موازنة 2019 (4) الإنفاق على الصحة: 1200 ليرة شهرياً للفرد!
سيبلغ الإنفاق الحكومي على مجمل خدمات الصحة في موازنة 2019 ما مقداره: 266 مليار ليرة... وحوالي: 611 مليون دولار، وفق سعر الصرف المحدد في الموازنة 435 ليرة مقابل الدولار.
ومن ضمن هذه المبالغ الإنفاق على المستوصفات والمشافي، التي تعيد جزءاً من الإنفاق عليها، عبر الرسوم والأجور لقاء الخدمات الصحية العامة. إضافة إلى حوالي 114 مليار ليرة للأدوية والمستلزمات الطبية والمخبرية التي تقوم الحكومة بتأمينها، بما يعادل تقريباً 260 مليون دولار.
حصة الفرد من هذا الإنفاق
بتقسيم هذه المخصصات الحكومية على عدد الأفراد المتواجدين داخل سورية، والمقدرين بحوالي 18,28 مليون نسمة (وفق تقديرات un-wpp) تتبين الحصة السنوية للفرد في داخل سورية.
حيث ستبلغ حصة الفرد من موازنة 2019: 14551 ليرة سنوياً على الصحة، وحوالي 33 دولاراً سنوياً للفرد. ما يعود شهرياً لما يقارب: 1212 ليرة شهرياً للفرد، ويعادل: 2,8 دولار شهرياً.
وهو ما يعني: أن حصة الفرد من إنفاق الصحة قد انخفضت عن مستوى عام 2010 بنسبة 21%، عندما كانت حصة الفرد السنوية من الإنفاق على الصحة تقارب 42 دولاراً سنوياً (world bank stats).
أما بالمقارنة مع الوسطي العالمي لحصة الفرد من الإنفاق العام على الصحة، فلا يمكن المقارنة... إذ أن حصة الفرد السنوية عالمياً تقارب 554 دولاراً، مقابل 33 دولاراً للفرد في سورية!.
فعلى سبيل المثال لا الحصر: تبلغ حصة الفرد في تركيا 355 دولاراً سنوياً من إنفاق الحكومة على الصحة، وفي إيران 195 دولاراً، وفي مصر تقارب 156 دولاراً سنوياً، ويرتفع الوسطي في العالم العربي إلى 200 دولار سنوياً للفرد، أما في الاتحاد الأوروبي يصل الوسطي إلى 2500 دولار سنوياً للفرد تقريباً..
حصة الصحة من موازنة الدولة
لا تشكل نفقات الصحة إلّا نسبة 6,8% من الموازنة الإجمالية للحكومة، وهي نسبة منخفضة في سورية تاريخياً، حيث كانت في أعلى حالاتها في عام 2003 قد بلغت 7,5% من إجمالي الإنفاق.
أما بالمقارنة بالحصص التي تخصصها الحكومات للإنفاق على الصحة في موازناتها، فأيضاً الفرق كبير، حيث وسطياً وعبر العالم تخصص الحكومات نسبة 15% من موازناتها للإنفاق على الصحة، وتصل هذه النسبة في إيران إلى 22%، وفي تركيا تبلغ 10%، أما في الاتحاد الأوروبي فتقارب 16% من مخصصات الإنفاق الحكومي.
في عام 2010 قُدّر الإنفاق الصحي للسوريين بحوالي 94 دولاراً سنوياً للفرد، ولم يكن الإنفاق الحكومي يغطي إلا نسبة 45% وأقل من نصفه، بينما يضطر السوري ليغطي النصف الآخر من إنفاقه بشكل مأجور... اليوم لا توجد تقديرات لإنفاق الفرد السوري الإجمالي على الصحة، رغم أن المنطق يقول: إن حاجاته إلى الإنفاق الصحي أصبحت أعلى، مع مجموعة مؤشرات تدهور الوضع الصحي العام، وسوء التغذية وارتفاع نسب الأمراض المزمنة، وغيرها الكثير من المؤشرات، التي تنعكس في ارتفاع نسبة الوفيات، وانخفاض وسطي العمر بمقدار أربع سنوات ونصف لأي سوري! (قاسيون 887).هذا عدا عن ملايين الجرحى وضحايا المعارك من السوريين، الأمر الذي يتطلب عموماً وضعاً استثنائياً للإنفاق الصحي، من موازنات تتوسع أرقامها سنوياً دون أن تؤدي إلى حدوث فرق نوعي في طبيعة الخدمات، أو طبيعة الإنتاج الاقتصادي، أو طبيعة دور الدولة وفعاليته.
تعمل في سورية اليوم مشافٍ خاصة بعدد أكثر من المشافي العامة، 393 مشفى خاصاً مقابل 112 مشفىً حكومياً عاماً. ولكن بالمقابل فإن عدد الأسرّة في المشافي العامة ضعف عدد الأسرّة في المشافي الخاصة، وجرى فيها عمليات جراحية في عام 2016 بعدد أكبر بمرتين ونصف من العمليات الجراحية التي جرت في المشافي الخاصة.. وقصد الإسعاف ي المشافي العامة أكثر من 2,6 مليون سوري، بينما قصد إسعاف المشافي الخاص أقل من 140 ألف حالة فقط في 2016...
إن زيادة الإنفاق الصحي على المشافي الحكومية العامة، وعلى المستوصفات والمخابر، وزيادة خدماتها، مؤشر تنموي ضروري، فالسوريون بمستويات دخلهم لا قدرة لهم على دخول المشافي الخاصة، وتحمل نفقاتها، وهم بأمس الحاجة إلى زيادةِ حصتهم من المال العام المخصص للإنفاق على الصحة العامة.