مشروع مارشال جديد وضمن عالم جديد..!

مشروع مارشال جديد وضمن عالم جديد..!

دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الخميس الماضي، وعلى هامش مناقشات نادي فالداي في سوتشي إلى (ضرورة وضع خطة مارشال حديثة خاصة بالشرق الأوسط)، معللاً ذلك بحجم الدمار الهائل الذي ألمّ بهذه المنطقة. كما أشار إلى أنّ موسكو مستعدة للمساهمة بنشاط في عمل من هذا النوع.

فهل يمكن بقراءة متأنية لهذا التصريح في هذا التوقيت أن نضع بعض الاستنتاجات..

أولاً: الحديث بالملموس عن إعادة الإعمار في سورية، من جانب أعلى سلطة في موسكو، يعني أنّ هذه الخطوة قد اقترب أوانها، أي أنّ أو أن الحرب بدأ بالنفاد.

ثانياً: الحرب لن تنته فحسب، بل وستنتهي، وموسكو بين المنتصرين الأساسيين فيها.

ثالثاً: ما يجري الحديث عنه ليس إعادة إعمار سورية فحسب، بل و(الشرق الأوسط)، أي أنّ ما سينتهي ليس الأزمة السورية فقط، بل ومجمل أزمات هذه المنطقة.

رابعاً: إنّ استحضار مثال مشروع مارشال، يحمل إيحاء تمتد ظلاله أبعد من (الشرق الأوسط) بكثير، تمتد إلى العالم بأسره.. فمارشال كان أحد نتائج الحرب العالمية الثانية، وكان نتاج توازن دولي جديد تشكل عبر تلك الحرب. ما يعني أن بوتين ربما يرمي بكلامه إلى أنّ التوازن الدولي الجديد قد نضج وآن أوان ترجمته بشكل ملموس. يمكن قراءة هذا المعنى بشكل أوضح من كلام بوتين في المناسبة نفسها عن حلف الناتو حيث أكد أن روسيا لا ترى أن حلف الناتو يتكيف بالفعل للظروف الجديدة في العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، مشيراً إلى (زيادة التناقضات بشأن إعادة توزيع القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي في العالم).

إنّ ما ينبغي لفت النظر إليه أيضاً، هو أنّ البنية المالية- الاقتصادية للدخول بمشروع ضخم بمقاييس مارشال، وربما أكبر منه، قد باتت جاهزة لدى مجموعة بريكس، فإلى جانب الصناديق التي أنشأتها المجموعة، جرى الإعلان عن النية بإنشاء (صندوق بريكس لإعادة إعمار سورية) حسبما ذكرت نوفوستي في السابع من الشهر الجاري.

متغيرات ميزان القوى الدولي، تسمح بالقول بأن إعادة إعمار سورية ما أن يبدأ قد يكون نموذجاً جديداً لإعادة الإعمار، يدعم نجاحه عمق أزمة الرأسمالية من جهة، وحاجة القوى الاقتصادية الصاعدة إلى دعم نموذج الاستقرار وعدم توليد الأزمات..