فوسفات الشرقية  للديون الإيرانية

فوسفات الشرقية للديون الإيرانية

عندما تداولت وسائل الإعلام المحلي، خبر إقرار مجلس الشعب لعقد استثمار الفوسفات في منطقة الشرقية في تدمر، بالشراكة مع طرفٍ إيراني، لم يتم تداول المعلومات حول تفاصيله... بل أعلن فقط أنه عقد شراكة لاستثمار الفوسفات في المنطقة، نشرت صحيفة صوت الشعب مؤخراً تفاصيل حول العقد من جلسة مجلس الشعب التي أقرته.

قاسيون تناقش تفاصيل العقد، الذي يتبين أنه طريق الحكومة لسداد الديون الإيرانية.

أقر مجلس الشعب في جلسته المنعقدة بتاريخ 7-6-2018 مشروع القانون المتضمن تصديق العقد رقم 491/س، الموقع بين الحكومة السورية ممثلة بوزارة النفط والثروة المعدنية، والحكومة الإيرانية، حول الاستفادة من مناجم الفوسفات في منطقة الشرقية تدمر.
تبين التفاصيل المنشورة، أن أية حصة للحكومة من عقود استثمار الفوسفات في المنطقة، ستكون مناصفة مع الطرف الإيراني. وذلك لسداد الديون، سواء كانت العقود مع الطرف الروسي أو الإيراني.
حصة الحكومة 30% فقط
ونصفها للطرف الإيراني!
كانت معلومات سابقة لقاسيون، قد أشارت إلى أن منطقة الشرقية قد قسمت إلى 3 بلوكات، اثنتان منها استثمار روسي، والثالثة استثمار إيراني، وبالشروط ذاتها. حيث على الطرفين رفع مستويات الإنتاج إلى 10 مليون، ومقابل الحصول على نسبة 70%، بينما تحصل الحكومة على 30% فقط. ليتبين الآن أن هذه الـ 30% سيذهب نصفها إلى الطرف الإيراني لتسديد الديون!
لتكون حصة الإيرانيين في مناطق الاستثمار الروسي 15%، وحوالي 1.5 مليون طن سنوياً، ربحها التقديري على مدى 50 عاماً 2.7 مليار دولار!
أما في المنطقة التي سيستثمرها الطرف الإيراني، فإنه عملياً سيحصل على 70% حق استثمار، وعلى 15% من حصة الدولة لتسديد الديون، أي: نسبة إجمالية 85%! فإذا ما كان العقد ينص على رفع الإنتاج إلى 10 مليون طن أيضاً، فإننا نتحدث عن حصة سنوية للطرف الإيراني: 8.5 مليون طن، وربحها التقديري حوالي 306 مليون دولار سنوياً، وخلال 50 عاماً فإن الربح سيقارب 15.3 مليار دولار. (وفق تقديرات قاسيون للربح من طن الفوسفات 36 دولار للطن)
الديون غير المعلنة
3,5 مليار دولار!
لا يوجد إعلان حكومي حول الحجم الإجمالي للقروض الخارجية، خلال سنوات الأزمة، ولكن بيانات الموازنات السورية العامة خلال سنوات الأزمة، بدأت تسجل منذ عام 2013 في الموازنات الحكومية تحت بند «الموارد والقروض الخارجية» والتي تبلغ بمجموعها قرابة 500 مليون دولار، حتى عام 2018. (وفق حسابات قاسيون بتعديل المبالغ الموضوعة في الموازنات بالليرة، وتعديلها وفق سعر صرف الموازنات العامة).
ولكن معلومات تشير إلى أن الخطوط الائتمانية وديون إضافية دورية إيرانية غير معلنة تضاف إلى الديون الحكومية.
أما بالاستعانة ببيانات الديون الدولية الصادرة عن البنك الدولي حول سورية، يتبين أن حجم الديون الخارجية المضمونة حكومياً بلغت في عام 2016: 3.5 مليار دولار. وهي ديون توصف بأنها طويلة الأجل، ومقدمة من جهات حكومية. (2018 International Debt Statistics)
استثمار الفوسفات من الطرف الإيراني، مع حصة النصف من الحصة الحكومية القليلة... سيتيح أرباحاً تفوق 16 مليار دولار خلال خمسين عاماً، وهي مدة عقود استثمار الفوسفات. وهي تفوق الديون الحكومية الإجمالية المعلن عنها، والمسجلة في البيانات الدولية!
سورية تستحق تعويضات لا التزامات!
بعيداً عن التفاصيل والأرقام، فإن لجوء الحكومة إلى سداد الديون المترتبة في المرحلة الحالية الاستثنائية، عبر تقديم امتيازات استثنائية في القطاعات عالية الربح، مثل: قطاع الثروات المعدنية كالفوسفات... هو خيار غير سليم. إن سورية في المرحلة المقبلة، يجب أن تستحق تعويضات دولية وإقليمية عن مجمل الخسائر والأضرار التي تكبدها اقتصادنا ومواردنا، وقوانا البشرية خلال سنوات الحرب، وستكون هذه التعويضات مستحقة أيضاً للأطراف والقوى التي مدت سورية وساعدتها. ومن غير المنطقي أن يترتب علينا في اللحظة الحالية التزامات، تسدد بطريقة تحقق أرباحاً وليس تعويضاً فقط للأطراف المساهمة!
مجمل الاتفاقات الاستثمارية التي تعقدها الحكومة في اللحظة الحالية، وتحديداً في القطاعات عالية الربح كالفوسفات وغيره... هي اتفاقات تتضمن خسائر مستقبلية، وأثماناً سندفعها من القرارات غير المدروسة والمتخذة تحت ضغط الظروف الحالية. فالسوريون بعد كل ما دفعوه، أولى باستثمار ثرواتهم المعدنية، وتحديداً إذا ما كانت إمكانية استثمار هذه الثروات متاحة في اللحظة الحالية، حيث إن توسيع إنتاج الفوسفات يتطلب مبلغاً استثمارياً 150 مليون دولار فقط، وهو يشكل نسبة 1.4% فقط من موازنة 2018!

قد يقول قائل: إن تسديد الديون الخارجية، هو حماية للسيادة السورية، وهذا بطبيعة الحال قول حق... ولكن إن كان أصحاب القرار الاقتصادي السوري في سنوات الأزمة حريصين على سداد الديون، فلماذا لم تخصص الخمسة مليارات دولار التي أنفقت من الاحتياطي على سوق القطع الأجنبي، ومضاربيها... لسداد الديون، وبأي حق يتم تسديد الديون بعقود استثنائية الربح ومديدة، في الثروات المعدنية السورية التي قد تكون واحدة من دعائم إعادة الإعمار، لتسدد من عائداتها الديون لاحقاً؟! كثير من الأسئلة لا تلقى جواباً. إلا أن الجواب متضمن في التساؤل، فاللحظة الحالية تتطلب قرارات اقتصادية وطنية، وهذه تحتاج إلى حكومات تنطلق من مصلحة الشعب والوطن فقط، وليس كما هو الحال اليوم...

آخر تعديل على الأربعاء, 05 أيلول/سبتمبر 2018 19:57