المدن الصناعية الثلاث  تكشف التراجع الاقتصادي في 2020

المدن الصناعية الثلاث تكشف التراجع الاقتصادي في 2020

لم تصدر الحكومة أرقاماً حول عام 2020 ومستوى التراجع والخسائر فيه، بل إن بعض التصريحات الرسمية تحدثت عن نموٍ اقتصادي! ولكنّ بعض الوقائع والمقارنات من واقع المدن الصناعية الأساسية الثلاث: عدرا العمالية في ريف دمشق، حسيا في ريف حمص، والشيخ نجار في حلب، توضّح أن تراجعاً هاماً جرى في العام الماضي على الصعد كافة، والوضع المحلي والدولي المضطرب اقتصادياً كانت له آثار هامة.

في تصريح لوزير الإدارة المحلية والبيئة، أعطى مؤشرات عامة عن واقع المدن الصناعية، التي إن قارناها بالأرقام المنشورة في تقرير المدن الصناعية الصادر عام 2019 عن هيئة الاستثمار يتبين توقف العديد من المنشآت وتراجع مستويات التشغيل.

تراجع لافت في عدد المنشآت المنتجة وقيد البناء

خلال عام 2020 تراجع عدد المنشآت المنتجة في المدن الصناعية الثلاث بنسبة قاربت: 16%، وتوقفت حوالي 400 منشأة منتجة عن الإنتاج. حيث تراجع عدد المنشآت الصناعية قيد الإنتاج في عدرا وحسيا والشيخ نجار من 2400 في عام 2019 إلى 2000 منشأة اليوم.
على ما يبدو كان التأُثير الأكبر على توقف عمليات بناء وإنشاء المنشآت الجديدة، والعديد ممن كانوا ينوون تأسيس مشاريع صناعية في هذه المراكز الاستثمارية أوقفوا أعمال البناء خلال فترة الاضطراب الحادة والطويلة العام الماضي. إذ تراجعت أعداد المنشآت قيد البناء بنسبة 36%، وتوقفت أعمال البناء في حوالي 1460 منشأة. ففي عام 2019 كان عدد المنشآت التي تبنى 3958 وتراجع إلى 2500 اليوم.

1021-i1

23 ألف عامل خسروا عملهم

انعكس هذا التراجع أيضاً على فرص العمل، إذ تراجع عدد المشتغلين في المدن بمقدار 23 ألف عامل، وبنسبة تراجع 15%. من حوالي 147 ألف عامل- في عام 2019- يعملون في المنشآت المنتجة وفي بناء المنتجات قيد البناء، وصولاً إلى 124 ألف.
أتت نسبة تراجع العمال مقاربة لنسبة تراجع عدد الشركات المنتجة: 15%، حيث أدى توقف 400 منشأة عن الإنتاج إلى هذا التراجع في عدد المشتغلين في المدن الصناعية. مع الإشارة إلى أن أرقام تراجع العمال قد تكون أكثر من ذلك، فعملياً الشركات الصناعية الكبرى والورش الحرفية السورية تعتمد بمعظمها (سياسة تخفيض التكاليف) المتبعة في القطاع الخاص عموماً: حيث يتم تخفيض العدد الرسمي للعمال ليتم تسجيل أقل عدد ممكن في التأمينات الاجتماعية. يضاف إلى هذا العدد، أن عدد عمال البناء المتضررين من تراجع عمليات الإنشاء في المدن الصناعية سيكون كبيراً أيضاً، نظراً للتراجع الملفت في أعمال بناء المنشآت في عام 2020، وبشكل عام، إن عمال البناء بمعظمهم عمال قطاع ظل وورش غير نظامية، لا تلحظهم الإحصائيات.

الاستثمارات استمرت نسبياً ولكن بمعدل متراجع

الاستثمارات الصناعية في المدن الثلاث لم تتراجع في عام 2020 بقيمتها المقدرة بالليرة السورية، بل ازدادت بمقدار 172 مليار ليرة، ولكن القيمة الفعلية لهذه الزيادة هي الأقل منذ عام 2016 عندما بدأت الاستثمارات تعود نسبياً لبعض المدن الصناعية.
فإذا ما قيست هذه الزيادة بسعر صرف الدولار التسعيري في السوق نهاية العام الماضي فإنها لا تتعدى 68 مليون دولار، بينما كانت قرابة 124 مليون دولار في 2019 ووصلت الزيادة السنوية في الاستثمارات ذروتها في 2018 عندما بلغت: 260 مليون دولار.

1021-i2

تعكس المقارنة بين آخر أرقام المدن الصناعية وعام 2019، أن التراجع الاقتصادي كان أكثر حدة في 2020 بسبب تأثيرات سعر الصرف، والتدهور المستمر في قيمة الليرة في العام الماضي، أكثر من تأثيرات الجائحة! وينعكس أثر تدهور قيمة العملة والعقوبات في التراجع الحاد في الاستثمارات الإضافية في المدن عامي: 2019 و2020. مقابل الارتفاع اللافت في هذه الاستثمارات خلال أعوام 2016-2017-2018 عندما كانت الأوضاع الأمنية والسياسية بالدرجة الأولى تفتح أفقاً نحو انتقال سورية إلى مرحلة أخرى، واحتمالات اقتراب إعادة الإعمار التي انعكست أيضاً في استقرار سعر الصرف، لتعود وتنتكس في 2019-2020.
الاستثمار الصناعي وتحديداً الكبير منه كالمتمثل في المدن الصناعية، يرتبط إلى حد بعيد بظروف الاستقرار السياسي والاقتصادي وكلاهما مترابطان.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1021