الصين في إفريقيا ليست على الإطلاق قوة استعمارية! الشركات الصينية تستثمر في إفريقيا. والإعلام الغربي يتحامل عليها!
في الأيام المقبلة سينشر الكتاب الجديد ليورغ كروناور ضمن سلسلة «نصوص ملموسة» تحت عنوان «المنافس، الصعود الصيني كقوة عالمية ومقاومة الغرب». نوثّق فيما يلي ملخّصاً لفصل «أهي قوة استعمارية جديدة؟ الصين وإفريقيا». المحرر يشكر الكاتب ودار النشر للسماح بهذا التقديم ما قبل طباعة الكتاب. Junge Welt.
يورغ كروناور
تعريب: ديما النجار
لسنوات، كانت الانتقادات المتعلقة بالاستثمارات والعلاقات التجارية الوثيقة بين جمهورية الصين الشعبية والقارة الإفريقية من بين الموضوعات القياسية للجدل الغربي حول الصين ونهضتها العالمية. من الاتهامات المحببة للإعلام الغربي القول: إن الصين تدخل القارة الإفريقية «كقوة استعمارية جديدة». هذا ما ادعته جريدة Tagesspiegel بالفعل في شباط 2007 بقولها: إن تلك الدول الإفريقية هي مجرد «مستعمرات جديدة للصين». كذا الحال بقول جريدة Frankfurter Allgemeine Zeitung في حزيران 2000 بأن الصين تعمل في إفريقيا «كقوة استعمارية». وبشكل آخر تُعنون جريدة Tazفي نيسان 2010 «آسيا تفترس إفريقيا» ، ثم يقرأ المرء بأن «المنتجات التي ترسلها الصين لإفريقيا معروفة بسوء نوعيتها» تقول الصحيفة آسفة «الآسيويون هم الآخرون ليسوا أفضل» (المترجم: القصد ليسوا أفضل من المستثمرين الغربيين). مع كل هذه الموجة من الاستياء لم تستطع جريدة Süddeutsche Zeitung إلا أن تواكب الموجة فتكتب في كانون الثاني 2017 «الصين تضر إفريقيا بشكل مضاعف». كيف؟ تقول الجريدة «بشرائها المواد الخام وإرسالها البضائع المستوردة» فهي تفعل بالضبط ما لم ولن تفعله الدول الغربية في القارة الإفريقية. في صحيفة Deutschlandfunk Kultur يقرأ المرء في آذار 2018 «التبعية» الكثير من الدول تعود بذاكرتها عبر الصين إلى «القوة الاستعمارية الطاحنة في القرون الماضية», «مرحبا بكم في عصر الإمبريالية الجديدة بالصبغة الصينية».
ما أمر هذا الكم الكبير من الاتهامات المكرورة التي تكال ضد الأنشطة الصينية في إفريقيا؟ من الأفضل أن يذهب المرء إلى التفاصيل. وهذا ما فعله مجموعة من العلماء، الذين عملوا لصالح الشركة الاستشارية Mckinsey الذين ذهبوا إلى إفريقيا لمقاربة موضوع وجود الصين الشعبية في القارة الإفريقية. خبراء Mckinsey أجروا البحث في 8 دول تنتج مجتمعة حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي لجنوب صحارى، كما قابلوا حوالي 100 من ممثلي الحكومات والشركات الإفريقية، إضافة إلى مالكي ومديري أكثر من 1000 شركة صينية. ومن ذلك يتم الحصول على صورة متعددة الجوانب. على سبيل المثال: إن عدد الشركات الصينية الموجودة أي التي وجدها العلماء في الموقع- حسب كل بلد- أعلى مرتين إلى تسع مرات من الرقم المسجل لدى وزارة التجارة الصينية. بالاستقراء، وفقاً للتقرير الذي أصدرته شركة Mckinsey في حزيران 2017، ينبغي تقدير أن حوالي 12% من الإنتاج الصناعي الإفريقي، الذي يقدَّر بنحو نصف ترليون دولار أمريكي في العام يتم إنتاجه من الشركات الصينية. كما أن منتجات الشركات الصينية في معظم هذه البلدان معدة للاستهلاك المحلي وليس للتصدير. كما أن 90% من الشركات هي شركات خاصة، مما يدحض الافتراض الشائع بأن النشاط الاقتصادي الصيني في إفريقيا تسيطر عليه الشركات المملوكة من الدولة.
كما لاحظ فريق خبراء Mckinsey باستمرار: أن الوقائع في إفريقيا تنفي بعناد الادعاءات التي يقدمها الغرب بشأنهم. فمثلاً كثيراً ما تسمع في ألمانيا بأن الشركات الصينية في القارة الإفريقية توظف حصراً عمالاً صينيين، والسكان الأصليون لا يحصلون على شيء من هذه الوظائف. فريق Mckinsey توصل إلى أنه لا يمكن تأكيد هذا الافتراض، حيث إنه وفي أكثر من ألف شركة قاموا بالاستطلاع فيها وجدوا أن 11% من العمالة كانت من الصينيين مقابل 89% من البلدان الإفريقية، مما يسمح بالاستقراء بأن الشركات الصينية في إفريقيا قد وظفت عدة ملايين من الأفارقة. إضافة إلى ذلك، فإن ثلثي الشركات الصينية تقدم تدريباً مهنياً لموظفيها. ثلث الشركات الصينية قدمت تقنيات جديدة إلى السوق الإفريقية، مما ساعد في عدد من الحالات بتخفيض أسعار السلع المصنعة للسوق الإفريقية بنسبة تصل إلى 40% ولأن كاتبات وكاتبي التقرير لم يرغبوا بالتغاضي عن أي شيء، ذكروا في تقريرهم بأن فقط 44% من المناصب الإدارية المحلية يشغلها أفارقة. على الرغم أن بعض الشركات الصينية قد زادت هذه النسبة إلى 80%، إلا أنه لازال هناك حاجة إلى تحسين هذا الجانب. الأمر ذاته ينطبق على الامتثال لمعايير البيئة والسلامة في العمل. في بعض البلدان يمثل الفساد مشكلة خطيرة.
الاستيلاء على الأرض
من الادعاءات التي تُكال ضد الشركات الصينية، هي: إنها قامت بالاستيلاء على أراضٍ على نطاق واسع. وبأنه قد تم تشجيعهم بنشاط من حكومتهم على ذلك لأن بكين تريد إطعام سكانها من المنتجات الزراعية الإفريقية، ومما يزيد الطين بلة هو: انتشار المزارعين الصينيين على الأراضي الإفريقية.
ادعت صحيفة Zeit على سبيل المثال في آب 2009 بأن الصين كانت تشتري المزارع في شرق إفريقيا و«غالباً ما تجلب معها مزارعين صينيين للإدارة» وبلا ريبة تضيف الصحيفة: إن «كل هذا يحدث دون أن يلحظ دولياً أو وطنياً» بأن المزارعين الصينيين يأتون إلى موزامبيق ولا أحد عدا جريدة Zeit علمت ذلك! يقولون ذلك غالباً لأن لا دليل لديهم.
وبالطبع، زاد الحماس لهذه النقطة، غونتر نوك، «ناشط الحقوق المدنية» السابق في جمهورية ألمانيا الديمقراطية والمفوض حالياً من الحكومة الألمانية الفيدرالية بالشؤون الإفريقية. حيث قام بالتركيز على تقارير خادعة تقول بالاستيلاء الصيني على الأراضي الإفريقية. مما سمح لـ Springer Welt بصياغة العنوان المدهش «ألمانيا تلوم الصين على المجاعة». حيث أجرى نوك مقابلة لصحيفة Frankfurter Rundschau حول نقص الغذاء في شرق إفريقيا، وفي سياقها تحدث عن «بيع أراضٍ واسعة في إثيوبيا إلى دول كالصين» وأضاف بأن «الكارثة هي أيضاً من صنع الإنسان».
ما الذي حاول نوك أن يشتبه به، أن شراء الأراضي من الصينيين مسؤول جزئياً عن تجويع سكان إفريقيا؟ ديبورا براوتيجام، مديرة مبادرة أبحاث الصين إفريقيا في جامعة John Hopkins في الولايات المتحدة الأمريكية دُهشت لدى سماعها بذلك. حيث كانت قد عادت للتو من عمل ميداني مكثف في القرن الإفريقي. إذ لم تسمع لا هي ولا فريقان بحثيان آخران عن أي نوع من عمليات شراء الأراضي من الصينيين. باستثناء ما كتبته لاحقاً باقتضاب عن «هل ستغذي إفريقيا الصين» أنّه ربما «من حفنة من مزارع الخضروات التي تديرها الصين وتزرع «باك شوي وباذنجان» لتزويد المطاعم الصينية» وعندما التقت براويتجام بهوك لاحقاً واجهته بادعاءاته، فرد بأنه قد أُسيء فهمه.
منذ ذلك الحين، وبراويتجام ومبادرة أبحاث الصين- إفريقياCARI تهتم أكثر بشكل جذري ومنظم بموضوع الاستيلاء على الأراضي الإفريقية من الصين. في كثير من الأحيان كان الأمر مشابهاً لحالة موزامبيق، حيث إن ناشطاً محلياً واحداً أخبر صحفياً بأن الصينيين يزرعون الآن في «كل منطقة تقريباً». هذا الادّعاء غير المؤكد انتشر حول العالم. إلا أنه بعد ذلك قام باحثون بقضاء أربعة أشهر في موزامبيق لبحث لصالح مركز أبحاث الغابات الدولي القائم في إندونيسيا حول الاستثمارات الأجنبية في مجال الزراعة ولم يستطيعوا أن يجدوا أكثر من ثلاث مزارع يملكها صينيون.
بالمثل، ذهبت براويتجام وزملاؤها، بأن التقاير عن استيلاء الصينيين على الأراضي الإفريقية التي دققتها تتحدث عن 6ملايين هكتار «ما يعادل 1% من كل الأراضي المزروعة في إفريقيا» كما تشير الخبيرة بالشؤون الصينية- الإفريقية. ثلاث سنوات من الأبحاث الميدانية كشفت أن ثلث التقارير كانت وهمية. وفي حالات أخرى كان هناك نوع من الاستثمارات الصينية. تبلغ المساحة التي استحوذت عليها الشركات الصينية فعلياً حوالي 240 ألف هكتار، أي: 4% مما زعمته تقارير وسائل الإعلام الغربية.
فخ الديون
كما بحثت براويتجام وفريق مبادرة أبحاث الصين- إفريقيا CARIبشكل معمق موضوعاً آخر كثيراً ما يستخدم لمهاجمة الصين: القروض الصينية للدول الإفريقية! حيث أوردت Deutschefunk Kultur في آذار 2018 على سبيل المثال: إن الصين تحاول تثبيت نفسها «بشكل متصاعد كقوة قائدة في العالم» ومن أجل الحصول على السلطة تستخدم «أداة إستراتيجية» هي «قروض قصيرة الأجل لوضع بنية تحتية على مدى طويل»، «فخ ديون خبيث تقع فيه الدول الأخرى بشكل متزايد» وتستمر هذه البروباغاندا بأن هذه الدول المستدينة قد لا تتمكن من سداد الديون في الوقت المحدد، مما يسمح لبكين بممارسة الضغط عليها، وربما فرض الطاعة السياسية عليهم. وبأن الصين تربط «البلدان ذات الأهمية الإستراتيجية بها عبر دفتر شيكات»: «وعبرها تنشأ تبعية كبيرة، تذكر بالقوة الاستعمارية في القرون الماضية».
براويتجام، لم تقتنع بهذه الافتراضات استناداً إلى قاعدة بيانات شاملة لجميع البيانات المتاحة عن القروض الصينية المقدمة إلى البلدان الإفريقية، لاحظت براويتجام في نيسان 2018 بأن الجمهورية الشعبية قدمت لإفريقيا بين عامي 2000 و2015 قروضاً تعادل 95,5 مليار دولار أمريكي. وبذلك تكون الصين ليست أكبر دائن للدول الإفريقية، فما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تحتفظ بهذا الشرف!!
إضافة إلى ذلك، لا تُعد القروض الصينية عموماً قروضاً قصيرة الأجل، بل لديها «معدلات فائدة منخفضة نسبياً وفترات سداد طويلة بالمقارنة مع غيرها» وبغض النظر عن ذلك فإن 40% من هذه القروض مخصص لمشاريع توليد الطاقة ونقلها، 30% لتطوير البنية التحتية للنقل. ففي قارة لا يزال فيها 600 مليون شخص لا يحصلون على الكهرباء وكثير من شوارعها وسككها الحديدية متداعية تكون مثل هذه القروض ليست فقط منطقية، بل هامة الأهداف.
قبل فترة وجيزة من انعقاد قمة المنتدى التعاون الصيني- الإفريقي FOCAC في بكين في أيلول 2018 قامت مبادرة أبحاث الصين- إفريقيا مرة أخرى بالبحث في موضوع القروض الصينية الإفريقية بشكل مكثف، حيث سيعلن في هذه القمة عن جولة أخرى من القروض الصينية لإفريقيا. ركزت CARI على 17 دولة إفريقية الأكثر عرضة لعدم القدرة على سداد الديون. اتضح أن طبيعة القروض الصينية في ثمانية من هذه البلدان لم تكن السبب في مشاكل عدم سداد الديون، حيث كانت الأسباب تعود لأمور أخرى (كالحرب الأهلية في جنوب السودان) أو وُجد أن القروض الصينية كانت منخفضة جداً كما هو الحال في Cabo Verde حيث شكلت مالا يزيد عن 2% من إجمالي القروض. في ست دول أخرى لعبت القروض الصينية دوراً أكبر، ولكنها لم تكن بأية حال المسؤول عن مشاكل الديون. حيث أقرض المانحون لأثيوبيا 17 مليار دولار منها 12 مليار دولار من الصين، بينما في غانا بلغ القرض الصيني ما قيمته حوالي 4 مليارات دولار أمريكي مقابل ما يصل إلى 21 مليار دولار دَينٍ عام.
تلعب القروض الصينية حسب CARI دوراً سائداً في جمهورية الكونغو وجيبوتي وزامبيا.
في كونغو، كان الوضع مربكاً جداً حيث قام رئيس الكونغو في أيلول 2018 بزيارة بكين شخصياً لمعرفة إلى أي حد بلاده مَدِينة الآن. وكان 7,1 مليار دولار أمريكي. من ناحية أخرى، يتعين على جيبوتي سداد أكثر من ثلاثة أرباع ديونها للبنوك الصينية. وزامبيا لديها ديون تعادل 8,4 مليار دولار أمريكي، منها 6,4 مليار للصين. هذه الدول الثلاث لديها بالفعل مشاكل جدية مع الديون الصينية. كيف ستتعامل بكين مع الأمر؟! هذا سيكون اختباراً لسياستها في إفريقيا.
«المزاج المعادي للغرب»
هناك بعض الأدلة التي تقول - فيما يتعلق بالقارة الإفريقية- بأن دول الغرب في صراعها على السلطة تخسر مقابل الصين. في تشرين الثاني 2017 في قمة الاتحاد الأوروبي- إفريقيا قُدّمت أرقام محرجة. على الرغم من تقديم الكثير من الوعود، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي بأنه سيقدم 4 مليارات يورو لدعم الشركات الخاصة عبر منح للاستثمارات الخاصة في القارة الإفريقية. كما افترض جون كلاود يونكر رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بأنه سيكون بمقدورهم تعبئة ما يصل لـ 44 مليار يورو لأجل هذا الهدف. وهذا أمر يعرفه المرء: بأن الاتحاد الأوروبي يعد بأشياء وأمور مماثلة ولكن نادراً- وهذا فرق هام عن الصين- ما يطبق وعوده. بينما تحدث دونالد تاسك رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي عن «قمة ناجحة» وصف المراسلون الحدث بأنه «بائس». حيث «انتهى ببيان مائع» فيه الكثير من الوعود الرنانة والقليل من الملموسة.
علاوة على ذلك، لم يكن مسيطراً في القمة أشياء تقدمية تتطلع للمستقبل، من خطط استثمارات ملموسة أو التزامات بقروض موثوقة أو برامج منح دراسية كبرى للشباب، يمكن تحقيقها بالفعل، إنما طلب الاتحاد الأوروبي بأن الدول الإفريقية عليها أن توقف الهجرة إلى أوروبا. ولم يكن هذا أقل ما طالب به المفوض بالشؤون الإفريقية عن الحكومة الفيدرالية غونتر هوك. ومع ذلك، فقد قامت القمة بخطوة للأمام حيث «أعلنت القمة رسمياً بأن العلاقة المستقبلية مع إفريقيا ستكون «شراكة ند لند» فالسياسة الصينية في إفريقيا تضغط الاتحاد الأوروبي.
لا يخفى على شعوب القارة هناك، الاختلاف في التعامل معهم. هذا ما تُريه استطلاعات رأي أجريت في بلدان إفريقية عن موقف الناس من الصين. أحد هذه الاستطلاعات أجرته Afroparameter وهي شبكة لعموم إفريقيا مرتبطة بمواقع غربية أحد مموليها وزارة الخارجية، وفيها ممثلون عن مؤسسة Bertelsmann. نشرت Afroparameter نهاية عام 2016 نتائج دراسة استقصائية لما يقارب 54 ألف نسمة من 36 دولة إفريقية، كممثلين عن ثلاثة أرباع سكان القارة. حيث وجد أن 63% يجدون التأثير الصيني «جيداً نوعاً ما» إلى «جيد للغاية» وفقط 15% قالوا عنه «سلبي».
التقييمات الإيجابية استندت بشكل رئيس على أن الصين أنشأت بنى تحتية، وقامت باستثمارات، وبأن أسعار المنتجات الصينية أرخص بكثير، ومع ذلك فقد ساهم انخفاض الأسعار والجودة المنخفضة في التقييمات السلبية. تجدر الملاحظة إلى أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت لا تزال تُعتبر النموذج الأكثر جاذبية لتنميتها الوطنية حيث صنفها 30% كذلك. إلّا أن 24% قد عبروا عن فهمهم بأن نموذج التنمية الصيني أفضل من ذاك في الولايات المتحدة. اعتقد فقط 13% أن قوى الاستعمار القديمة، أي: دول أوروبا، مثالية في شؤون التطوير. حيث إن 28% كان لديهم شعور بأن القوى الاستعمارية القديمة مازالت تمارس أقوى نفوذ خارجي على إفريقيا. واعتبر 23% أن الصين هي القوى الخارجية الأكثر نفوذاً في إفريقيا.
إن صُنّاع السياسة الخارجية الألمان قلقون من هذا التطور. على سبيل المثال: يقرأ المرأ كنموذج التقرير الصادر عن فرعKonrad- Adenaur- Stiftung التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU في السنغال.
«تتمتع الصين في السنغال بسمعة حسنة وتمتدح على كفاءتها والتزامها» كما ذكر تقرير Adenauer- Stiftung بأن «الإعلام يبث تقارير إيجابية عن الوجود الصيني» ويقول التقرير آسفاً: إن «الشعب (...) يأخذ المصالح التجارية والتبعية للقروض الصينية، وبالتالي لإرادة الصين بصورة غير نقدية ودون التفكير بانعكاساته». إن هذا مثير للاهتمام بشكل خاص لأن الأثر الاقتصادي والسياسي للسلطة الاستعمارية الفرنسية السابقة كانت دائماً تُنتقد (المترجم: المقصود من الأفارقة). بشكل عام، يزداد «المزاج المعادي للغرب» وهذا بالمناسبة «لا يعود فقط» ولكن أيضاً «للنقاش عن موضوع الهجرة». من الواضح أن Adenauer- Stiftung ليست مرتاحة تماماً لحقيقة أنه: قد ولّت الأزمنة، التي لطالما استطاع فيها الأوروبيون بثقة تجاهل حساسيات الشعوب الإفريقية، لأنه لم يكن هناك بديل عن التعاون مع القوى الاستعمارية القديمة بأية حال!.
عن جريدة Junge Welt بتصرف.
تأسست صحيفة (يونغه فلت- العالم الشاب) في عام 1947 بروح مناهضة للفاشية كصحيفة أسبوعية في برلين. وغدت منذ عام 1952 يومية، تطورت عام 1989 إلى أعلى توزيع في ألمانيا الشرقية، أصبحت (العالم الشاب) ذات شعبية كبيرة كصحيفة شبابية. بعد خصخصة العالم الشاب عن طريق بيع العلامة لمجموعة برلين الغربية الإعلامية، أوقفت في نيسان 1995. ثم قام العاملون في الصحيفة بعد ذلك بتأسيس دار الناشر 8 أيار وتمكنوا من اظهار الطابع الماركسي ل(العالم الشاب) حتى اليوم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 922