الرفع الخامس لأسعار الإسمنت في 2016؟!
رفعت المؤسسة العامة للإسمنت أسعار منتجاتها مجدداً بنسبة 12% ليكون هذا الرفع الخامس للأسعار خلال العام الحالي، حيث ارتفع سعر طن الإسمنت في شهر 2 ثم في أشهر 5-6-7 تباعاً، وأخيراً في شهر 11 من العام 2016.وصل السعر النهائي للطن إلى 40 ألف ليرة للاسمنت، بعد أن تضاف عمولة مؤسسة عمران، ورسم إنفاق استهلاكي، بينما سيصل سعر بيعه في دمشق إلى 43 ألف بعد إضافة رسوم أخرى خاصة بمناطق الإنتاج. أما سعر أرض المعمل، أو مستودعات المؤسسة للاسمنت المعبأ أصبح 36500 ليرة، بارتفاع 4500 ليرة عن السعر السابق البالغ 32 ألف ليرة.
رفع سعر الإسمنت
هذا العام 62%
لم يعد الإسمنت في سورية مدعوماً، كما كانت تقول الحكومة سابقاً، بل أصبح سعره رابحاً، وأصبحت الحكومة تقارنه بأسعار الإسمنت في الدول المجاورة. فمنذ شهر 2-2016 كان وزير الصناعة السابق قد صرح بأن الربح في طن الإسمنت بلغ 3%، وأتت عمليات الرفع اللاحقة كلها، لتزيد من نسبة الربح.
وبهذا تكون الحكومة ترفع أسعار الإسمنت بطريقة قياسية في هذا العام، حيث انتقل من سعر 22500 ل.س، إلى 36500 ليرة للطن المعبأ من أرض المعمل، بنسبة ارتفاع: 62%، بينما كان سعره في عام 2011: 6000 ليرة، بنسبة ارتفاع إجمالية بلغت 580%، أي أن السعر الحالي قرابة 7 أضعاف سعر عام 2011، وحصة العام الحالي من ارتفاع أسعار الإسمنت أكثر من 10%.
فهل أثر هذا الرفع للأسعار، وزيادة الربح إيجاباً على أعمال المؤسسة؟!
تحسن بالإنتاج تأخر بالمبيعات
بلغ إنتاج المؤسسة العامة للإسمنت في العام الماضي، بمعاملها الثلاثة المتبقية (طرطوس- حماة- عدرا): 1885 ألف طن من الكلنكر، و 1793 ألف طن من الإسمنت، بقيمة 32 مليار، بقيمة تقريبية للطن 18 ألف ليرة في عام 2015، ومبيعات 30,8 مليار ليرة، أي حوالي 1700 ألف طن.
خلال النصف الأول من العام الحالي 2016 أنتجت معامل المؤسسة الثلاث: 932 طن من الإسمنت، بنسبة زيادة عن وسطي إنتاج نصف العام الماضي 4% فقط، بينما بلغ إنتاج الكلنكر خلال النصف الأول من العام الحالي 1373 ألف طن، بزيادة 41% عن وسطي إنتاج نصف العام الماضي 2015.
أما نسبة المبيعات التي تكون للاسمنت فقط، فقد بلغت 58% من المخطط، فالمؤسسة كانت تخطط للبيع من إنتاج العام الحالي، وجزء من السابق بمقدار: 1627 ألف طن، ولم يتم بيع إلا مقدار 938 ألف طن. بزيادة عن وسطي كميات مبيعات العام الماضي خلال الفترة ذاتها 10%.
رفع للسعر دون حسابات للسوق
يمكن القول بأن مؤشرات الإنتاج الفعلي في معامل الإسمنت الثلاث، تشهد تحسناً، ولكن هذا التحسن في قدرات الإنتاج، لا يترافق مع تحسن مماثل في قدرات البيع، والتسويق، بنتيجة رفع الأسعار بنسبة 62% خلال عام واحد! ويظهر هذا جلياً، من قدرات إنتاج الكلنكر المتوسعة، ولكن بالمقابل لم تتوسع قدرات طحن الإسمنت وإنتاجه بالمقدار ذاته! فقد ازداد إنتاج الكلنكر بنسبة 41% كما ذكرنا سابقاً، بينما لم تتزايد كميات إنتاج الإسمنت إلا بنسبة 4%، أما كميات المبيعات فقد ازدادت بنسبة 10% عن المبيعات المقدرة لنصف العام الماضي.
إن رفع أسعار الإسمنت بشكل دوري، وزيادة ربح المعامل، قد يعطيها إمكانية على تحسين سيولتها وقدرتها على توسيع استثمارها، وإصلاح خطوط إنتاجها، وتوسيع عمالها، فيما لو أتاحت لها السياسية الاقتصادية ذلك. ولكن هذا كله يبقى مرهوناً، بقدرة السوق السورية، على الاستهلاك، وهي قدرة متراجعة، تحديداً في قطاع مثل قطاع البناء المستهلك الرئيسي للاسمنت، حيث أصبح نطاق نشاط القطاع الاقتصادي محصوراً وضيقاً.
أما إن كانت الحكومة تحاول أن توصل السعر إلى مستويات السعر الإقليمي، التي ترتفع وسطياً بنسبة 48-50% عن السعر السوري، فإن هذا يعني أن المخطط هو: أن تبلغ أسعار الإسمنت أكثر من 100 دولار للطن، بينما سعر الطن السوري الحالي: 70 دولار وفق سعر صرف 517 ليرة مقابل الدولار، فهل سيرتفع إلى ما يزيد عن 50 ألف ليرة؟! وما مصير إمكانيات المبيع الداخلية في هذه الحالة..
مؤسسة عمران المستجر الرئيسي للاسمنت العام، والمسوق له في السوق المحلية، أكدت أنها لم تعلم بخبر الرفع، ولم يتم التنسيق معها.
وأشار معاون مدير المؤسسة سهيل اسمندر، إلى أن إمكانيات الإنتاج الحالية، لا تغطي أكثر من 30% من حاجة السوق المحلية، ومع ذلك فإن كميات مبيعات المؤسسة لا تتزايد مع ازدياد إنتاجها، ويشير إلى أن الأسعار النهائية لطن الإسمنت من المعامل العامة، سيقارب سعر طن الإسمنت المنتج لدى القطاع الخاص، والبالغ 47 ألف ليرة تقريباً.
أيهما أجدى: سعر مرتفع أم منخفض؟!
استمرار رفع السعر سيفقد منتج الإسمنت العام ميزته التنافسية، مما قد يؤدي إلى مزيد من تراجع المبيعات، وعلى المهتمين بمعامل الإسمنت العامة، أن يقدروا الجدوى الاقتصادية الفعلية، بالإجابة عن سؤال: أيهما أجدى، حصة قليلة من السوق، مقابل سعر أعلى؟ أم حصة أوسع من السوق مقابل سعر متوازن؟ على ما يبدو القرار في صناعة الإسمنت السوري، يرسو على الخيار الأول، ولكن دون دراسة فعلية، بل بشكل يبقى السعر متكيفاً مع ارتفاع التكاليف، وتحديداً تكاليف الطاقة والكهرباء، التي لا يوجد من يخفضها ويدعمها، بينما تبقى الأجور عنصر التكلفة الثابت الوحيد!
4%
ازداد إنتاج الإسمنت من معامل عدرا- حماة- طرطوس في نصف العام الحالي، عن وسطي نصف العام الماضي بنسبة 4% فقط، من قرابة 896 ألف طن، إلى 932 ألف طن.
41%
ازداد إنتاج الكلنكر في المعامل الثلاث، خلال نصف العام الحالي عن الفترة ذاتها في 2015 بنسبة 41%، مما يدل على زيادة التخزين لا البيع.
60%
ازداد رقم المبيعات بين نصف العام الحالي، والسابق بمقدار 60% تقريباً، بينما ارتفع السعر بنسبة 62%ـ أي أن الزيادة في كميات المبيع ليست كبيرة.