نزار عادلة نزار عادلة

المصابغ في حمص الأسباب الحقيقية للانهيار والخسارة والتوقف!! الفساد أولاً وأخيراً

منذ أكثر من 15 عاماً وشركة المصابغ في حمص تطرح بهمومها ومشاكلها وصعوباتها على طاولات البحث والحوار. وتتخذ قرارات وتصدر توجيهات والنتيجة: انهيار الشركة بشكل كامل وخسارات سنوية بالمئات من الملايين
في كل الاجتماعات التي عقدت لم تطرح الأسباب الحقيقية لانهيار هذه الشركة، وكان ما يطرح يقول: إن يد الإهمال امتدت إلى هذه الشركة وحرمتها من التطوير والتحديث والتجديد،وإن المشاريع التي طرحت من أجل إنقاذها كمشروع الجينز والعوادم لم تتم الموافقة عليها وتم إعطاء هذه المشاريع للقطاع الخاص.

آخر الدراسات:

مؤخراً شكلت لجنة من المؤسسة لدراسة واقع شركات الغزل والنسيج، وضمن اللجنة الرفيق عمر الحلو رئيس الاتحاد المهني للغزل والنسيج، وقامت اللجنة بدراسة واقع هذه الشركة وخلصت إلى النتائج التالية:
بناء على قرار رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات النسيجية رقم م.ع/147/2006 تاريخ 13/04/2006 المتضمن تشكيل لجنة من أعضاء مجلس الإدارة:

- الدكتور المهندس محمد أبو عصفور.. رئيساً.
- المهندس إبراهيم حاج محمود.. عضواً.
- الدكتور المهندس طاهر قدار.. عضواً.
- السيد عمر الحلو.. عضواً.

مهمتها:

إعداد الدراسة الميدانية للشركات التابعة المتعثرة ووضع المقترحات المناسبة لتجاوز العقبات وتحسين أوضاعها تمهيداً لاتخاذ القرارات اللازمة ورفعها إلى وزير الصناعة.
فقد قامت اللجنة بدراسة ميدانية لشركة حمص للغزل والنسيج والصباغة بتاريخ 4-5/05/2006، وفيما يلي الواقع الحالي للشركة:

1 - الواقع الفني والإنتاجي:

- قسم الغزل أسس عام 1960 ومتوقف بشكل كامل منذ عام 1999 وعماله (75) .
- قسم النسيج يحوي أنوالاً قديمة وضيقة يعمل على إنتاج أقمشة أكياس الطحين بوردية واحدة وعدد عماله (151) عاملاً، الإنتاج المخطط (1700.000)م والفعلي (800) ألف م.
- قسم المطبعة ـ الأفقية متوقفة بسبب القدم والخلل الفني في الإنزياحات ـ أما مطبعة الرولو فهي متوقفة لعدم وجود إنتاج وبسبب العرض الضيق.
- المصبغة لا تعمل لعدم وجود منتج.

2 - الواقع العمالي:

يوجد في الشركة بتاريخ الزيارة (534) عاملاً، معظمهم متوقفون عن العمل، حيث لا يعمل سوى عمال قسم النسيج الخامي وتوابعه بعدد (151) عاملاً.
بتاريخ الزيارة أي في 05/05/2006 لم يكن العمال قد استلموا أجورهم، وقد تمت مواجهتنا بالعديد من الشكاوي مع توقف المزايا العمالية كالطبابة مع العلم بأن كتلة الرواتب والأجور للشركة لعام 2005 هي (105.18) مليون ل.س.

3 - الواقع المالي:

- المديونية على الشركة 976 مليون ل.س
- الدائنية على الغير 82 مليون ل.س
- خسائر الشركة حتى عام 2005/883.5 مليون ل. س
- خسارة الشركة عام 2005/104 مليون ل.س
- قيمة المخازين 107 مليون ل.س

4 - أسباب تردي واقع الشركة:

- قدم الشركة وآلاتها وتوقيف آلات وخطوط إنتاجية متكاملة دون بدائل للتجديد أو الاستبدال وضياع الفرص العديدة لذلك والتي كانت متاحة سابقاً.
- خروج منتجات الشركة من الأسواق لأسباب أهمها:
- الإنتاج النمطي غير الرائج وعدم إمكانية الشركة مواكبة متطلبات السوق.
- ضيق الأقمشة المنتجة.
- تدني جودة الإنتاج.
- انخفاض الطاقة الإنتاجية والارتفاع الكبير في تكاليف المنتجات.

هذا وقد أجريت دراسة لزيادة إنتاج الشركة من أقمشة أكياس الطحين والعمل على ثلاث ورديات في محاولة لمساعدة الشركة، لكن تبين الآني:
في حال العمل بورديتين لإنتاج (1800.000)م قماش مطاحن فستكون تكلفة إنتاج الكيس الواحد 69.00 ل.س، في حين أن السعر المقرر للبيع هو (34.35) ل.س وستكون الخسارة الناجمة (47.9) مليون ل.س.
وفي حال العمل على ثلاث ورديات لإنتاج (2697000) قماش مطاحن فستكون تكلفة إنتاج الكيس الواحد (55.56) ل.س، ستكون الخسارة الناجمة (44) مليون ل.س.

5 - النتائج:

- الواقع الحالي للشركة يشير بوضوح كامل أنه لا تتوفر فيها مقومات الشركة من كافة الجوانب الفنية والإنتاجية والإدارية والمالية.
- الاستمرار في الواقع الراهن ـ استمرار للخسارات والعجوزات وقابل للتفاقم.

المقترحات:

- الاستفادة من العمالة الموجودة في الشركة بكافة أقسامها الإنتاجية والإدارية في شركات القطاع العام الأخرى.
- توقيف الشركة عن العمل والاستفادة من بعض الآلات القليلة التي يمكن الاستفادة منها في شركات تابعة أخرى.
- تقدمت الشركة بدراسة اقتصادية لمشروع أقمشة الجينز ومشروع النسيج الخامي بتكلفة إجمالية (1.9) مليار ل.س، ولا يوجد في الشركة ما يوحي بنجاح أي مشروع استثماري بواقع الشركة الحالي.
اللجنة كما رأينا استعرضت الواقع الحالي بشكل عام، ووضعت حلولاً تتلخص: الحكم بالإعدام على هذه الشركة بعد احتضار دام أكثر من 15 عاماً، ولم تتطرق اللجنة إلى أسباب الانهيار والموت، وعدم التطرق إلى أسباب الموت يعني هروبنا، وأقصد هروب المؤسسة من الواقع.

ولكن ما هو الواقع؟

الشركة عمرها أكثر من 60 عاماً كانت تنتج أقمشة مصبوغة ومطبوعة، وكانت الشركة متوازنة، وقد تم توسيع هذه الشركة بافتتاح أقسام غزل ونسيج قطني عام 1970، وتم تحديث آلات الغزل والنسيج والصباغة، ثم توقف كل شيء بعد أن توقف الزمن في هذه الشركة. وفي العام 1982 بدأ سيل من الدراسات لتجديد واستبدال الآلات بشركة المصابغ. ومع هذه الدراسات بدأ الهدر وبدأ الفساد وبدأت المخالفات في المناقصات حيث استبدلت السلندرات لتنشيف المصبغة، وكانت هناك مخالفات في العقود وتمت إحالة الموضوع للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، ووردت آلات فحص للأقمشة الجاهزة أيضاً أحيلت إلى التفتيش ورافق ذلك ممارسات إدارية ببيع قطع فنية موجودة بالمستودعات تحت غطاء وستار زيادة المبيعات في الشركة لتوفير السيولة النقدية، أيضاً جرى تنسيق قسم الغزل المؤلف من سبع كروات وآلات سحب وآلات برم و(11) آلة نهائية وسحبت هذه الآلات إلى معمل خردة حماة دون أن يتم تأمين آلات غزل بدلاً عنها حسب قرارات مجلس الوزراء التي تنص على عدم تنسيق أي آلة ما لم يتم تأمين البديل، وتوالى الإهمال وتراكم، وتراكمت الخسارات وكانت لجان التفتيش في إقامة دائمة بالشركة وصدر عنها توصيات ومقترحات بإحالة العديد إلى القضاء وإلى المحاكم الاقتصادية، ومن بعض المخالفات أيضاً مناقصة آلات البياض ومناقصات أخرى عديدة تضم 219 آلة قديمة يتراوح عمرها بين 40 سنة إلى 60 سنة، وبقيت الشركة دون قماش ودون سيولة ودون مبيعات سوى إلى إدارة المهمات للجيش، وكان المبيع يتم بصعوبة... واتجهت إلى إنتاج الأكياس وتفاقمت الخسارات إلى أن توقفت وإلى أن صدر حكم الإعدام.

هامش:

رواتب عمال شركة المصابغ إذا اشتغلوا تكون الخسارة 140 مليون ل.س سنوياً،وإذا توقف العمال عن العمل وبقي العمال في الشركة تكون الخسارة 70 مليون ل.س
الشركة تنتج حالياً أكياس الطحين بكلفة 65 ل.س ويباع الكيس بـ 30 ل.س.
شركة الوليد في حمص بحاجة إلى 100 عامل وهي تطلب هؤلاء وقد أحجمت عن أن تأخذ العمال من المصابغ.