نزار عادلة نزار عادلة

السكر صناعة مغدورة أمام مافيا التجارة.. استيراد كيلو السكر لا يكلف أكثر من /5/ ل.س

منذ أكثر من /30/ عاماً والمؤسسة العامة للسكر ومعامل السكر والفلاح ووزارة الصناعة ووزارة الزراعة واتحاد الفلاحين وجهات وصائية أخرى، تشكو من انخفاض درجة حلاوة الشوندر، والذي يتسبب في خسارات تصل إلى مئات الملايين من الليرات السورية سنوياً للدولة والمزارعين، وبناء عليه كانت وزارة الزراعة قد بدأت بدراسات وتجارب لإنتاج شوندر بمواصفات عالية من الحلاوة والنقاوة منذ /20/ عاماً، ولكن هذه الدراسات لما تنته حتى الآن!.

نصف الحقيقة

قال وزير الصناعة السابق خلال لقائه مع نقابات الغذائية في العام الماضي إن إنتاج الشوندر السكري سنوياً /1,3/ مليون طن، وهي حاجة معامل السكر لإنتاج السكر من الشوندر، وأضاف أن تكلفة إنتاج /1/كغ من السكر مستخرجاً من الشوندر تصل إلى /50/ ل.س، ولكن في تكرير السكر لا تصل التكلفة أكثر من /25/ ل.س، ويضيف الوزير السابق أن هناك معامل خاصة تقوم بتكرير السكر بطاقات إنتاجية عالية جداً مثل معمل سكر الوطنية في حمص حيث الطاقات الإنتاجية ضعف حاجة سورية من السكر، وأن شركات السكر في القطاع العام تعمل لثلاثة أشهر فقط، والوزارة تبحث عن أعمال أخرى لإدخالها في هذه الشركات. 

اتهامات متبادلة

وفي العام الحالي تكررت المعزوفة نفسها «كيلو السكر يكلف /60/ ل.س، ودرجة الحلاوة متدنية، واختناقات في التوريد، والشوندر علف للحيوانات، واتهامات متبادلة بين وزارتي الصناعة والزراعة، وسجال يومي مع المؤسسة والمعامل والفلاح».

نعم /60/ل.س تكلفة كيلو السكر هذا بجانب من الحقيقة، أما الحقيقة الأخرى الغائبة والمغيبة ليست في العمالة الزائدة وزيادة الرواتب والأجور.. التكلفة المرتفعة سببها الأساسي تدني نسبة حلاوة الشوندر، حيث أنها لا تصل في سورية إلى أكثر من /13/ درجة، في حين تصل في مصر إلى /18/ درجة، وهذا يؤدي إلى خسارة الفلاح، وإلى خسارة في إنتاج السكر عموماً وارتفاع التكلفة، ولكن لا يهم ما دامت مافيا التجارة والسمسرة تحقق أرباحاً فاحشة!!

في عام سابق تم استيراد بذور الشوندر من الدانمارك وبلجيكا، علماً أن هذه الدول تقوم باستيراد البذور من صريبا.. إذاً، لماذا لا نقوم بالاستيراد من صريبا بشكل مباشر؟! فعبر سنوات ودراسات تقدم، ولجان تجتمع، ومذكرات ترفع إلى القيادة من أجل توحيد جهة الإشراف على المحصول زراعة، وتسويقاً، وتصنيفاً في وزارة واحدة بدل وزارتين، ولم تحسم هذه القضية، ولا تزال الاتهامات تتبادل حول انخفاض درجة الحلاوة. 

الحقيقة بوضوح

بكل وضوح وزير الصناعة السابق كان يريد أن يعمل على التكرير في القطاع الخاص، وفي معامل القطاع العام لمصلحة القطاع الخاص، لذلك لم ترتفع درجة الحلاوة، وتم إيصال تكلفة الكيلو إلى /60/ل.س وقد رافق ذلك حقيقة أخرى وهي أن معامل السكر قديمة، أي أنها تستخدم تكنولوجيا وتجهيزات متخلفة دون تطوير أو تحديث وكان من الممكن إيجاد صناعات موازية لصناعة السكر وذلك بهدف التغلب على الكلفة المرتفعة وتشغيل العاملين خارج الموسم والتكامل في التخطيط بين الزراعة والصناعة ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، ولكن الاتهامات بقيت تتبادل، وبقي التكرير لحفنة قليلة كوكلاء حصريين.

ومن جهته، اعتبر مدير عام المؤسسة العامة للسكر، أن درجة حلاوة المحصول وصلت هذا العام إلى /13/ درجة علماً أن الدرجة النظامية التي وضعتها الجهات المختصة هي /16/ درجة وأن إنتاج شركات السكر في سورية للموسم الزراعي الحالي تبلغ /150/ ألف طن سكر ناتجة عن تضييع ما يقارب مليوناً و/655/ ألف طن خلال دورة تصنيعية وينتج عنها /380/ ألف طن تفل رطب يستخدم كمادة علفية وحوالي /82/ ألف طن ميلاس يستخدم في معامل الخميرة، هذا بالإضافة إلى الكحول الأبي، والكحول الصناعي، وغاز الكربون. 

خسائر!

مع التبشير بإغلاق معامل السكر لمصلحة حفنة من السماسرة، وكانت الحكومة السابقة تفكر في هذا القرار يعني تشريد عشرات الآلاف من الفلاحين الذين يعتمدون على زراعة الشوندر وخصوصاً في الغاب ويعني ايضاً استيراد الميلاس، واستيراد الخميرة للأفران، واستيراد الكحول، وغاز الكربون، واستيراد التفل كعلف للحيوانات، والمعامل الحالية تؤمن جميع هذه المواد، وتسد حاجة سورية منها وهي بالمليارات وهنا نسأل: كيف تكون المعامل خاسرة والتكلفة مرتفعة؟! 

ولا شك أن الجهات الوصائية لا تفرق بين الخسارة الاقتصادية والخسارة التجارية المعامل تخسر تجارياً، ولكنها تربح اقتصادياً، ولو أجرينا حساباً بسيطاً لوجدنا أن كيلو السكر في سورية لا يكلف أكثر من خمس ليرات سورية فقط.