أزمة زيت الزيتون المفتعلة.. الحل هو المنشار؟!!
سورية التي أصبحت منذ أكثر من عشر سنوات واحدة من أهم دول العالم في إنتاج الزيتون، عانت هذا الموسم من ارتفاع كبير جداً في أسعار زيت الزيتون، حيث وصل سعر الكيلو غرام الواحد من هذه السلعة إلى أكثر من 200 ل.س، وذلك لأسباب كثيرة على رأسها الاحتكار والجشع، فمع غياب كل أشكال الرقابة التموينية والتعامي عن متابعة وتنظيم عمليات التسويق والتصدير، سادت الفوضى «المنظمة» في الأسواق وراحت أسعار الزيت ترتفع بشكل جنوني حتى بات من شبه المستحيل على أصحاب الدخل المحدود تأمين مؤونتهم من هذه المادة الاستهلاكية الهامة واليومية.
وأخيراً، وبعد أن وصلت هذه الأزمة المفتعلة إلى حدودها القصوى، أحس المسؤولون بحراجة الموقف، وليتهم لم يحسوا، ففي الاجتماع الذي تنادى إليه أصحاب الشركات المتخصصة بالتسويق والتعبئة والتصدير وممثلون عن غرف الصناعة والتجارة والزراعة بالإضافة طبعاً إلى بعض المسؤولين الحكوميين في وزارات الزراعة والصناعة والتجارة والذي تم برئاسة مدير عام مركز التجارة الخارجية، حرى الاتفاق على ما يشبه المهزلة...!
المجتمعون، التجار والحكوميون، اتفقوا بالإجماع على السماح لأصحاب الرساميل الكبيرة بالاستمرار بتصدير الزيت السوري دون قيد أو شرط، هذا من جهة، ومن جهة أخرى السماح لهم باستيراد زيت الزيتون من الأسواق الخارجية وذلك حتى تاريخ 1/9/2006!!
بمعنى آخر، فالمعنيون عن توفير مادة زيت الزيتون في بلدنا، مسؤولون وتجار، قرروا أن يتبعوا سياسة المنشار في تعاملهم مع المواطنين السوريين، منتجين ومستهلكين، وهذا المنشار «سيأكل» في التصدير السهل والمرخص والشرعي والرخيص ودون أية ضوابط وبالكميات التي يرتئيها ويشتهيها، و«سيأكل» أيضاً عبر الاستيراد بالتسهيلات المالية وبالأنواع والكميات والأسعار التي تناسبه!!
وفي كلا الحالتين، سيدفع الاقتصاد الوطني والمواطن الثمن، فبينما ستمتلئ جيوب المسوقين بالعملة الصعبة، سيجد المستهلك السوري نفسه وقد خسر زيته وزيتونه ولن يستفيد من ملايين أشجار الزيتون التي باتت تنتشر في معظم المحافظات السورية، اللهم إلا من خضرتها وجمالها، وغالباً سوف يضطر لاستهلاك زيت رديء محلي أو مستورد، وكذلك الحال بالنسبة للخزينة، فلن يصلها إلا الفتات، ولن تكون قادرة بعد مدة قصيرة إلا القبول بالهبات المتواضعة التي يقدمها لها عتاة الأسواق...