وزارة الاقتصاد.. الخنق عبر قرارات الاستيراد!!

عدنان درويش: السماح باستيراد الألبسة الجاهزة سيؤدي إلى إغلاق مئات المنشآت وتشريد آلاف الأسر.

...هكذا ودون سابق إنذار، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة قراراً يسمح بموجبه باستيراد الألبسة الجاهزة، قبل تهيئة البيئة المناسبة لذلك، وهو الأمر الذي يضع المنتج المحلي أمام تحديات كبيرة لجهة عدم قدرته على المنافسة وما يمكن أن يترتب على ذلك من إغلاق لمئات المنشآت الصناعية وطرح بطالة جديدة في السوق وتشريد حياة آلاف الأسر كما يرى السيد (عدنان درويش) رئيس الجمعية الحرفية للخياطة والألبسة الجاهزة في محافظة ريف دمشق في هذا اللقاء العاجل:

● كيف كان وضع الصناعة السورية من الألبسة الجاهزة قبل أن تسمح وزارة الاقتصاد باستيراد هذه الألبسة؟

●● يوجد في سورية حوالي 18 ألف منشأة صناعية وحوالي 520 منشأة حرفية يوفرون حوالي (2.5) مليون فرصة عمل، أي 35% من مجموع العاملين في الإنتاج، وكانت الحكومة سابقاً توفر الحماية لهذه المنتجات من خلال منع الاستيراد وإيجاد الأسواق الخارجية لتصريف الفائض من الإنتاج، والتي كان يتمتع بمواصفات لابأس بها.

ولكن بعد خسارة أسواق الاتحاد السوفيتي والاستمرار في إنتاج بضائع لا تتقيد بالمواصفات القياسية العالمية، أصيب أصحاب هذه المنتجات بالإرباك لجهة عدم قدرتهم على تصريف منتجاتهم، بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى المستهلك لأن تكاليف السلع السورية عالية لأنها تعتمد في آلاتها وخيوطها وجميع مواردها الأولية على الاستيراد، وعدم وجود أسواق خارجية لتصريف الفائض وما زاد الطين بلة هو أن كل الآمال الكبيرة التي حلم بها الحرفيون والصناعيون ذهبت أدراج الرياح، ولكن مع ذلك استطاعت هذه الصناعة أن ترفد خزينة الدولة بمئات الملايين من الدولارات وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل.

● ما هي انعكاسات هذا القرار على المنتج المحلي؟

●● قرار وزارة الاقتصاد يفتح أبواب السوق المحلية على مصراعيها أمام البضائع الأجنبية من الألبسة الجاهزة التي تأتي عموماً من بلدان جنوب شرق آسيا، ولكن هذه البضائع تأتي عن طريق البلدان الخليجية  بموجب اتفاقية المنطقة العربية الحرة حيث يتم تبديل الماركات (الليبل) التي تحملها البضائع الأجنبية بماركات عربية  ثم يعاد إعادة تصديرها إلى سورية، وهذه العملية ستؤثر سلباً على المنشآت المحلية ويهددها بالتوقف التام عن العمل وتسريح عمالها، وبالتالي طرح أعداد جديدة من العاملين إلى سوق البطالة وتشريد حياة مئات الآلاف من الأسر، بالإضافة إلى حرمان خزينة الدولة من مئات الملايين من القطع الأجنبي وتجميد رساميل كبيرة صرفت على إقامة المنشآت الصناعية، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى إضعاف اقتصادنا الوطني والتأثير بشكل مباشر على القرار السياسي خاصة في هذه الظروف التي يتم الحديث فيها عن فرض عقوبات اقتصادية.

● هل قامت وزارة الاقتصاد بأخذ رأيكم قبل إصدار القرار؟ ما هي الإجراءات التي كان من الواجب اتخاذها قبل إصدار هكذا قرار؟

●● بما أن الحكومة تتحدث عن التشاركية في صنع القرار، فكان من المفروض أن يتم مناقشة القرار مع الصناعيين والحرفيين قبل إصداره من أجل اتخاذ إجراءات كفيلة بأن تكون البضاعة المحلية قادرة على منافسة البضاعة المستوردة، سواء من حيث السعر أو النوعية، فالصناعي والحرفي لدينا، يعاقب على إنتاجه بأن يدفع ثمن استجرار الكهرباء للكيلو واط الواحد ثلاث ليرات سورية، وهناك أنواع عديدة من الضرائب المفروضة على المنتجين وكان عيب إلغاءها أو تخفيضها كحد أدنى بالإضافة إلى إلغاء التراخيص الإدارية وتشكيل لجان للتأكد من مصادر الألبسة المستوردة بمشاركة الجمعيات الحرفية وأن تراقب الدولة بشكل حازم التقيد بالمواصفات والمقاييس من أجل حماية المنتج الجيد والمستهلك وأن تلغى نهائياً كلمة البضاعة التي تباع لا ترد ولا تبدل، وأن تكون كفالة المنتج ثلاثة أشهر بعد الاستعمال كما في الدول الأخرى، والعمل من أجل إيجاد أسواق خارجية لتصريف الفائض من الإنتاج، وكل هذه الإجراءات كان يجب أن تتخذ قبل إصدار هذا القرار، ونحن كجمعيات حرفية نقف ضد هذا القرار لأنه سلفاً سيؤدي إلى إغلاق المنشآت وتشريد حياة آلاف الأسر ولا يوجد مستفيد من هذا القرار إلا التجار. وفي النهاية أعداء الوطن الذين يريدون تمرير مشاريعهم الاستعمارية.

● هل تقوم الدولة بمراقبة أسعار الألبسة أنها خاضعة للعرض والطلب؟

 

●● ليس هناك تسعير من الدولة منذ أوائل التسعينات، والأسعار على الألبسة بكافة أنواعها تخضع لرغبة تجار بيع الألبسة، ولا يوجد أي دراسة علمية لعملية الأسعار على مستوى كل سورية، والأسعار المعلنة هي فخ يقع به المستهلك لاعتقاده بأن الأسعار مراقبة تموينياً، ولكن في الواقع ليس هناك أي تسعير فعلي.