أمن غذائي أم مجاعات عالمية؟  تحالف («دافوس»/ بيل غيتس) مع الأمم المتحدة...

أمن غذائي أم مجاعات عالمية؟ تحالف («دافوس»/ بيل غيتس) مع الأمم المتحدة...

نشرت هذا الشهر كانون الأول 2020 منظمة La Via Campesina طريق الفلاحين التي تدافع عن حقوق الفلاحين والأمن والسيادة الغذائيين حول العالم تقريراً بعنوان: «قمّة تحت الحصار» يتحدث التقرير عن سيطرة الشركات متعددة الجنسيات وتأثيرها على تحضيرات «قمة الأمم المتحدة لأنظمة الغذاء 2021» ما يجعل العملية مبهمة وإقصائية، وهو الأمر الذي سيسهم في زيادة تعريض السيادة الغذائية- للبشر حول الكوكب- للخطر. تقدم لكم قاسيون فيما يلي أبرز ما جاء في هذا التقرير:

ترجمة قاسيون

منذ «قمة الغذاء العالمي» للأمم المتحدة في 1996، والصراع مع الشركات الكبرى قائم من أجل تثبيت مبادئ السيادة الغذائية، وإيجاد نموذج شامل لتحويل النظم الغذائية، واستعادة صحة شعوبنا وطبيعتنا. وقد سمحت هذه الآليات المؤسساتية بتحقيق الكثير من التطورات الهامة، بما في ذلك المبادئ التوجيهية حول حيازة الأراضي، والمبادئ التوجيهية لتأمين مستدام لمصائد الأسماك صغيرة النطاق، والعملية جارية فيما يتعلق بالمبادئ التوجيهية بشأن الزراعة الصديقة للبيئة. وعلى نطاق أوسع إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية. شكلت الكثير من هذه الآليات عقبات في وجه تحقيق الشركات الكبرى لجدول أعمالها، فضلاً عن المصالح الإمبريالية لاقتصادات النخب العالمية.

وفي كانون الأول 2019 تمّ الإعلان عن أهداف قمة الأمم المتحدة لأنظمة الغذاء 2021 «UN FSS21» المتمثلة في تعظيم منافع منهج الأنظمة الغذائية، والوقوف بوجه تحديات تغير المناخ، وصناعة أنظمة غذائية شاملة، ودعم السلام المستدام.

لكنّ UNFSS21 لم يجر كما هي العادة بناءً على تفويض أو قرار أو عملية حكومية دولية، بل اتُخذ القرار به من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بناء على طلب من «المنتدى الاقتصادي العالم» وهي منظمة تمثل مصالح النخب والشركات العالمية» وقد حظي المؤتمر بدعم قوي من عدد من المنظمات «الخيرية»-الرأسمالية كجهات راعية، وبعض الدول القوية التي تستقر فيها الشركات الكبرى.
ورغم أنّ أمانة القمة أعلنت بأنّها ستكون «أكثر قمّة مفتوحة على الإطلاق»، فحُكم القمة يبقى بشكل صارم في يد مجموعة من الشركات الدولية الكبرى، و«الخبراء» المختارين المعروفين بوصفهم مدافعين عنيفين عن الشركات الزراعية الكبرى.

الحركات الاشتراكية الكبيرة ممنوعة من المشاركة، إلّا في حوارات الأقنية الخلفية. وقد عمدت أمانة القمة عن قصد إلى عدم دعوة الحركات الاشتراكية المنظمة الكبرى ذات الصلة، مثل LVC وIPC، وقامت عوضاً عن ذلك بالاقتصار على دعوة أفراد غير منظمين أو من منظمات «وسطية» للانضمام إلى الكيانات الاستشارية للقمة. وقد تمّ تجاهل أي ممثلين فاعلين عن صغار منتجي الأغذية والمجتمع المدني والشعوب الأصلية.

في تشرين الأول 2020 أطلقت حركة «آلية المجتمع المدني CSM «دعوة مفتوحة للمنظمات والحركات ذات الصلة بالغذاء للانضمام، وبناء موقف موحد لتحدي القمة. وبعد شهر من ذلك، وقرابة العام على الإعلان عن المؤتمر، تمّت دعوة رئيس لجنة الأمن الغذائي العالمي لحضور المؤتمر والانضمام إلى اللجنة الاستشارية، وكذلك تمّت دعوة حركة «CMS» للمشاركة في مشاورات أصحاب المصلحة حول أهداف القمة.

لكنّ هذه الدعوات ليست أكثر من ذرّ للرماد في العيون، فوضع لجنة «الخبراء» المغلقة على رأس سياسة الغذاء العالمي أمر غير ديمقراطي على الإطلاق. لقد تمّ من قبل رفض هذه الفكرة بالإجماع، واستبدلت بلجنة الأمن الغذائي العالمي. لكنّ المسار الحالي للقمة ينسف كلّ شيء، ويسمح لنخب السطوة العالمية بشرعنة نفسها من جديد، بوصفها مهندسة مستقبل نظامنا الغذائي، عبر إطلاق العنان للشركات العابرة للحدود للاستمرار في مراكمة رأس المال وتدمير الكوكب.

سيطرة أكبر للشركات متعددة الجنسيات

تبدو سيطرة الشركات على وكالات الأمم المتحدة جليّة من خلال تعيين الدكتورة أغنيس كاليباتا كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة للإشراف على القمة، وهي الرئيسة الحالية «للتحالف من أجل ثورة خضراء في إفريقيا AGRA» المعبرة عن مصالح النخب العالمية والمرتبطة بشكل مباشر بصندوق غيتس. يظهر هذا بشكل جلي، وخاصة بعد إخفاق «AGRA» في تحقيق أيّ من أهدافها المعلنة في القضاء على الفقر وزيادة الإنتاج الزراعي في إفريقيا، والنجاح فقط بتعزيز قبضة الشركات العابرة للحدود على القارة الإفريقية، وتوسيع مدى سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على القمة، ورغبتها بتعزيز سيطرتها على النظام الغذائي العالمي من خلالها.

الشراكة بين المنتدى الاقتصادي العالمي والأمم المتحدة التي تمّ توقيعها في 2019 قد منحت في واقع الأمر للشركات متعددة الجنسيات حق وصول تفضيلي وامتيازي ضمن نظام الأمم المتحدة. نددت المنظمات الفلاحية بهذه الشراكة، وعبرت عن مخاوف جدية بشأن نزاهة الأمم المتحدة كنظام متعدد الأطراف واستقلالها وعدم تحيزها. فبالإضافة إلى ذلك نرى قيام الكثير من وكالات الأمم المتحدة، منها: اليونيسيف، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الصحة العالمية، واليونسكو، بتوقيع شراكات كبرى مع الشركات متعددة الجنسيات. ولهذا بتنا نرى المزيد والمزيد من سياسات الأمم المتحدة التي تعطي الأولوية للمصالح الخاصة وللمضاربين، عن المصالح العامة.

إنّ التحوّل المنهجي ليس ممكناً من خلال المقاربات الضيقة وتعزيز قبضة الشركات وتدمير الطبيعة. المقاربات والمناهج الشركاتية قد تمّت تجربتها مرات عديدة وأثبتت فشلها مرة تلو الأخرى، الفلاحون وصيادو السمك والشعوب الأصلية والرعاة وسكان الغابات والعمال الزراعيون، وكذلك المستهلكون في الأرياف والمدن، هم جوهر النظم الغذائية. وهؤلاء هم أصحاب الأصوات التي يجب أن تسمع داخل الأمم المتحدة.
فإن أرادت الأمم المتحدة أن تصبح مكاناً لريادة التغيير الحقيقي في أنظمة الغذاء فعليها أن تتوقف عن كونها معبراً عن صوت الشركات الكبرى والباحثين الناطقين باسم الجهات التي ترعاهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
999