وزير الكهرباء يساهم بتدمير اقتصاد البلاد!
هنا لا أريد أن أبدأ من مشكلة تقنين الكهرباء وآثاره الاقتصادية والاجتماعية وأنه يضر بكل فرد من أفراد المجتمع، ولا عن المولدات الصغيرة التي ملأت الشوارع بضجيجها عوضاً عن أنها استنزفت أكثر من مليار ليرة سورية خلال هذه الفترة، ولا عن أنه بسبب تقنين الكهرباء ستصبح معظم قواطع الـ 20 ك.ف بحاجة لاستبدال كامل أو جزئي خلال فترة قصيرة نتيجة الفصل والوصل المتكررة يومياً، ولا عن أن خسارة البلد من جراء تقنين 2000 ميغا واط يومياً لمدة عشر ساعات تسبب خسارة تزيد عن 30 مليار ليرة سورية شهرياً ولا عن أنها توجد طرق وأساليب لو اتبعتها وزارة الكهرباء لكان بمقدورها تخفيض التقنين إلى نسبة كبيرة أو إنهائه أيضاً وهي كما ذكرتها سابقاً في إحدى المقالات في جريدة قاسيون العدد /537/ السبت 28/1/2012 وهنا أشكر الجريدة على نشر المقال ولكن لي عتب صغير عليها هو أنها لم تنشر المقال كما هو بل اختصرت منه وكان من المفضل أن تعلمني بذلك، وهي بشكل مختصر:
كان يجب على وزير الكهرباء أن يطلب من الحكومة أنه على كل وزارة تشغيل المولدات الاحتياطية الموجودة لديها في هذه الظروف الصعبة فهي بالأصل مجموعات احتياطية وكلفت الدولة مليارات الليرات السورية ووجدت من أجل تلك الظروف واستطاعتها الإجمالية مع مجموعات التوليد الخاصة تزيد على 1500 ميغا واط منتشرة في جميع أنحاء القطر و كان بالإمكان الاستفادة على الأقل من 1000 ميغا واط أي ما يقارب نصف كمية الاستطاعة المقننة.
العمل على توعية المواطنين على أهمية استخدام وتشغيل الغسّالات بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً و حتى الساعة السادسة صباحاً.
الطلب من مشاريع المياه أن تشغل مضخاتها ليلاً أيضاً أو أن تستخدم مجموعات التوليد لديها.
تخفيض إنارة الشوارع وعدم استخدام السخانات في الدوائر الحكومية وغيرها...مذكور في المقال.
بل إنني سأحلل كلام السيد وزير الكهرباء كما صرح به على قنوات التلفاز السورية، حيث قال: إن حمولة الذروة هي حوالي 8000 ميغا واط (هذه الأرقام موثقة في وزارة الكهرباء وهي صحيحة) كما أضاف بعد تسلمه بحوالي الشهر أن واقع الشبكة ممتاز والتوليد كذلك وهم مستعدون تلبية حاجة البلد مهما كانت، كما قال إن الحمولة الدنيا أي في الليل هي حوالي نصف حمولة الذروة وتعادل حوالي ال4000ميغا واط (هذا أيضاً صحيح) كما وأنها أحياناً تصبح أقل من هذا الرقم وهو موثق أيضاً. وفي شهر تشرين الأول أعلن أنه تفاجئ بزيادة حمل الذروة بحدود %40 وهذا ما اضطره إلى البدء بعملية التقنين وقال هذا شيء جميل بالنسبة للشبكة أنها تحملت زيادة مقدارها %40 من دون أن تحدث عليها أعطال تذكر هذا الكلام جميل جداً لو كان دقيقاً فالكل يعلم أن الحمولة تنخفض في الربيع وفي الخريف بسبب أن معظم المناطق في سورية لا يستخدمون التدفئة أو التكييف في تلك الفترة أي أن حمولة الذروة في شهر تشرين الأول أقل من حمولة الذروة السنوية التي تظهر في شهر كانون الأول وكانون الثاني وهي أقل بحوالي %20 أي أنه ما حصل هو فقط انزياح في الحمولة وليس أن حمولة الذروة السنوية ازدادت بمقدار %40بل فعلياً إن الزيادة الطارئة بسبب البرد واستخدام الكهرباء كانت فقط بحدود %10 أو أقل مما كان وهو متوقع والدليل على ذلك كلام السيد الوزير عندما قال إن حمولة الذروة في عام 2011 كانت بزيادة %17 عن حمولة الذروة في عام 2010 وليست %40 كما صرح في تشرين الأول ونعلم جميعنا أن الزيادة السنوية هي تحسب سنوياً وبشكل دائم أي أنه فعلاً كانت الزيادة غير المتوقعة هي %10 فقط.
كما و أكد ذلك من جديد عندما قال في بداية العام 2012 أن حمولة الذروة قاربت 9500 ميغا واط، فإنه إذا علمنا أن حمولة الذروة في عام 2010 كانت 8000 ميغا وات وأنها في 2011 كان يجب أن تكون بزيادة %7 أي 8560 ميغا واط وأنها يجب أن تكون في كانون الثاني 2010 هي بزيادة %7 أيضاً أي 9160 ميغا واط أي أن الزيادة غير المتوقعة كانت 350 ميغا واط أي أقل من %6 وهذا الرقم يجب ألا يكون مشكلة كبيرة وأن الشبكة لم تتحمل زيادة %40 بل حوالي %15 فقط، علماً أن تصميم الشبكات يتم في كل أنحاء العالم على أن تتحمل الشبكة ما بين 20 ــ %30 من حمولة الذروة السنوية التي تتم عليها تصميم الشبكات وليس على أساس حمولة الذروة الدنيا التي تنشأ في أوقات الربيع والخريف إذاً هنا تضخيم الأمور كان يشبه كلمة حق يراد بها باطل ليضلل بها الشعب والقيادة، إن هناك مشكلة كبيرة وهي كما نرى وبأرقام وزير الكهرباء نفسه ليست في الحقيقة بمشكلة كبيرة بل تم تضخيمها من أجل زيادة زمن وحجم تقنين الكهرباء، حيث ساعد ذلك وجود بعض أمور التخريب من الجماعات المسلحة التي قامت بتخريب أنابيب النفط والغاز والتي تؤدي إلى توقيف محطات التوليد التي تغذيها إلى فترة اسبوع أو عشرة أيام كحد أقصى ولكنه استخدم كل عمل تخريبي ليزيد فيه كمية التقنين، فمثلاً عندما تم تفجير أبراج التوتر العالي والذي أدى إلى انقطاع الكهرباء عن عدة مناطق أو محافظات قام بزيادة التقنين، علماً أن هذا العمل يجب أن يؤدي إلى تخفيض عملية التقنين عن المحافظات الأخرى لأنه في هذه الحالة ستنقطع الكهرباء عن تلك المحافظات بشكل كامل أو أنه سيلجأ إلى تغذيتها عن طريق خطوط الـ 66 ك.ف أي باستطاعة أقل وفي كلتا الحالتين ستكون التغذية أقل.
كما قال إن الاستطاعة الخارجة عن الخدمة بسبب الجماعات الإرهابية حوالي 2000 ميغا واط ووصلت أحياناً إلى 2500 ميغا واط وسأعتبر كلامه صحيحاً، علماً أنه في إحدى المرات قال يوجد نقص حوالي 2500 ميغا واط وعدد بعض محطات التوليد المتوقفة جزئياً أو كلياً حيث ذكر أثناء كلامه أن محطة توليد بانياس واقفة بالكامل وهو موثق على التلفزيون ولكنني اتصلت مباشرة بالمحطة فأجابوني أن هذا الكلام غير صحيح فإحدى المجموعات تعمل والثانية ستوضع بالخدمة خلال ساعات يمكنكم التأكد من ذلك أيضاً. كل هذا غير مهم ولكن المهم هو برنامج التقنين الذي يصرح به على التلفزيون أنه حوالي 6 ساعات يومياً ونحن نعلم أنه في العديد من المحافظات يكون التقنين على الشكل التالي: تأتي الكهرباء ثلاث ساعات وتنقطع ثلاث ساعات بشكل متتال أي أن التقنين 12 ساعة على المواطن. وبالنسبة للشبكة التقنين مستمر 24 ساعة أذكر من جديد أننا جميعاً نعرف مساوئ التقنين وقطع الكهرباء عن البلد، حيث أنها تشل كل أنواع الأعمال وتسبب الضيق النفسي والمعنوي للمواطن.
هنا أيضاً لا تهمني حادثة تلفزيون الدنيا عندما طلبت منه قناة الدنيا وصرحت بها الإعلامية هناء الصالح عدم قطع الكهرباء على مستوى القطر وحتى عن القرى عند بث إحدى حلقات الساعة الحرة والتي تبدأ الساعة 10.30 دقيقة ليلاً واستمرت حينها إلى ما بعد الساعة 12.30 دقيقة حيث أنه خلال تلك الفترة بالفعل لم تنقطع الكهرباء أي أن وزارة الكهرباء باستطاعتها تغذية البلد بالكامل بعد العاشرة ليلاً فلماذا التقنين بعد ذلك على الأقل للسادسة صباحاً ولأننا نعلم جميعاً أنه في الليل وعندما تكون الحمولة متدنية فإنها توجد طاقة فائضة على الشبكة ولذلك في معظم دول العالم يشجعون الناس على استهلاك الطاقة ليلاً وبأسعار أقل من سعر الاستهلاك في النهار لأنه لا يمكن تخفيض توليد الطاقة بشكل يساوي حجم الاستهلاك وذلك بسبب الحفاظ على استقرار الشبكة الكهربائية.
كما أن الحالة التي جرت في أول يوم من هذا العام كلنا يتذكر أن يوم 31/12/2011 كان يوم دوام ولم يكن هناك ذكر لتقنين الكهرباء وفي ذلك الحين صرح وزير الكهرباء بأنه اعتباراً من تاريخ 1/1/2012 سيصدر برنامج تقنين يستمر العمل فيه 15 يوماً وهكذا كل 15 يوماً يصدر برنامج جديد للتقنين وهذا ما جرى بالفعل ولكن المختص بمجال الكهرباء يستغرب كيف أن الكهرباء كانت متوفرة في 31/12/2011 وهو يوم دوام وفيه كافة النشاطات ويأتي يوم 1/1/2012 حيث يكون يوم عطلة ومعظم الناس نيام ويبدأ تقنين الكهرباء نعم إن الحمولة الطبيعية ليوم 1/1/2012 وفي ذروتها هي أقل بـ %30 كحد أدنى من حمولة الذروة ليوم 31/12/2011 فكيف ذلك يا سيادة الوزير ...؟؟
هنا لا يسعني إلا أن أتذكر عملية تقنين الكهرباء في بداية التسعينيات من القرن الماضي حيث كان تقنين الكهرباء كابوساً على الناس مثل الآن وتابعت أسباب التقنين آنذاك حيث كان وزير الكهرباء يعطي تعليماته لمحطات التوليد بتخفيض التوليد وبعد ساعة يبعث فاكساً لشركة الكهرباء بتقنين الكهرباء وهذا كان موثقاً وعندما علمت القيادة بذلك أمرته بتغذية جميع الناس وانتهى التقنين فوراً وهذا ما حصل في عام 1994، وعندها تأكدت القيادة من أن عملية تقنين الكهرباء كانت مفتعلة بشكل كبير عند ذلك قامت القيادة ليس باعفاء الوزير من منصبه بل بطرده كما جاء في الإعلان على التلفزيون آنذاك حيث تبين لاحقاً أنه كان شريكاً في صفقات استيراد مجموعات التوليد الصغيرة.
إذا كانت الاستطاعة المولدة عندي حوالي 8000 ميغا واط وبسبب التخريب خرج من الخدمة 2000 ميغا واط أي أنه باستطاعتي تغذية أو توليد 6000 ميغا واط ولكن الحمولة الدنيا حسب كلام السيد الوزير هي 4000 ميغا واط وهذا أيضاً صحيح وموثق فلماذا التقنين يا سيادة الوزير إذا كان باستطاعتي توليد 6000 ميغا واط في النهار وأقطع الكهرباء عندما تكون الحمولة أقل من ذلك بكثير؟؟؟ نعم من خلال قراءتي للحمل اليومي يتضح أنه لا داعي لتقنين الكهرباء من الساعة العاشرة ليلاً وحتى السادسة صباحاً كما وأن الحمل اليومي يكون خلال أيام العطلة أقل من ذلك بحوالي %25 ولا يوجد مبرر للتقنين إلا لساعة واحدة أو ساعتين فقط هنا أحب أن اذكر أن مجموعات التوليد تكون في العمل وهي تستهلك وقوداً ونعلم أنه عندنا في سورية يكلف توليد 1 ك.واط ساعي حوالي 10 ل.س (مع الدعم) فإذا علمنا أن وزير الكهرباء يقطع الكهرباء بمعدل 1000 ميغا واط ولمدة عشر ساعات يومياً ودون مبرر.
أي أن وزير الكهرباء يكون لديه حوالي 1000 ميغا واط استطاعة زائدة جاهزة على الشبكة ولا يعطيها للناس وهي تكلف البلد يومياً 1000 ميغا واط = مليون ك.واط
إذاً مليون ك.واط × 10 ساعات × 10 ل.س= 100 مليون ل.س
أي قيمة الخسارة يومياً مائة مليون ليرة سورية وشهرياً 300 مليون ليرة سورية هذا فقط تكلفة إنتاج، ولكنه لو أعطاها للناس لكان الناتج هو خمسة أضعاف، أي يومياً نصف مليار ليرة سورية خسارة للبلد، أي شهرياً حوالي 15 مليار ل.س خسارة نتيجة قرار وزير الكهرباء بقطع الكهرباء المتوفرة لديه عن الناس والمواطنين السوريين الذين لا يستحقون إلا كل الخير والمساعدة، أذكر من جديد أن كل هذه الأرقام موثقة.
وأخيراً فإن تقنين الكهرباء غير المبرر يساهم في تدمير البلد للأسباب التالية:
إن الدولة تخسر قيمة الوقود وكلفة توليد الطاقة وهي بحدود 3 مليار ل.س شهرياً في حالتنا هذه ولا تعطيها الوزارة للشعب.
ولو أعطت الوزارة الكهرباء للناس لكان ذلك سبب ربحاًُ لاقتصاد البلد بقيمة 15 مليار ل.س شهرياً.
بسبب زيادة كمية وزمن الطاقة الكهربائية المقننة اضطر العديد من الناس لشراء مولدات أو مجموعات توليد صغيرة وهي أيضاً استنزاف لاقتصاد البلد.
وهنا اذكر السيد الوزير بالمثل القائل (إذا كنت تدري فتلك مصيبة وإذا كنت لا تدري فالمصيبة أعظم).