كيف ارتفعت الأسعار في 2016 بنسبة 67%..

كيف ارتفعت الأسعار في 2016 بنسبة 67%..

أجرت قاسيون حسابها لتكاليف المعيشة الشهرية لأسرة من خمسة أشخاص في دمشق، على مدار العام الماضي، وفي نهاية كل ربع من أرباعه، أي كل 3 أشهر، وتبين أن نسبة ارتفاع أسعار مكونات الاستهلاك بلغت 67% تقريباً خلال عام..

وفي هذا العدد نحاول أن نقرأ التغيرات بين كل ثلاثة أشهر للمكونات الأساسية المساهمة في الارتفاع لنربطها بالتغيرات الأساسية الجارية خلال العام، فما الذي ارتفع ومتى؟!

البداية من مجموع تكاليف المعيشة وارتفاعاتها خلال أرباع السنة، أي في الربع الأول نهاية شهر 3، والربع الثاني نهاية شهر 6، والربع الثالث نهاية شهر 9، والربع الرابع نهاية شهر 12- 2016.

ستة أشهر من المضاربة

ساهم النصف الأول من العام، وحتى نهاية شهر حزيران بنسبة: 46% من ارتفاع الأسعار لمكونات الاستهلاك الأساسية كافة، حيث تقاربت نسبة الارتفاع بين الأشهر الثلاثة الأولى، والأشهر الثلاثة الثانية، كما يظهر الشكل.

والسمة الأساسية للنصف الأول من 2016، كانت موجات المضاربة المتتالية على قيمة الليرة، عبر المتاجرة بالدولار، وارتفاع سعر الصرف.

حيث ارتفع فيها سعر صرف الدولار، بنسبة 58% في السوق، من نقطة الانطلاق 390 ليرة مقابل الدولار وصولاً إلى الذروة في نهاية شهر آيار وبداية شهر حزيران 620 ليرة مقابل الدولار، ثم انخفض إلى قرابة 480 ليرة مقابل الدولار.

وهذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ليس فقط لأن أغلب السلع مستوردة، أو معتمدة على مدخلات مستوردة، بل لأنه يضعف الطلب على الليرة، ويؤدي إلى تراجع في عمليات إنتاج أو استيراد أو حتى بيع السلع نتيجة التخبط، وتتقلص عمليات البيع والشراء وبالتالي عرض السلع وترتفع أسعارها. وقد شهدت السوق السورية، فقدان مواد أو توقف تداولها في السوق خلال فترات المضاربة في هذا العام، وحصل محتكرو السلع الأساسية على أرباح استثنائية من ظرف الاضطراب، الذي يغذيه قيام السياسات في ظروف المضاربة، بتأمين الدولار للسوق، وليس السلع للناس.

أما عن سبب توسع المضاربة في النصف الأول من العام، فنستطيع القول بأن محفزات المضاربة موجودة وتتعزز بشكل دائم، فطالما أن القلة التي تتمركز عندها الموارد تطلب الدولار بشكل دوري لتحول ربحها من ليرة لدولار، وطالما أن السياسة النقدية تستجيب، وتقدم لها الدولار بسعر منخفض، فإن إمكانيات تحقيق أرباح كبيرة من فوارق سعر الدولار واتجاهات هبوطه وصعوده، ستبقى تحفز السوق لتوسيع موجات المضاربة. ولكننا نستطيع القول أيضاً: أن حديث جهات وأوساط شبه رسمية، في بداية العام عن عملية تحرير سعر الصرف، كانت واحداً من حوافز سعي السوق إلى تحصيل أكبر قدر من الدولار في أقل وقت.

وقد ارتفعت مكونات الاستهلاك كافة خلال هذه الفترة، إلا أن أشدها ارتفاعاً، كانت المكونات الأشد ضرورة، والتي تقع عادة نصب أعين المحتكرين، حيث لا مفر للناس من استهلاكها، وهي الغذاء الذي ساهم النصف الأول من العام بنسبة 77% من ارتفاع أسعاره الإجمالي، والسكن الذي ساهم النصف الأول بنسبة 63% من ارتفاع أسعاره الإجمالي.

ستة أشهر رفع مباشر

أما بالنسبة إلى ارتفاعات الأسعار في النصف الثاني من عام 2016، والتي بلغت 21% تقريباً. فهي لا ترتبط بتغيرات سعر صرف الدولار، ولذلك فإنها لم تنخفض بسبب انخفاض سعر صرفه، وتراجع حدة المضاربة، بل ارتفعت الأسعار بسبب قرارات الرفع المباشر للأسعار، التي أخذت مفعولها خلال هذه الفترة، فمن ارتفاع أسعار الاتصالات بنسبة 55%، إلى ارتفاع أسعار المحروقات بنسبة 37%، التي رفعت مباشرة تكاليف التدفئة والغاز والنقل والألبسة، وأدت بشكل غير مباشر إلى ارتفاع أسعار المكونات كلها. حيث ارتفعت تكاليف مكون السكن الذي يضم التدفئة والغاز، بنسبة 16.9% في الربع الثالث من العام.

كما أن الربع الأخير من العام شهد تراجعاً في الإنتاج المحلي، وتعطل جزء هام منه، بسبب تراجع التزويد بمصادر الطاقة، بعد أن تبين أن الحكومة غير مجهزة لأية طوارئ في تراجع التزود بالغاز الطبيعي، ومع توسع أزمات الوقود، الناجمة عن فشل تأمين تدفق مستمر في استيراد الوقود، والتقشف في تكاليفها، والغنائم من احتكارها.

لم يزدهر ويتوسع أي عرض للسلع في السوق، إلا (سوق المنهوبات)، فقد شهد النصف الثاني من العام انخفاضاً في تكاليف الأثاث المنزلي، وهوالمكون الوحيد الذي انخفضت أسعاره الوسطية في النصف الثاني عن النصف الأول، والسبب يعود إلى توسع كبير لسوق المستعمل، أو بشكل أدق انتظام العرض في سوق «التعفيش».

معلومات إضافية

العدد رقم:
793