زيادة الرواتب والأجور.. كم؟ وكيف؟ ومن أين؟

أثار موضوع زيادة الرواتب والأجور بمعدل 35% حتى نهاية عام 2010 الكثير من الأسئلة والاستفهامات في الشارع السوري ولدى المختصين والمتابعين وأهمها: هل ستغطي هذه الزيادة وأخواتها السابقة مساحة الـ 100% من الزيادة المطلوبة في الأجور خلال فترة تصل عملياً إلى 5 سنوات؟ وهل ستغطي ارتفاع الأسعار الذي استمر خلال الفترة نفسها؟ وهل ستسير على الأقل بالسرعة نفسها التي يسير بها التضخم؟ وهل هذه الزيادة بمجملها والمخططة حسب الخطة الخمسية العاشرة ستردم الهوة السابقة بين الأجور والحد الضروري لمستوى المعيشة.. أم أنها لن تغير من الأمر شيئاً؟!

إن السؤال الحقيقي المطروح هو: ما علاقة الزيادة الاسمية للأجور بالزيادة الفعلية لها؟ لأن ارتفاع الأسعار والتضخم اللذين لا يختلف اثنان حولهما، يأكلان على قدم وساق هذه الزيادات في الأجور. وبهدف مناقشة هذه الإشكاليات مجتمعة ستسعى «قاسيون» بمساعدة عدد من الباحثين لفتح ملف معاناة الأجور أمام ارتفاعات الأسعار المستمرة، على أمل تسليط المزيد من الضوء على هذه المشكلة المستوطنة وسبل حلها.. وضيفانا لهذا العدد د. عابد فضلية نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، ود. سنان علي ديب الأستاذ المحاضر في جامعة تشرين..
 
د.عابد فضلية:
من الخطورة أن تلجأ الحكومة إلى تمويل الزيادة عن طريق عجز الموازنة أو الاستدانة من الجمهور
كثرت في الآونة الأخيرة تلميحات وسائل الإعلام الحكومي والخاص حول موضوع زيادة الرواتب والأجور، كما طُرحت التساؤلات وعبارات التشكيك لدى الصحفيين عن مدى جدية الحكومة في تنفيذها، وفيما إذا كان بعض المسؤولين الحكوميين سيتراجع عن تصريحاته بشأنها، والحقيقة هي أن مسألة زيادة الرواتب والأجور، ليست مجرد تصريحات ونوايا فردية لهؤلاء المسؤولين الحكوميين، بل هي بمثابة قرار سياسي تم اتخاذه على أعلى المستويات منذ نحو أربع سنوات، ويقضي بمضاعفة الرواتب والأجور بنسبة (100%) خلال السنوات الخمس للخطة العاشرة، وبالتالي فهو هدف من أهداف هذه الخطة التي ينبغي على الحكومة تحقيقها حتى نهاية عام (2010).
ومع تحفظنا على انخفاض و/أو عدم تحقيق نسب تنفيذ مرضية للكثير من أهداف الخطة الخمسية العاشرة، إلا أنه والحق يُقال بأن الحكومة قد نفذّت ما وعدت به في هذا الإطار، فرفعت الرواتب والأجور خلال السنوات الماضية من عمر الخطة بنسبة (65%)، وبقي عليها (كهدف سياسي – اجتماعي) أن تستكمل ما عليها برفع الرواتب والأجور بنسبة (35%) الباقية خلال سنة ونصف (أي خلال الزمن المتبقي من عمر الخطة الخمسية العاشرة)، لذلك (وبرأيي الشخصي)، أعتقد بأن ذلك سيتم، ليس فقط لأن زيادة الرواتب والأجور أصبحت ضرورة ملحة، بل أيضاً لأن ذلك سيُعدّ إنجازاً جزئياً يسجل لمصلحة الحكومة.
في إطار ذلك، وبالنظر إلى الواقع الاقتصادي والوضع المالي لخزينة الدولة، تظهر العديد من التساؤلات، منها:
مع وجود عجز في الموازنة العامة للدولة والتعثر الكبير الحالي والمُتوقع للكثير من الشركات والمؤسسات الحكومية الاقتصادية الإنتاجية، فكيف ستتمكن الحكومة من تأمين المبالغ اللازمة لهذه الزيادة للرواتب والأجور؟
مع التوجه نحو نهج اقتصاد السوق الاجتماعي الذي أقره المؤتمر العاشر للحزب عام 2005، أي (من جهة) مع المزيد من التراخي الضريبي (التشجيعي) للقطاع الخاص، (ومن جهة أخرى): مع ازدياد الأعباء الحكومية في ظل هذا النهج (الحر) – (الاجتماعي)، كيف يمكن للخزينة العامة للدولة تغطية تكاليف متطلبات ترسيخ الجانب الاجتماعي لهذا النهج؟
لماذا تبالغ الحكومة السورية بتحميل نفسها (ووحدها) عبء وتكاليف ترسيخ الجانب الاجتماعي لاقتصاد السوق الحر، في الوقت الذي تُهدي فيه الحكومة مقدرات هذه السوق للقطاع الخاص دون مقابل، ونسأل أنفسنا: كيف يمكن أن يحوز القطاع الخاص على ما نسبته (68%) من الناتج المحلي الإجمالي، بينما لا تتعدى مساهمة هذا القطاع نسبة (14%) من إجمالي الحصيلة الضريبية. والمقصود بما نقول:
إذا كان على القطاع الخاص أن يتولى استثمار الجانب الأكبر من قطاعات الاقتصاد الوطني وبالتالي من عملية التنمية الاقتصادية، فإن عليه بالوقت ذاته أن يغطي ويتحمل المبالغ اللازمة لرفع الرواتب والأجور والجزء الأعظم من تكاليف الجانب الاجتماعي لعملية التنمية (التي يحصد ثمارها، وهذا من حقه)، وذلك بما يتناسب (على الأقل) مع نسبة مكاسبه وحصيلته منها، على أن يتم ذلك في إطار تشريعات مناسبة واستراتيجيات وسياسات اقتصادية حكومية تشاركية منهجية وصريحة وديمقراطية ترضى بها أطراف ومكونات المجتمع السوري كافة.
أما إذا أصرّت الحكومة (على فلسفتها) بتحميل نفسها (وإلى حد كبير أصحاب الرواتب والأجور والدخل المحدود) أعباء وتكاليف ترسيخ الجانب الاجتماعي لاقتصاد السوق، (وكذلك مبالغ تغطية زيادة الرواتب والأجور كافة)، فمن الخطورة بمكان أن تلجأ الحكومة إلى تمويل ذلك عن طريق عجز الموازنة أو الاستدانة من الجمهور بإصدار سندات الخزينة، فهي إن فعلت ذلك تكون قد أفلحت بتجاوز ثغرات آنية، ولكنها بالوقت نفسه تكون قد حفرت للاقتصاد والمجتمع السوري مطبات مستقبلية من الصعب تجاوزها بلا تكاليف أشد وطأةً على المدى الطويل.    
وحول، فيما إذا كانت هذه الزيادة في الرواتب والأجور (35%) إن تمت خلال عام ونصف (المتبقية من عمر الخطة الخمسية العاشرة)، هي نسبة مقبولة لرفع سوية حياة المواطن السوري فالجواب هو:
كلا: إن هذه الزيادة ليست كافية لكي يُعوَّض للمواطن السوري عن انخفاض مستوى دخله الحقيقي خلال السنوات القليلة الماضية، ولا لتعويض القوة الشرائية للعائلة السورية، بسبب ارتفاع المستوى العام للأسعار، واضطرار العائلة السورية لتحمّل تكاليف إضافية لتغطية الأعباء الخدمية، وأهمها التعليمية والصحية المأجورة التي راح القطاع الخاص يتوسع بتقديمها مقابل تراجع الجهات الحكومة في تقديمها للمواطن بالكم والنوعية المناسبين، وهذه الأعباء تزايدت خلال الفترة الماضية بنسبة أكبر من نسبة ارتفاعات متوسط الدخل. وبرأيي إن زيادة الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص بنسبة (200%) هو الحد الأدنى اللازم الذي من شأنه إعادة الاعتبار للمستوى العيشي للعائلة السورية (بالمقارنة مع مستوى الدخل قبل نصف قرن)، ولكني أرى من جهة أخرى أن هذا غير ممكن حالياً، نظراً لواقع العجز في الخزينة العامة في هذه المرحلة، وللوضع الاقتصادي الصعب للقطاع الخاص، وبالتالي عدم القدرة على تحمل عبء هذه الزيادة المُرضية، بل ربما زيادة محدودة في الوقت الحاضر، علماً أن أسباب هذه الأوضاع غير المناسبة، يعود لعوامل منها ذاتية (كانخفاض الإنتاجية ومستوى القدرة التنافسية) ولعوامل أخرى موضوعية (نظراً للظروف الصعبة المحلية والإقليمية والعالمية المحيطة).
وفي كلمة أخيرة حول زيادة الرواتب والأجور يمكن إيراد النقاط التالية:
1 - بسبب ضعف قدرة الجهات الحكومية على ضبط الأسعار بشكل مرض وللأسباب المبينة أعلاه، لا يُنصح بالاستعاضة عن الزيادة العامة للرواتب والأجور بزيادة القوة الشرائية لأصحاب الرواتب والدخل المحدود بشكل (غير مباشر) لرفع قدرتهم الشرائية (وطلبهم الفعال)، والطريقة الأهم: بأن يتم دفع ربع أو نصف راتب إضافي كل ثلاثة أو ستة أشهر و/أو بالمرونة في إلغاء السقوف في دفع  تعويضات طبيعة العمل والحوافز والمكافآت التي نصت عليها الأنظمة والقوانين النافذة.
 2 - إن زيادة الرواتب والأجور ليست مسألة حكومية حصراً ، بل هي من جهة مهمة تقع في معظمها على عاتق القطاع الخاص، وهي من جهة أخرى (لمصلحته)، حيث وفي ظل ضيق السوق المحلية السورية (20 مليون مستهلكاً) ومحدودية القدرة على المنافسة والتصدير في الأسواق الخارجية، ليس من مصلحة القطاع الخاص في أن تبقى الرواتب والأجور، وبالتالي القوة الشرائية للشرائح الأعرض من المواطنين السوريين منخفضة، لأن في ذلك تضييق لحجم واستيعاب السوق المحلية، والتي ما زالت هي الأهم للمنتِج والتاجر السوري، لذلك فإن تغذية الدخول لهذه الشرائح من شأنه أن يُغذي أيضاً الطلب الكلي الفعال ويحرك عجلة الاقتصاد والاستثمار التي يقودها ويقطف ثمارها القطاع الخاص.       
 
د. سنان علي ديب:
يجب تمويل الزيادة من عائدات مكافحة الفساد والهدر والتهرب الضريبي
كثر في الأيام القليلة الماضية الحديث حول نية الحكومة زيادة الرواتب بمعدل 35% حتى نهاية الخطة الخمسية العاشرة عام 2010، هذا الحديث الذي شهد ردات فعل مختلفة حسب التجارب السابقة لزيادات الرواتب منذ عام 2001، وما رافق هذه الزيادات من زيادة في الأسعار أدت لانخفاض مستوى معيشة أغلب المواطنين، الذين أصبحوا ينظرون لكل زيادة بالرواتب على أنها تؤدي إلى النتيجة ذاتها. ثم إن أغلب الزيادات لم تمنح بالنسبة نفسها للقطاع الخاص المنظم، ولم تمنح للأغلبية العظمى من العمالة غير المسجلة في التأمينات الاجتماعية، ولكن يمكننا القول إن الظروف الموضوعية المحلية والخارجية التي كنا نعاني منها خلال فترة الزيادات السابقة تختلف بشكل كبير عن الظروف الحالية، ففي السنوات القليلة الماضية كانت الامبريالية العالمية وممثلتها قد وصلتا أوج العدوانية وهما تمارسان سياسة الإرهاب والترهيب من أجل القضاء على كل فئة سياسية مقاومة، ومن أجل استئصال أي فكر سياسي واقتصادي يخالف التوجه العالمي المعولم أمريكياً... أما الظروف الحالية فمختلفة كلياً بعد أن وصلت الأفكار المعولمة إلى أزمة حقيقية انعكست على بنية وتكوين المجتمعات الرأسمالية وأدت إلى مشاكل حقيقية اقتصادية واجتماعية وإيديولوجية، تجلت ركوداً وكساداً وانكماشاً، وأدت إلى خلل كامل في النظام المصرفي العالمي، وإلى إفلاس الشركات المالية ومؤسسات التأمين، وانهيارات في الاختراع المعولم (البورصة) في معظم الدول.. الأمر الذي أدى إلى تفشي الفقر والبطالة، وبالتالي حاولت هذه الدول نقل هذه الأزمات إلى الدول النامية ومحاربة الدول التي تنافسها مهددة استمرارية هيمنتها العالمية. وأدت الأزمة إلى استخدام الدول الامبريالية أدوات اقتصادية كانت تحرمها مثل التأميم وتدخل الدولة والاستثمارات الحكومية والحمائية، وبالتالي سقط الجدار الإيديولوجي الذي يقول: «السوق تنظم نفسها.. والقطاع الخاص هو الذي يعقلن الحياة الاقتصادية العالمية».. وبالتالي أصابت هذه الأزمة البنية الفكرية للنظام الليبرالي الجديد الذي كان هناك مسارعة لتطبيق إملاءاته عندنا؟
لاشك أن طرح زيادة الرواتب بمقدار 35% حتى 2010 هو تأكيد أن الخطة الخمسية العاشرة سائرة إلى التنفيذ الكامل، ونتمنى أن تكون أرقام المؤشرات النهائية لها متطابقة مع الأرقام الأولية التي وضعت الخطة على أساسها والتي لم تصل إلى المبتغى، وخاصة في مجالي مكافحة الفقر والبطالة، اللذين ازدادا خلال الفترة الماضية.. وهنا نقول: إن كان الطرح في الوقت الحالي عبارة عن التفات وزيادة اهتمام في البنيان الداخلي وتجاوز المطبات السابقة والاعتراف بالأخطاء من أجل تجاوزها، فهذه نقطة رائعة، لأن التصدي لأية مشكلة يبدأ من الاعتراف بها. وإن استثمار الإمكانات الموجودة بعقلانية وموضوعية لا يدع مجالاً للنقد أو الخلاف، وبالتالي الطرح مناسب من حيث التوقيت، ولكن يجب التنويه بأنه إذا كان المقصود زيادة المستوى المعيشي للمواطنين بمقدار 35%  بالإضافة إلى الترفيعة الدورية في السنة القادمة، فهذا هو المطلوب لأن هذا يعني أن الدولة ستعود إلى أسلوب التدخل من أجل تثبيت الأسعار، وبالتالي تكون الزيادة حقيقية، التجارب السابقة أثبتت أن القطاع الخاص يزيد الأسعار بمستوى أعلى من زيادة الأجور قبل حصول العمال والموظفين على أية زيادة، أما حين انهارت وانخفضت الأسعار بسبب الأزمة العالمية لم يخفض هذا القطاع أسعاره، لذلك فأية زيادة لا تقترن بتدخل الدولة لتثبيت الأسعار ليس حتمياً أن تؤدي إلى زيادة مستوى معيشة المواطنين، وإنما قد يحصل العكس.

ماذا بخصوص العمالة في القطاع الخاص؟
الحكومة تستطيع أن تفرض الزيادة على القطاع العام، ولكن ماذا بشأن القطاع الخاص والعمال غير المنضمين للتأمينات الاجتماعية أو العاطلين عن العمل أو الفقراء؟ وماذا بخصوص هذين المؤشرين اللذين ضمن الرؤية السابقة سوف يزدادان في ظل قطاع عام لا يتطور وفي ظل قطاع خاص لم يستطع استيعاب إلا القليل من العمالة الداخلة إلى سوق العمل؟ إن زيادة الرواتب لن تحل مشاكل هؤلاء، وخاصة الأجيال الشبابية التي أصبحت تعاني من مشاكل جديدة نتيجة البطالة التي أدت إلى ظهور مشاكل اجتماعية كالعنوسة والانحرافات الاجتماعية الخطيرة نتيجة عدم القدرة على تأمين الاستقرار والذي يزداد صعوبة مع مشكلة السكن؛ حيث اتكلت الدولة على القطاع الخاص ليلعب دوراً من أجل حل هذه الأزمة؛ ولكنه أدى إلى تأزيم هذه المشكلة بدلاً من حلها من خلال المضاربات التي أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وهي ماتزال مرتفعة حتى الآن بالرغم من الركود وقلة الطلب، والسبب كما نرى يكمن في العقلية التجارية السائدة.
إن الزيادة كنسبة تؤدي إلى زيادة التفاوت في الرواتب بين المواطنين، وبالتالي يفضل أن تكون كتلة معينة لجميع الموظفين، وإن تجزئة الزيادة إلى ثلاثة أقسام في حال عدم القدرة على تثبيت الأسعار سوف تؤدي إلى زيادة كبيرة في الأسعار وتضخم كبير يؤديان إلى انخفاض مستوى المعيشة، وهنا نقول لماذا لا تأتي الزيادة بأسلوب الصدمة المفاجئة السعيدة للمواطنين على عكس الأسلوب الذي تم التعامل به عند فرض رفع أسعار الوقود أو زيادة أسعار السماد وما أديا إليه من نتائج كارثية على المواطن وعلى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية؟ وكذلك يخشى أن تكون الزيادة مترافقة بسياسات اقتصادية مقوضة لها كما حدث عندما ترافق تخفيض سعر المازوت 20%  بارتفاع جنوني لأسعار الأسمدة، وهو ما انعكس على الأمن الغذائي وعلى الإنجازات التي حققت الأمن الغذائي كمثال يحتذى به على المستوى الإقليمي والعالمي، وبالتالي لم يشعر المواطن بهذا التخفيض في سعر المازوت.
وكذلك لابد من التنويه أن الزيادة ستحصل في ظل الظروف الحالية التي يمر بها القطاع العام، وخاصة الصناعي، حيث لم يحسم موضوع إصلاحه، وخسائره بازدياد مع زيادة عبء العمالة الفائضة فيه، وزيادة خسائر الشركات المخسرة وتخسير بعض الشركات وتقليل أرباح الشركات الرابحة.. فكيف سنمول هذه الزيادة؟ هل نمولها عبر زيادة عجز الموازنة، أم عن طريق التقليل من الإنفاق الاستثماري؟
أعتقد أن الأفضل هو الاستمرار في سياسات مكافحة الفساد والهدر والتهرب الضريبي، هذه السياسات التي إن تابعت مسارها وفق رؤية صحيحة وأسلوب مناسب ومن خلال مؤسسات ذات تجربة ناجحة في هذا المجال، ستؤدي إلى فوائض في الموازنة قادرة على تمويل زيادة بأضعاف النسبة المذكورة، حيث هناك حديث أن الفساد والهدر والتهرب الضريبي تكلف البلاد ما بين 20%  إلى 40% من الناتج المحلي، وبالتالي فإن سياسة زيادة الرواتب ضرورية ومفيدة إن اقترن تنفيذها بسلسلة من السياسات الاقتصادية والمالية والإدارية عبر تدخل قوي للحكومة في إدارة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فالتجربة أثبتت أن العقلانية الاقتصادية لا يمكن أن تتحقق على المستوى الكلي دون تدخل الدولة، وأن النظام الرأسمالي الليبرالي لا يمكن أن يحقق العقلانية في الاقتصاد الكلي لأنه لا يسعى إلا للربح ولو على حساب التوازنات الاقتصادية الكلية، وأية زيادة في الرواتب لا تؤدي دورها في العملية الإنتاجية هي مفرغة من مضمونها، لذلك فالإصلاح الإداري مطلب حتمي، ويجب عودة دور الدولة بقوة في الاستثمار الأمثل للإمكانات المتوفرة سواء في القطاع العام أو الخاص بما يحقق المنفعة المتبادلة، وبما يؤدي لتحقيق النتائج الاقتصادية الكلية المعلن عنها والمخطط لتنفيذها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
412