عالم جديد من النفط

عالم جديد من النفط

أتى اتفاق فيينا الأخير ليوضح أن عالم السيطرة والتحكم في قطاع النفط قد تغير، فالهيمنة السعودية- الأمريكية، عبر النفط والدولار لم تعد حصرية. المنتج السعودي الأكبر الذي كان يترأس مجموعة أوبك النفطية طوال عقود، لم يعد قادراً بمفرده على التحكم بالسوق. والمستهلك الأكبر الأمريكي سابقاً، أزاحته الصين عن موقعه، بحصة 17% من سوق النفط العالمي، وفتحت الباب لاستجرار النفط باليوان إلى جانب الدولار.

اجتماع مجموعة opec+ في فيينا الأسبوع الماضي، يعبر عن تغيرات سوق النفط. فالاجتماع الذي يضم مجموعة أوبك مع مجموعة أخرى من الدول المنتجة في مقدمتها روسيا، المنتج الثاني العالمي، أصبح تقليداً على ما يبدو لإدارة الإنتاج والسعر. حيث نجحت روسيا مع السعودية والدول الأخرى بالوصول إلى اقتطاعات في الإنتاج العالمي، لتجنّب التراجع الكبير في السعر خلال الفترة الماضية. وتم التوصل إلى اقتطاعات بمقدار 800 ألف برميل يومياً، 230 ألفاً منها من روسيا، و250 ألفاً منها من السعودية، والبقية موزعة على الأعضاء الآخرين، مع استثناء لإيران وليبيا ونيجيريا وفنزويلا، وثبت السعر عند 61 دولاراً للبرميل. وبالمقابل شهد هذا الاجتماع إعلان قطر انسحابها من منظمة أوبك، وهي من أقدم الأعضاء، ورغم أنَّ إنتاجها لا يشكل إلا 2% من إنتاج أوبك، إلا أن لخروجها دلالات على تغيرات في الحلف النفطي المتشكل في عام 1960.
التعاون الروسي السعودي نقطة فاصلة في تغيرات أوزان إنتاج النفط العالمي، وهذا بحد ذاته انقلاب كبير. فحرب النفط الأخيرة كانت سعودية أمريكية وكانت تستهدف روسيا قبل غيرها، عندما انخفضت أسعار النفط من 100 للبرميل إلى أقل من 50 في عام 2014. ولكن الثمن الذي دفعته السعودية قبل غيرها، غيّر الاصطفافات في معارك النفط. فالولايات المتحدة التي أصبحت المنتج الأكبر عالمياً والتي تستهلك جزءاً كبيراً من نفطها، صارت في صف المطالبين بتخفيض السعر، بينما السعودية تنسق مع الروس لمنع تكرار أزمة عام 2014...