في ندوة الثلاثاء الاقتصادي الفقر ..البطالة .. إلغاء الدعم ثالوث يهدد الأمن الاجتماعي السوري

● الهدف ليس المؤشرات الاقتصادية بحد ذاتها، بل الوصول من خلالها إلى أحسن المؤشرات الاجتماعية.

● تحولت البطالة إلى ظاهرة ثابتة ومستمرة ومنتظمة الظهور و هي تهدد الأمن الاجتماعي.

● إن السياسة الاجتماعية الصحيحة هي التي توجه السياسات الاقتصادية.

العدالة الاجتماعية أولاً وأخيراً

- يعتقد الدكتور جميل أنه في العقود الماضية سادت، عقلية تقول إن توفير الشروط الاقتصادية للتطور  ستضيق هامش تحقيق مكاسب اجتماعية، كما كان يجري تبرير اللافعالية الاقتصادية بضرورات اجتماعية. والواقع أن هذا التناول أدى في نهاية المطاف إلى تراجع الاقتصادي والاجتماعي معاً، مما يتطلب تدقيق الرؤية وتصحيحها، ففي ظروف سورية تدنت الفعالية الاقتصادية لأسباب لها علاقة ببنية الإنتاج وعدم انسيابية عملية الإنتاج والنهب الذي تعرضت له المؤسسات الاقتصادية من خلال مدخلاتها أو مخرجاتها. لذلك عندما كانت تحل بعض المهام الاجتماعية على المستوى الجزئي كانت تستخدم كحجة لتبرير تدني الفعالية الاقتصادية وللتغطية على عملية النهب التي كانت تجري على قدم وساق. أما على المستوى الكلي فقد تم تحقيق معدلات نمو لا بأس بها ولكن ليس بسبب الفعالية العالية للمؤسسات الاقتصادية على المستوى الجزئي، بل بسبب نوع من الريع تم تحقيقه بسبب الظروف الإقليمية والعالمية. وهذا ما سمح بحل ومعالجة جملة من القضايا الاجتماعية في حينه من خلال الفوائض المتاحة والتي لم تكن مصادرها داخلية. وبالنتيجة كانت العلاقة بين العدالة الاجتماعية والفعالية الاقتصادية تاريخياً، تحل على حساب أحد طرفي المعادلة، فأي رفع لمستوى العدالة الاجتماعية كان يرافقه تصور أنه يؤدي إلى انخفاض الفعالية الاقتصادية والعكس صحيح. ولكن كيف يمكننا النظر لعلاقة الاجتماعي والاقتصادي في سورية اليوم؟ على هذا السؤال يجيب قدري جميل بالقول: إن علاقة الاقتصادي بالاجتماعي، هي علاقة شكل بمضمون، فالشكل لايتغير إلا بتغير المضمون، كما أن تغير الشكل يؤدي إلى تغييرات في المضمون. فالهدف ليس المؤشرات الاقتصادية بحد ذاتها، بل الوصول من خلالها إلى أحسن المؤشرات الاجتماعية. وبالتالي، فإن كل الكلام عن التناقض بين الاقتصادي والاجتماعي هو كلام غير صحيح إذا لم ينظر له من زاوية وحدة هذه الثنائية وتفاعلها المتبادل، أي أن التناقض بينهما ليس مستعصياً يؤدي إلى نفي أحدهما للآخر بل على العكس، هذا التناقض هو من التناقضات الضرورية للتقدم والتي يمكن التحكم بها لمصلحة التطور.

مستوى المعيشة: هل من وقف لتدهوره؟

تحتل قضية تحسين مستوى المعيشة حيزا أساسيا في طرح الدكتور قدري جميل للقضية الاجتماعية، فمن وجهة نظره،  تحتل هذه القضية موقع الصدارة في منظومة السياسات الاجتماعية لما لها من تأثير مباشر على المجتمع ومزاجه ومواقفه، ويستغرب الدكتور جميل كيف يتم الخلط بين مستوى المعيشة والفقر، إن قضية الحد الأدنى لمستوى المعيشة الذي يقاس عادة بسلة الاستهلاك المبنية على مستوى الأسعار الملموس، أهملت لصالح مؤشرات مجردة عالمية غير ملامسة حدة الفقر، مع الملاحظة أن مستوى المعيشة يقاس ليس فقط كماً من حيث الدخل المجرد، وإنما أيضاً من حيث الخدمات المتوفرة وسعرها ونوعيتها بالمقاييس العالمية.إلى جانب ذلك يجب أن لايهمل أن الحد الأدنى لمستوى المعيشة هو مجرد مؤشر، كي تبنى على أساسه مؤشرات أخرى ليست أقل أهمية، وهي مثلاً الحد المتوسط لمستوى المعيشة. فالهدف الحقيقي لا يمكن أن يكون فقط الوصول إلى معادلة الحد الأدنى للأجور بالحد الأدنى لمستوى المعيشة، فهذا المؤشر لا يكفي لتغيير مستوى المعيشة، بل يجب الانطلاق منه للوصول إلى الحد المتوسط لمستوى المعيشة الذي بتوفره كوحدة قياس يسمح بمعرفة درجة تأمينه في المجتمع مع الآثار المختلفة الإيجابية أو السلبية المنبثقة عنها.

إن مشروع الخطة الخمسية العاشرة يعتبر أن خط الفقر الأعلى هو 2052 ل.س للفرد شهرياً، وأن نسبة هؤلاء 30% (حوالي 5.3 مليون شخص) ويضع المشروع هدف تخفيض عددهم إلى 22.6% في نهاية الخطة، أما من هم تحت خط الفقر الأدنى (أي يحصلون على 1458 ل. س للفرد شهرياً) فتعد الخطة بتخفيض عددهم من 11.9% في 2004 إلى 8.7% في نهاية 2010 حتى 7.13% 2015 أي تخفيض عددهم خلال عشر سنوات من  2 مليون إلى 1.497مليون أي أن عدد الفقراء الذين يعيشون تحت الحد الأدنى من الأدنى سيتناقص سنوياً بحجم 40 ألف شخص وإذا استمرينا على هذه الوتيرة سيقضى على الفقر الشديد كلياً في عام 2030.طبعاً هذه النتائج تفترض أن المخططين استطاعوا التحكم بمعدل النمو السكاني المفترض 2.26% سنوياً وآخذين بعين الاعتبار أن نسبة النمو الاقتصادية العامة قد تحققت والتي هي بحدود 7% ونحن من جهتنا افترضنا أن التناقص في نسبة الفقر الشديد مستمر بنفس الوتيرة التي بدأ فيها في أعوام 2005 ـ 2010 ـ 2015.

ولكن إذا انطلقنا من الواقع الملموس فإن الدراسات المحلية تؤكد أن الحد الأدنى الضروري لمعيشة أسرة وسطية العدد 5.6 فرد شهرياً، قبل ارتفاع الأسعار الأخير كان بحدود 18ألف ل.س، أي حصة الفرد شهرياً 3215 ل.س وليس حوالي 2000 ل.س كما يفترض واضع الخطة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار ارتفاعات الأسعار الأخيرة منذ تذبذب سعر صرف الدولار إلى رفع أسعار البنزين والأسمنت الأخيرة لتوقعنا ازدياد الأسعار بنسبة 30% وبالتالي تغير الحد المفترض من 18 ألف إلى 23400 ل.س بواقع حصة فرد تقارب 4200ل.س أي أكثر من ضعف ماهو يعتبر نقطة استناد في مشروع الخطة لمحاربة الفقر. يقدم الكتور جميل أربع سيناريوهات لحل مشكلة مستوى المعيشة مرتبطة جميعها بتعديل العلاقة بين الأجور والأرباح وهذه السيناريوهات هي:

1ـ يمكن حل قضية الحد الأدنى للأجور بعد 67 سنة إذا بقيت كتلة الأجور على حالها 17% من الدخل الوطني، وضمن العائدية المنخفضة للاستثمار والتي لاتتجاوز 15% حالياً، وضمن معدل النمو  الاقتصادي الحالي 2 ـ 3%.

2ـ إذا لم تعدل علاقة الأجور بالأرباح ورفعنا الاستثمار إلى 25% وعائديته إلى 20% لتمكنا من الوصول إلى نمو 9% يسمح بحل قضية الأجور بعد 29 سنة.

3ـ إذا غيرنا علاقة الأجور بالأرباح كي تصبح الأجور 40% ورفعنا حجم الاستثمار إلى 30% والعائدية كذلك لأمكن تحقيق معدل نمو 6% ولأصبح بإمكاننا حل الموضوع بعد 15 عاماً.

4ـ النموذج الأقصى: تراكم 35% عائدية  40% أجور 60% نمو 10% و  الحل بعد 5 سنوات.

وهكذا يتبين أنه لاحل إلا بإعادة نظر جذرية في حجم الاستثمار الداخلي وعائديته وعلاقة الأجور بالأرباح وإلا لن يمكن كسر الحلقة المفرغة.

البطالة: من ينزع فتيل الانفجار

لم تعد تأثيرات البطالة تقتصر على الجوانب المادية للعاطل عن العمل كالفقر وانخفاض مستوى الدخل، فقد امتدت هذه التأثرات والنتائج لتشمل الحالة النفسية والاجتماعية وحتى الانتماء ذاته للعاطل عن العمل ومن هذه التأثيرات ينطلق قدري جميل في تحليله للبطالة فهو يعتقد أنه ومع تزايد معدلات البطالة وصعوبة إيجاد حلول لها تتغير معها الآثار السلبية المعروفة تاريخياً والمرافقة لها، فمن ظاهرة غير دورية ومتقطعة وغير منتظمة الظهور عند شرائح بعينها، تحولت البطالة إلى ظاهرة ثابتة ومستمرة ومنتظمة الظهور وخاصة في القطاعات التي تدخل سوق العمل مجدداً، والتي تبقى مرشحة له لسنوات طويلة، مما يخلق فعلياً شرائح اجتماعية جديدة تتميز بزيادة تهميشها عن الشأن الاجتماعي والوطني، الأمر الذي يخلق قنبلة اجتماعية عالية الخطورة في حال انفجرت في ظرف ملائم ما. وقد قدم الدكتور جميل تصورا اقتصاديا لحل مشكلة البطالة منطلقا أولا بنقد تصور الخطة الخمسية العاشر لمشكلة البطالة حيث يقول: يحدد مشروع الخطة تخفيض معدل البطالة إلى 8% في نهايتها، أي إذا كان عدد العاطلين عن العمل اليوم هو أكثر من 2 مليون شخص فسيصبحون حينذاك 1.6 مليون وهي خطوة جدية ولكنها لا تكفي لتخفيض حدة التوتر الاجتماعي الذي تسببه ظاهرة خطيرة كالبطالة. فإذا اعتبرنا أن معدل تناقصها سيكون أقل من 1% سنوياً فمع التعقيدات  المتوقعة لا تقترح الخطة حلاً للموضوع عملياً قبل خمسة عشر عاماً.

نعتقد أن هذا الموضوع يندرج أيضاً ضمن مفهوم الأمن الاجتماعي الذي يتطلب حله الالتزام بآجال متوسطة المدى. فالبطالة إلى جانب كونها قوى وثروة مهدورة فهي تخلق بؤر توتر اجتماعي يسبب توسع دائرة المهمشين. إن حل مشكلة البطالة يتطلب التوسع في الاستثمار وتوسيع القاعدة الاقتصادية، فالدراسات تبين أننا بحاجة إلى30% استثمار من الدخل الوطني  لامتصاص الوافدين الجدد إلى سوق العمل ونسبة إضافية لامتصاص البطالة التراكمية مما يتطلب  رفع عائدية الاستثمار إلى الحد الأقصى الممكن في الظروف الحالية.وتبين الدراسات الجدية أن العام الأول للخطة يتطلب حجم استثمار 387 مليار ل.س تتصاعد سنوياً لتصل إلى 623 مليار ل.س في نهاية الخطة لحل الموضوع جذرياً، أي أن الخطة العاشرة تقترح  1800 مليار ل.س استثمارات فضرورات القضاء على البطالة خلال فترة متوسطة (7 سنوات) تتطلب 3000 مليار ل.س وهو غير مستحيل التحقيق في ظل دخل وطني حالي 1000 مليار ل.س إذا رفعت معدلات النمو إلى الحد الأقصى مع رفع معدلات الاستثمار والعائدية وبالاعتماد على الاستثمارات الخارجية بالحدود الدنيا، ولكن بشرط تعبئة الموارد الداخلية إلى الحد الأقصى وخاصة على حساب مخرجات الفساد الكبير الذي يقتطع من 20 ـ 40 % من الدخل الوطني.

الدعم الحكومي حق وليس صدقة

ليس هنالك دولة في العالم لا تقدم الدعم لجهات اعتبارية أو فردية، ويخدم الدعم في النهاية أهدافاً سياسية اقتصادية واجتماعية.فالبقرة في أوروبا تحظى بدعم يومي قدره 2.5 دولار أما في اليابان فوضعها أحسن إذ تحظى بـ 7.5 دولار يومياً، (المفارقة مع حد الفقر الأدنى).أما الولايات المتحدة ذات الاقتصاد الحر فتدعم مزارعيها، وأوروبا يشكل مجموع الدعم الزراعي 30% من قيمة الإنتاج النهائي.

إن معزوفة أن يذهب الدعم إلى مستحقيه ولإعادة النظر تحمل في طياتها خطر أن يتبخر الدعم عن مستحقيه وغير مستحقيه، فكيف معالجة الموضوع. في دراسة هامة للدكتور حيان سلمان يشير إلى أن

دعم السكر والأرز، يحق للمواطن السوري المدعوم بكيلو سكر (10 ل.س) ونصف كيلو رز شهرياً (12ل.س)، وبدون دعم  (25) ل.س و (27) ل.س  على التتالي.

وإذا اعتبرنا عدد أفراد الأسرة وسطياً خمسة أفراد: بالتالي فإن ماتدفعه الأسرة بوجود الدعم من ناحية السكر  5×10 = 50 ل.س شهرياً. 50 × 12 = 600 ل.س شهرياً.

بدون دعم: 5 × 25 = 125 ل.س شهرياً.

125 × 12 = 1500 ل.س

الفرق 1500 – 600 ==900 ل.س تتحملها الدولة سنوياً.

من جهة الأرز تتحمل الدولة 450 ل.س بما مجموعه 1350 ل.س وإذا احتسب على مجموع سورية فالمبلغ لايتجاوز 5 مليارات ل.س وهو لايشكل عبئاً على خزينة الدولة خاصة أنه يمكن تغطيته من مصادر أخرى وضمن سياسة سعرية اجتماعية.

أما بالنسبة لدعم البنزين فإننا نجد أن سعر البنزين قد ارتفع من  23% ليصبح 30 ل.س / ليتر منذ مطلع 2006 بينما كلفته في مصافينا لاتتعدى 7.025 ل..س أي أن الدولة تربح عليه اليوم 41% أي حوالي 23 ل.س.إن سياسة الدعم يجب أن تعتمد على فكرة أن الدولة لايجب أن تقوم بدور الجابي والتاجر بقدر ماتقوم بدور الضامن للأمن الاجتماعي وللاستقرار السياسي.إن السياسة الاجتماعية الصحيحة هي التي توجه السياسات الاقتصادية ضمن منظور أولويات وأهداف محددة على أساس آجال زمنية مدورسة تفرضها ضرورات الواقع الإقليمي والمحلي.

مناقشات ..

الجزء الأخير من الندوة أصبح حامياً أكثر مع النقاش التفاعلي الذي أعقب المحاضرة والذي كشف عن شدة وتعقد الأزمة الاقتصادية في سورية، التي أصبح حلها غير ممكن ـ بحسب أغلب المتحدثين ـ ضمن شرطها الاقتصادي البحت، بل مع اتصالها بمجموعة مفاهيم «سياسية واجتماعية» أصبح حلها ضرورياً من أجل الخروج من عنق الزجاجة، ولعل التحدي الأبرز للمحاضرة، كان من جانب الدكتور منير الحمش حول مسألة الوصول إلى 10% نمو، منوهاً بأن الشروط التي حددها المحاضر لتحقيق هذه النسبة غير ممكنة في ظل متغيرات دولية وأقليمية ومحلية، وهو مايضعنا أمام مأزق جديد، ولكن المحاضر الذي دخل في حقل الاقتصاد السياسي هنا، حاول أن يميز بين مجموعة مفاهيم تتعلق بالواقع والممكن والضرورة، مشيراً بأنه من خلال تحليل المسألة الاقتصادية وتحديد إحداثياتها، نتبين أننا أمام حافة الهاوية وليس أمام أزمة جديدة، وبالتالي فإن الواقع يتطلب الوصول لمعدل نمو 10% على أقل تقدير لتجنب الهاوية، أمام شرط تحقيق ذلك (أي الممكن) فهو يتعلق بحل مجموعة من الإشكاليات التي تتصل بنية المجتمع ككل.

وهنا تطرق المحاضر إلى مسألة النقاش النظري الذي يختصره تياران، الأول يسعى إلى إبقاء الأمور كما هي، والثاني تيار الخصخصة، حيث يعتبر المحاضر أن القطاع العام بطريقة إدارته قد تخصخص، وهنا نجد إشارة واضحة منه إلى الفساد الموجود ضمن هذا القطاع، والذي عن طريقه يتم تحويل مخرجاته إلى الجيوب الخاصة وهو مايدفع البعض ـ حسب المحاضر ـ إلى المطالبة بخصخصة الجانب الحقوقي أيضاً، طالما أن مواردها تذهب إلى الجيوب الخاصة، مع الإشارة أن الباحث يدعو هنا إلى طريق ثالث يتجسد في المحافظة على الجانب الحقوقي للقطاع العام مع إعادة تأميم مخرجات هذا القطاع لصالح الناس، أي إعادة توزيع الثروة بشكل يختلف عن اتجاه الخصخصة الذي جوهره الحفاظ على نمط التوزيع المشوه.

التحدي الثاني للمحاضرة كان من جانب السيد غسان القلاع حين أوضح أن رفع الأجور إلى نسبة 40 ـ 60% من الدخل الوطني ـ كما أشار المحاضر ـ للوصول إلى معدل النمو المنشود سيؤدي إلى زيادة الكلف وارتفاع الأسعار، وهنا أخذ المحاضر يحاور ضمن حقل الضرورة، عندما أشار إلى أن نسبة الأجور الحالية التي تشكل 17% فقط من الدخل الوطني تتسبب بخلل كبير، لايسمح بحل أي مشكلة من المشاكل المنتصبة، لأن هذه النسبة 17% توجه ضربة إلى القوة الشرائية أي إلى الرأسماليين أنفسهم، سواء كان الرأسمالي قطاعاً عاماً أو قطاعاًخاصاً، ويضيف المحاضر بأن أحد أوجه حل مشكلة الأجور في سورية يكمن في القضاء على النهب الذي يقتطع أكثر من 20% من الدخل الوطني، لكن ذلك يحتاج أول مايحتاج إلى قرار سياسي، وهو مايجب أن يحصل، لأن الظرف السياسي الملموس لايسمح بتأجيل هذه القضية الآن، ولكن ليس على طريقة هيئة تخطيط الدولة التي ابتكرت علاج مكافحة الفساد عن طريق تخفيض الاستثمار، أي  أنها قامت بإغلاق الأوكسجين بدل أن تقوم بإغلاق البالوعة التي تستنزف الاقتصاد الوطني، ليتوصل المحاضر إلى نتيجة بأن الخطة العاشرة بمؤشراتها الحالية لن تحقق حتى 4% نمو لأنها أهملت قضية أساسية وهي قضية الأجور التي تعتبر العامل الأساسي المحفز للنمو الاقتصادي.

النقطة الأخرى التي أوضحها المحاضر والذي كشف النقاب عنها لأول مرة، كانت موضوع المداولات الجارية أثناء تحضير الخطة العاشرة، حيث أكد الباحث أن النماذج الرياضية التي تم إعدادها في هيئة التخطيط بالتعاون مع خمسة أساتذة من معهد التخطيط أسفرت جميعها عن أنه دون الوصول إلى معدل نمو 12% غير ممكن حل أي مشكلة من المشاكل المنتصبة أمام الاقتصاد السوري ضمن المدى الزمني المنظور 5 ـ 10 سنوات لكن مقرري الخطة بحسب ـ د. جميل ـ أبعدوا هذا الرقم، وتم الأخذ بالرقم 7% على أساس مؤشر صندوق النقد الدولي، والذي يستند إلى رقم النمو السكاني مضروباً بـ 2 أو 3 وليس على أساس الاستحقاقات المنتصبة مثل حل مشكلة المعيشة، البطالة وإعادة الاعتبار للدور الإقليمي.

 

 ■ بعثة قاسيون