اقتصاد القرارات الخاطئة والهوية الضائعة لايصححه قرار واحد فقط
بين الفائض والملفات الفائضة، كانت العملية الإصلاحية في القطاع العام الصناعي، لكن لم يخف على أحد أن المحسوبيات والمصالح الشخصية اللتين شكلتا الدافع الأبرز للعملية، واستحقاقات الانضمام إلى الاتفاقات الدولية التي أثرت على مفهوم وكيفية الإصلاح، قد أفرغت تلك العملية من محتواها الحقيقي، فانقلب الإصلاح بذلك إلى «تصليح» يستفيد منه المقربون والمدعومون الذين لامصلحة لهم بالاصلاح الاقتصادي الذي يفضي الى اقتصاد مواجهة، لذلك بقيت الشركات العامة التي تمحور حولها خطاب الإصلاح غارقة في مشاكلها المتراكمة.
شركة عدرا للإسمنت
تشكل هذه الشركة نموذجاً صارخاً على عدم صوابية القرارات الحكومية واقتصاد القرارات الخاطئة، التي تركت آثاراً سلبية كبيرة كان يمكن تلافيها بقليل من الحكمة وروح المسؤولية تجاه الوطن، خاصة وإن كافة مستلزمات إنتاج هذه الصناعة (الإسمنت) موجودة وبكثرة في بلدنا، إضافة إلى أنها لا تحتاج إلى تكنولوجيا عالية.
قام الفنيون في الشركة بإجراء دراسة تطويرية للخطوط بشكل يزيد إنتاجها من 800 طن يومياً إلى 1200 طن يومياً، وذلك بالتعاقد مع شركة أوستر بلاين النمساوية التي تعهدت بتنفيذ هذه الدراسة، حيث بلغت قيمة التعاقد 50 مليون ل.س وتم بعد ذلك توريد القطع التبديلية للشركة بعد أن تم التثبيت وفتح كافة الاعتمادات لتصل التكلفة إلى حدود (1) مليار ل.س.
بعد كل هذه الجهود قامت وزارة الصناعة بعرض هذه الشركة للاستثمار الخاص، وفق شروط مجحفة لا تراعي أدنى المصالح الوطنية، خاصة في موضوع مدة العقد المبرم المحدد (16) سنة، أي أن المستثمر سيسلم المعمل بعد انتهاء مدة العقد على شكل بقايا خردة بسب الاهتلاكات الناتجة عن التشغيل، وذات الشيء بالنسبة لحقوق العمال لأن الاستثمار شمل بالقانون رقم (10)، أي أن المستثمر الأجنبي بموجب هذا القانون سيكون غير ملزم بقانون العمل رقم (49) لعام 1962 الذي يحمي العامل من التسريح التعسفي على عكس ما طرحته الحكومة في خطاباتها وتصريحها بضمان حقوق العمال.
مؤخراً اتخذت الحكومة قراراً ثورياً تراجعت بموجبه عن عرض الشركة للاستثمار الخاص، لكن القرار المذكور وإن أطلق ارتياحاً واسعاً في صفوف العمال وأنصار القطاع العام، إلا أنه لم يمر بدون نتائج سلبية، لأننا خسرنا أكثر من ثلاث سنوات كان يمكن من خلالها تطوير الشركة وزيادة طاقتها الإنتاجية، خاصة وأن الدراسة كانت جاهزة، ودفعت ملايين الليرات من أجل التعاقد وتوريد الآلات التي وصلت قيمتها حدود (1) مليار ل.س.
اليوم تعاني الشركة من مصاعب كثيرة أهمها قدم الآليات الهندسية والخطوط التكنولوجية وغياب التدريب والتأهيل للعاملين، إضافة إلى التشابكات المالية التي تثقل كاهل الشركة، حيث بلغت ديونها للغير (1.5) مليار ل.س، وكل هذه المصاعب نحتاج من الحكومة وضع رؤية واضحة لمعالجتها لا الاقتصار على قرارات تلغي بعضها بعضاً دون أن تؤدي إلى حل مقبول لمشاكل القطاع الصناعي.
شركة دبس
مازالت الشركة العربية المتحدة للصناعة (دبس) تتحمل نتائج العقد المبرم مع الشركة الاسكندنافية منذ عام 2001، بسبب عزوف هذه الشركة عن استجرار الأقمشة على الرغم من السعر المتدني بسبب نوعية هذه الأقمشة وتقادم تخزينها، كما أن إنتاج أكياس الطحين في الشركة بسعر أدنى من التكلفة كما حددته اللجنة الاقتصادية، وضع هذه الشركة بموضع الخسارة المستمرة، حيث تصل تكلفة الكيس الواحد إلى (35) ل.س بينما يباع إلى شركة المطاحن بأقل من (29) ل.س بناء على توصية اللجنة الاقتصادية.
وعلى الرغم من استبدال أهم الآلات في قسم المصبغة والتجهيز،لاتزال مؤشرات تنفيذ الإنتاج منخفضة للأقمشة المقصورة (14%) والمصبوغة (27%) والمطبوعة (12%)، كما أن المؤشرات الإنتاجية حسب الطاقة المتاحة وانخفاض معدلاتها التي وصلت بالخدمات إلى (59%) وبالأمتار إلى (75%) أدى إلى ارتفاع التكاليف، إضافة إلى أن أحجام إدارة المهمات عن استجرار الأقمشة المتعاقد عليها حمل الشركة أضرار وخسائر كبيرة وأدى إلى ارتفاع المخزون من مختلف الإنتاج والبالغ لغاية عام 2005 بالقيمة الثابتة (673063000) ل.س مما وضع الشركة في موضع حرج مالياً.
شركة المغازل والمناسج
أما فيما يتعلق بشركة المغازل والمناسج وعلى الرغم من أنها أجرت تحديث لبعض آلاتها في المرحلة الأولى، إلا أن هيئة تخطيط الدولة لم توافق على استبدال آلات الغزل النهائي بآلات حديثة ومتطورة مما سبب اختناقات إنتاجية أثرت على نوعية المنتج.
إضافة إلى أن النقص الحاصل في اليد العاملة على خطوط الإنتاج في قسم النسيج، وافتقاد الشركة لبرامج التأهيل والتدريب لعمال الإنتاج قد أثر بشكل كبير على نوعية المتج مما أدى إلى ارتفاع قيمة مخزون الشركة من الإنتاج الجاهز حتى بلغ (458722000) ل.س بالأسعار الثابتة و(543539000) ل.س بالأسعار الجارية.
وعلى الرغم من استبدال معظم آلات المصبغة والتجهيز بآلات حديثة، إلا أنه لا تتوفر لدى الشركة طلبات تشغيل وتسويق لتشغيل هذا القسم الهام، والذي يحقق ريعية اقتصادية وقيمة مضافة يمكن أن يحقق تطوراً هاماً للشركة، إضافة إلى عدم توفر يد عاملة ماهرة وخبيرة بهذا القسم علماً بأن الانتفاع من الطاقة المتاحة (25%)، كما تعاني الشركة من ضعف السيولة المالية وعدم وجود حلول مناسبة للتشابكات المالية علماً أن الديون المترتبة على الشركة بلغت (1660796) ل.س مما يزيد من خسائر الشركة.
شركة الصناعات الحديثة
شركة الصناعات الحديثة ليست بأحسن حالاً من مثيلاتها في قطاع المغازل، حيث تعاني هذه الشركة من عدم توفر المواد الأولية للتشغيل، علماً بأن كافة مواد ومستلزمات الإنتاج مستورة، إضافة إلى عدم توفر السيولة النقدية الكافية، بسبب عدم تسديد بعض جهات القطاع العام ما يترتب عليها من ديون (الألبسة الجاهزة في دمشق وحلب) حيث بلغت الديون المترتبة على الغير (446) مليون ل.س، إضافة إلى وجود (123) ألف متر من الأقمشة مخزنة في مستودعات الشركة، وهذه الكمية تم تصنيعها عام 2001-2002 خصيصاً لصالح الألبسة الجاهزة بدمشق، لكنها لم تستجر حتى الآن، مما أدى إلى ارتفاع قيمة المخازين حتى وصلت في العام 2005 إلى (96691000) ل.س، وعلى الرغم من وجود دراسة منذ العام 2002 لاستبدال آلات قسم الغزل التي هي موضوع القرض الصيني الممنوح للشركة، إلا أنه لم يتم تثبيت هذه الدراسة لدى الجهات الوصائية المختصة رغماً أن الأسواق الداخلية بحاجة ماسة إلى الخيوط الصنعية (صوف - بوليستر)، خيوط أكرليك (بوليستر ـ فيسكوز) مع الإشارة إلى أن قسم الغزل متوقف عن العمل منذ العام 1986 والذي كان يستخدم لتأمين الخيوط الصنعية لقسم النسيج.
الشركة الخماسية
أما الشركة الخماسية فهي أيضاً تعاني من تزايد كمية المخازين التي بلغت قيمتها (984520.00) ل.س بالأسعار الثابتة و(1131331.00) ل.س بالأسعار الجارية، إضافة إلى انخفاض المؤشرات التسويقية إلى 67% من الأنتاح الجاهز، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض السيولة. كما أن ارتفاع قيمة الديون المترتبة على الشركة والبالغة (3246671000) ل.س والديون المترتبة على الغير والبالغة (1704626000) ل.س قد جعلت التشابكات المالية دون معالجة من الجهات الوصائية خاصة ما يتعلق بارتفاع فوائد الديون.
كما تعاني الشركة الخماسية من نقص شديد بالكوادر الفنية المؤهلة مما أدى إلى وجوب عيوب في المنتج وزيادة كمية النخب الثاني والفضلات، إضافة إلى وجود نقص بالاعتمادات المخصصة للاستبدال والتجديد.
أما فيما يتعلق بالشركات الأخرى مثل (النايلون والجوارب) والشرق للألبسة الداخلية، وشركة الألبسة الجاهزة، فإن جميعها تشتركبنقص في التمويل المالي وازدياد التكلفة والمخزون إضافة إلى قدم الآلات وعدم إجراء الصيانة اللازمة والاستبدال والتجديد.
الصناعات الكيماوية:
في مجال الصناعات الكيماوية لا تبدو النتائج المتحققة حتى الآن بأفضل من غيرها في الشركات الصناعية الأخرى، وعلى الرغم من قيام الشركة العامة للصناعات الزجاجية والخزفية بتنفيذ 93% من خططتها الإنتاجية وحققت ربحاً سنوياً مستمراً منذ عام 1995 ولغاية 2005 بلغت (276663000) ل.س، إلا أن وزارة الصناعة قامت بطرح هذه الشركة للاستثمار دون العودة إلى إدارة الشركة ولجنتها الإدارية، علماً أن ما يقارب80% من المواد الأولية الداخلة في هذه الصناعة هي مواد محلية وطنية.
ورغم أن مخزون الشركة يشكل ما قيمته (55908) ألف ل.س إلا أن الشركة تسعى جاهدة لتسويق إنتاجها ومخزونها في حين بلغت المديونية المترتبة على القطاع العام للشركة (186) مليون ل.س معظمها على شركة الكونسرة.
الشركة الطبية العربية (تاميكو)
أما الشركة الطبية العربية (تاميكو) فإنها تواجه منافسة شديدة من القطاع الخاص بضاعة الدواء، والذي يمتلك الحركة والمرونة في عملية التسويق من حيث الرعاية وتوزيع النماذج وعمولات الوكلاء، مما يجعل الشركة أقل قدرة على المنافسة.
كما أن الوقائع تشير بأن هذه الشركة لم تنفذ سوى (77%) من خطتها الإنتاجية بسبب ارتفاع المخزون الذي لا يمكن استمرار تخزينه إلا بحسب الفترة الزمنية المحددة لكل دواء، حيث كان المخزون لدى الشركة في 01/01/2005 يعادل ما قيمته (290) مليون ل.س ليصبح بعد ذلك في 31/12/2005 ما يعادل قيمته (331) مليون ل.س أي بزيادة قدرها (40) مليون ل.س.
وما يجب الإشارة إليه هو أن الشركة تجد صعوبة في تخصيص القطع الأجنبي عمليات شراء الموادالأولية، كما تجد صعوبة في تصدير الأدوية بسبب الحاجة إلى تسجيل هذه الأدوية لدى وزارة الصحة في تلك الدول المصدر لها.
شركة الكبريت
تعاني الشركة من توقف مستمر عن العمل والإنتاج منذ أكثر من خمس سنوات، بينما بلغت خسائرها منذ عام 2000 ولغاية عام 2005 ما يزيد عن (272539) ل.س، إضافة إلى مخزون يصل قيمته إلى (4) مليون ل.س، وربما يمكن فهم ذلك عندما نكتشف بأن شركة الكبريت لا يتوفر فيها دائرة تسويق لدراسة احتياجات السوق ولا يتوفر فيها دائرة للجودة.
كما تعاني هذه الشركة من قدم آلاتها التي مضى عليها أكثر من (35) عام، ومن نقص شديد في الخبرات الفنية وهجرة اليد العاملة الفنية يسبب التوقف. وعلى الرغم أن هذه الشركة قد تم طرحها للاستثمار، إلا أن المستثمرين أحجموا بالتقدم لأي عرض لاستثمار هذه الشركة.
شركة دهانات أمية
تعاني هذه الشركة من ارتفاع عدد العاملين المصابين بالأمراض المهنية، كما تجد إدارة الشركة صعوبات تسويقية لحدة المنافسة مع القطاع الخاص الذي يمتلك المرونة في التسويق وتأمين المواد الأولية، في حين أن أغلب جهات القطاع العام وخاصة المواصلات لا تلتزم بتأمين احتياجاتها من الدهانات عن طريق الشركة، كما أن الاعتمادات المرصودة للدعاية والإعلان لا تساعد الشركة للتوسع في نشاطها الاقتصاد. ومع ذلك فقد حققت هذه الشركة أرباحاً خلال الأعوام 2000-2004 بلغت ما يقارب (400) مليون ل.س رغم المنافسة الشديدة من القطاع الخاص مع العلم لأنه لا يتوفر لدى الشركة دائرة تسويق.
الشركة العامة للدباغة
تعاني هذه الشركة من عدم توفر السيولة المالية لتمويل أنشطتها الإنتاجية حيث بلغ العجز المالي لرأسمال الشركة (38637) مليون ل.س، في حين وصلت خسائرها في العام 2004 إلى (23) مليون ل.س، كما تعاني هذه الشركة من عدم وجود مصدر مستقر لمادة الجلد الخام بسبب إلغاء حصر تسليم الجلود الخامية عن مسالخ الدولة لصالح شركة الدباغة، إضافة إلى عدم التزام الجهات العامة بشراء احتياجاتها من المصنوعات الجلدية عن طريق الشركة على الرغم من صدور تعميم من رئاسة مجلس الوزراء بحصر استلام الملبوسات الجلدية من الشركة حصراً. كما يلاحظ وجود فك ارتباط بين كل من شركات الدباعة والأحذية ومؤسسة معامل الدفاع إنتاجاً وتسويقاً بدل أن يكون هناك ارتباط عضوي بين الأطراف الثلاثة من أجل تكامل بين الإنتاج وتأمين الاحتياجات لهم.
شركة الصناعات التحويلية
تعاني هذه الشركة من قدم الآلات وعدم مواكبتها لآخر تطورات هذه الصناعة من المحارم الورقية حتى المناشف النسائية، وهي بحاجة ملحة إلى تحديث آلاتها، كما تفتقد الشركة إلى دائرة تسويق إلى جانب الدائرة التجارية، بهدف دارسة احتياجات السوق وتأمين منافذ لبيع المنتج، وتفتقد الشركة ايضاَإلى المرونة الكافية للتعامل مع تجار الجملة والمفرق والبيع بالأجل، إضافة إلى أن الشركة تفتقد لخدمات البيع وما بعد البيع للمنتج ولا يتوفر لديها نظام التكاليف المعيارية للمنتج.
الشركة الأهلية للمنتجات المطاطية
تعاني الشركة من ارتفاع تكاليف الصيانة بسبب قدم آلياتها إضافة إلى التشابكات المالية والديون المترتبة على شركات القطاع العام التي بلغت نحو (370) مليون ل.س، إضافة إلى تهرب معظم القطاع العام من استجرار احتياجاتها عن طريق الشركة، والمنافسة الحادة من القطاع الخاص الذي يمتلك المرونة في هذا المجال.
إن الصناعات المطاطية والبلاستيكية دائمة التطور والتجدد وتحتاج بشكل مستمر للإطلاع على آخر المستجدات في هذه الصناعة، خاصة مستلزمات الإنتاج والآلات الحديثة، في حين أن الشركة لاتملك حرية الحركة في هذا المجال ولا تستطيع أن تقدم لزبائنها التسهيلات اللازمة كإيصال البضائع للمستهلك أو منح نسبة ربح عالية للوكيل، كما أن ارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً انعكس على التكاليف وعلى مخزون المواد الأولية كونها من المشتقات النفطية، أضافة إلى أن الشركة تفتقد إلى نظام التكاليف المعيارية للمنتج.
شركة بردى
تندرج هذه الشركة ضمن قطاع الصناعات المعدنية، وتعاني هذه الشركة من نقص في السيولة المالية على أثر تعرضها لعملية احتيال بمبلغ (340) مليون ل.س، ومع ذلك لم تتمكن الشركة من الحصول على قرض قصير الأجل بمبلغ (180) مليون ل.س لتحويل الاعتمادات اللازمة من أجل تأمين المواد الأولية اللازمة لصناعة منتج رابح ومسوق مسبقاً، كما تعاني الشركة من نقص شديد في رأسمالها الفعلي والبالغ (1.7) مليون ل.س لا غير، علماً بأن قيمة الاستثمارات الموضوعة بتصرف الشركة تبلغ (1) مليار ل.س، إضافة إلى معاناة الشركة من فوائد القروض المرتفعة التي أصبحت عاجزة عن سدادها وفق وضعها الحالي.
معمل بطاريات قدم
يعاني المعمل من عدم استجرار المؤسسة العامة الاستهلاكية لمنتجاته، وكذلك المؤسسة الاجتماعية العسكرية، كما يعاني المعمل من صعوبة المنافسة مع وجود البطاريات المهربة التي تدخل إلى البلد بشكل غير نظامي، إضافة إلى تقادم آلات هذا المعمل بشكل لا يساعد على تطوير إنتاجه وأدائه حيث استهلكت هذه الآلات منذ عدة سنوات كما يعاني المعمل من القرض الفرنسي وفوائده، حيث تستنفذ هذه الفوائد كل ما ينتجه هذا المعمل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 280