هل هناك إنـجازات واقعية للحكومة بتنفيذ الخطة الخمسية العاشرة؟!!

أشارت بعض المصادر الحكومية ونحن على أبواب نهاية الخطة الخمسية العاشرة، إلى أن الخطة الخمسية الحادية عشرة تطمح لتحقيق معدل نمو يصل إلى 8%، وتخفيضٍ لمعدل البطالة يصل إلى 4%، وللوقوف على الإمكانية الواقعية والفعلية لتحقيق هذه الأرقام، كان لا بد من مراجعة الانجازات الحكومية المحققة في الخطة الخمسية العاشرة، وذلك من خلال طرح السؤال الأساسي: هل استطاعت هذه الخطة تخفيض البطالة والفقر عبر تحقيق أرقام نمو فعلية في القطاعات الاقتصادية الرئيسية (صناعة، زراعة)؟! حيث تعد هذه هي المنعكسات الأساسية المفترضة، على حياة المواطن، لأية خطة اقتصادية، في أي بلد كان!!

طموحات الخطة العاشرة

كانت الخطة الخمسية العاشرة 2006-2010 تهدف في نهايتها للوصول إلى معدل نمو 7% من اجل خلق 1,250 مليون فرصة عمل، إضافة إلى خفض معدل البطالة من 13% إلى 8%، وتخفيض نسبة من هم تحت خط الفقر الأدنى إلى 7,12% مقارنة مع 11,4 في نهاية الخطة الخمسية التاسعة، كما ارتفعت نسبة من هم تحت خط الفقر الأعلى من 30% إلى 42%.

أما على الصعيد القطاعي، فقد توجب نمو قطاع الصناعات التحويلية خلال الخطة الخمسية العاشرة بنسبة 15% مقارنة مع 8 %، وقطاع الكهرباء والماء بنسبة 13% مقارنة مع 3,9% نهاية الخطة الخمسية التاسعة، ونمو قطاع الزراعة 4%، والقطاع العقاري 12%، والقطاع السياحي 12%، والخدمات 5%.

 

ما الذي تحقق فعلياً؟!!

تمثل سياسات الإفقار المنفذة من الحكومة السورية، أفخر الصناعات السورية التي ستدخل الحكومة بفضلها موسوعة (غينيس) القياسية، حيث حازت سياساتها الإفقارية على ثناء وتأييد أساتذتهم في المؤسسات الدولية (صندوق النقد، البنك الدولي)، فالفقر حافظ عبر سنوات الخطة الخمسية على صدارته قائمة هموم الشعب السوري، بفضل ارتفاعه المستمر عاماً بعد عام، مع مرور سنوات الخطة، وهذا ليس مجرد كلام صحفي أو «حكي جرائد»، بل إن إحصاءات هيئة تخطيط الدولة الأخيرة، أكدت ازدياد معدلات الفقر بشكل عام، حيث ارتفع خط الفقر الأدنى من 11% ليصل إلى 14%، والحد الأعلى للفقر ارتفع أيضاً من 30% إلى 42%.

كما أكد ذلك، تقرير لعدد من الباحثين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا للعام 2007، إضافة إلى آخر إحصاءات الحسابات القومية المتوفرة من المكتب المركزي للإحصاء التي تقول إن نسبة عدد الفقراء في العام 2007 باستخدام خط الفقر الأدنى قد ارتفعت من 11.4% عند إعداد دراسة العام 2004 ليصل إلى 14.31% في العام 2007 ، أي أنها قد ارتفعت حوالي 3% خلال ثلاثة أعوام، وبمعدل 1% سنوياً، الأمر الذي رفع عدد الفقراء في سورية خلال السنوات الثلاث حوالي 600 ألف فقير حسب تقديرات المجموعة الإحصائية، ليصل بذلك عدد الفقراء السوريين المعدمين غير القادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الطعام إلى 2,73 مليون فقير في العام 2007.

كما أن تقرير الأمم المتحدة لعام 2009 أكد ارتفاع نسبة الحد الأدنى للفقر في سورية إلى 22% والحد الأعلى للفقر إلى 44%. وكان أخر الإحصاءات المؤكدة على ارتفاع الفقر بين الشعب السوري هو تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية للعام 2009 الذي أوضح أن معدلات الفقر العام في سورية تتراوح بين 28.6% و30%.

 

ارتفاع البطالة وانعدام الأمن الاقتصادي

أما بالنسبة للبطالة التي تعد مصنعاً لإنتاج الفقر الأوتوماتيكي، والسبب الرئيس لانعدام الأمن الاقتصادي، فالأمر لم يكن أفضل حالاً، حيث أكد تقرير صادر عن الاتحاد العام لنقابات العمال في منتصف العام 2008 تعمق ظاهرة البطالة في سورية بعد أن وصل معدلها إلى مابين 14-16%، مرجحاً في الوقت ذاته استفحال ظاهرة البطالة في سورية، بفعل سياسات التشغيل التي تتبعها الدولة في القطاع العام والقطاع الإداري، المتمثلة بالتوقف عن التعيين بشكل عام،كما أن القطاع الخاص يركز في أعماله على قطاعي التجارة والخدمات التي تشكل ما يقارب 50 % من مشاريعه بدلاً من توظيف أمواله في مشاريع صناعية وزراعية، مما قلل من امتصاص الأعداد الكبيرة من الداخلين الجدد إلى سوق العمل والمقدرين بنحو 300 ألف عامل سنوياً. وتشير أيضاً العديد من الدراسات الاقتصادية إلى أن معدل البطالة في سورية التي تشمل جميع العاطلين عن العمل القادرين عليه والباحثين عنه دون أن يجدوه، تتراوح بين 15 – 20% من إجمالي القوة البشرية السورية. كما أشارت بيانات منظمة العمل العربية لعام 2008 إلى أن المعدل الإجمالي لنسبة البطالة في البلدان العربية 14.4% من القوى العاملة مقارنة بـ6.3% على الصعيد العالمي.

أما بالنسبة لأرقام النمو فقد أوضح النائب الاقتصادي عبدالله الدردري أن الخطة الخمسية العاشرة حققت نمواً اقترب من السيناريو التفاؤلي أي 7%، على الرغم من أنها واجهت سيناريو تشاؤمياً يحقق نمواً 4% فقط. في الوقت الذي تشير فيه أحدث أرقام المؤسسات الدولية الراعية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي، والموجِّهة له إلى عكس ذلك، حيث أكد تقرير صندوق النقد الدولي الأخير المقدم إلى الحكومة السورية أن معدل النمو بين عام 2005 و 2008 لم يتجاوز 5%، وتوقع الصندوق أن يكون معدل النمو بحدود 3,9% في عام 2009، وهذه هي أرقام أساتذتهم ومستشاريهم!! فما هي الأرقام الحقيقية إذاً؟! والسؤال: من أين أتى الفريق الاقتصادي بالسيناريو التفاؤلي وبالنمو بنسبة 7%؟!! بالإضافة إلى أن مكاتب الإحصاء الدولية أكدت أن نمو الاقتصاد السوري لا يزيد على 3.1%.

 

كيف تزداد البطالة والفقر والنمو الاقتصادي في تحسُّن؟

أما الأساس والحكم الفصل في قضية النمو هو انعكاس هذا النمو المحقق على المجتمع والمواطن السوري بالدرجة الأولى، وهذا هو الذي يحدد جدية أرقام النمو وحقيقتها، فهل تحسَّن الواقع المعيشي للمواطن السوري؟! وكيف تزداد البطالة والفقر ونقول إن النمو الاقتصادي في تحسُّن؟! كما أن الأسعار وحسب مؤشر «قاسيون» ارتفعت من شباط 2007 حتى أب 2009 بنسبة 180 % بينما لم تزد الرواتب خلال هذه الفترة إلا مرة واحدة بنسبة 20% وهذا للقطاع العام فقط دون القطاع الخاص وحتى المشترك، فالنمو انعكس ارتفاعاً في أسعار سلة المواطن الغذائية ومعيشته بشكل عام، والنمو المتحقق أدى إلى زيادة غنى الأغنياء وإفقار الفقراء، لأن جميع القوانين والإجراءات الاقتصادية المتبعة كانت في مصلحة هؤلاء الأغنياء وتنفيذاً لمصالحهم، ابتداءً بالضريبة كونها أحدثت تخفيضات على الدخول الكبيرة من الشركات والعقارات، بينما بقيت الضريبة على الدخل ثابتة دون تخفيض، مروراً بكذبة إعادة توزيع الدعم الهادف إلى الإلغاء التدريجي، وانتهاء بالاستمرار في خطى وإجراءات ممنهجة جل ما تفعله هو زيادة الاحتقان الاجتماعي..