2012، قفز الناتج الصناعي واحتياطيات النقد الأجنبي في الصين إلى المرتبة الأولى في العالم، واحتلّ الحجم الاقتصادي الإجمالي المرتبة الثانية بشكل مطرد في العالم، وتطور التعليم والعلوم والتكنولوجيا والرعاية الصحية بشكل كبير، وتحسنت معيشة الناس بشكل كبير، وتمّت إعادة هونغ كونغ وماكاو بنجاح إلى الصين، وارتفعت مكانتها الدولية.

النقطة الرابعة

إن بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الحديث منذ عام 2013 يخلق «المعجزة الاقتصادية الثالثة». دخلت الصين مرحلة البلد معتدل الثراء والقوي باعتبارها «شبه مركز» في النظام الاقتصادي العالمي. قفز بناؤها العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والبيئي إلى مستوى جديد. علاوة على ذلك، من خلال «مبادرة الحزام والطريق» وبريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون» و«البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية»، وغيرها من أشكال التعاون الدولي، فقد ساهمت الصين وقدمت حلولاً ذات سِمة صينية للتنمية البشرية، وعززت بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، مع زيادة الجاذبية الدولية والتأثير.
أتوقع بثقة أنه في حال تمكنت الصين من تحقيق خططها بالتحديث الأساسي وصولاً إلى عام 2035، ستصبح واحدة من البلدان ذات «الثروة والقوة شبه العالية» في «محور» النظام الاقتصادي العالمي. إذا تمكنت من تحقيق خططها بالتحديث الكامل في عام 2050، فستكون واحدة من أفضل الدول في النظام الاقتصادي العالمي، والتي ستكسر احتكار النظام الاقتصادي العالمي من قبل الدول الرأسمالية الإمبريالية القديمة والجديدة، ومجمل الرأسمالية المتقدمة.

النقطة الخامسة

سوف يتطور الاقتصاد الاشتراكي المستقبلي بشكل أفضل في عملية مواجهة الهيمنة الغربية. إن استنتاج لينين القائل بأن «الإمبريالية تعني الحرب» لم تصبح بالية بعد. تؤدي الهيمنة العالمية والإقليمية أيضاً بسهولة إلى الحرب. الحرب الروسية الأوكرانية هي صراع أشعلته التوسعات غير الشرعية لحلف شمال الأطلسي شرقاً كمجموعة عسكرية عدوانية بقيادة الولايات المتحدة، والذي نتج عنه إجبار روسيا على مواجهة الهيمنة الأمريكية الغربية، ممّا سيؤثر سلباً على الجميع: الاقتصاد العالمي ومعيشة الناس، باستثناء المجمع الصناعي العسكري الأمريكي الذي حقق مكاسب كبيرة.
نظراً لأنّ الاقتصاد الرأسمالي الاحتكاري الأمريكي والغربي لا يمكنه منافسة الاقتصاد الاشتراكي الصيني، فقد كثّفت الولايات المتحدة والغرب في السنوات الأخيرة تحالفاتهما حول الصين: جمعت نسخة المحيطين الهندي والهادئ من حلف الناتو، وأنشأت منظمة الإطار الاقتصادي للمحيطين الهندي والهادئ ضد الصين، وحاولت إثارة الحرب الأهلية الصينية من أجل توحيد تايوان من خلال الاستفزازات السياسية والعسكرية بهدف فرض عقوبات شاملة ضد الصين، ووضع العراقيل أمام الاشتراكية الصينية وعملية التحديث.
مع ذلك، يمكن أن تصبح الأشياء السيئة أشياء جيدة أيضاً. نفّذت الصين نمطاً جديداً للتنمية يقوم على دورتي التداول المحلي والدولي «التداول المزدوج»، مما يعزز درجة الاعتماد على الذات، والاستقلالية، والاكتفاء الذاتي، والتحسين الذاتي للاقتصاد الوطني، والاستمرار في إنشاء وتحسين وتحديث الاقتصاد بشكل علمي، وتطوير سلاسل التكنولوجيا والسلاسل الصناعية، وسلاسل التوريد والسلاسل الاقتصادية والتجارية.
كما أنّ اقتصادات السوق الاشتراكية لفيتنام ولاوس، وكذلك الاقتصادات الاشتراكية ذات التخطيط المركزي لكوبا وكوريا الشمالية اللتان تحاصرهما الولايات المتحدة والغرب بشكل غير قانوني، ستحقق جميعها تنمية اقتصادية واجتماعية أكبر في القرن الحادي والعشرين. في العموم، القرن الحادي والعشرون هو قرن التنمية الاقتصادية الاشتراكية التي ستنقذ العالم من الانحطاط الرأسمالي.
*تشينغ إن- فو: الرئيس السابق لأكاديمية الماركسية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية «CASS»، وهو حالياً بروفسور رئيسي في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.

بتصرّف عن:
Cheng Enfu: Economic development in socialist countries–great achievements and future prospects

معلومات إضافية

العدد رقم:
1074
آخر تعديل على الإثنين, 13 حزيران/يونيو 2022 15:05