الفساد الأكبر.. في دول ضمن الدولة! شركات تنهار ومؤسسات انحرفت عن أهدافها!!
عندما يفقد القانون سلطته، تضيع المعايير والمقاييس، و تصبح كل مؤسسة دولة ضمن الدولة، وتبقى الأزمات تتحدانا، وتتفوق على كل وزاراتنا وإيراداتنا.
ونسأل: إذن ما هو الحل؟
هل تستمر المشكلة في مضاعفة نفسها وتكبير حجمها؟ لكن إلى أين؟ وإلى متى؟
هذه الأسئلة تبدو أصغر من أن تكون موضع الاهتمام الاقتصادي والاجتماعي.. ولكن الأزمة حين تستفحل فمعنى هذا، تجاهلنا لهذه الأسئلة، أو أنها حذفت من الواقع.
أقول ذلك وركام هائل من التصريحات والتنظيرات اليومية يطرح عن إصلاح القطاع العام الصناعي بعد سنوات من تشكيل اللجان ونشر العديد من المشاريع والصيغ الإصلاحية، ومع ذلك لم نلحظ بنداً واحداً في هذه الرؤى والمشاريع يتحدث عن القضية الأساسية التي أوصلت القطاع العام إلى واقعه الحالي، وهي قضية الفساد، الفساد الذي استشرى في القطاع العام وفي المؤسسات الإدارية وغير الإدارية، والسؤال: كيف نتبنى برنامجاً إصلاحياً دون وقف الفساد، ودون إصلاح البيئة التي يعمل بها القطاع العام والمتضمنة البيئة التشريعية والمالية والإدارية. وقد عرفنا الفساد، وتعرفنا عليه في المناقصات وفي العقود وفي الاستيراد وفي التصدير وفي العلاقة مع القطاع الخاص في الشركات الإنشائية لقاء حصص ونسب لمشاريع تقدم للمتعهدين على طبق من ذهب.
ولكن هناك الفساد الأكبر
الفساد الأكبر الذي يتمثل في مراكمة المشاكل والصعوبات في هذه الشركة أو تلك وعدم تطويرها أو تحديثها من أجل فسح المجال أمام القطاع الخاص لإنشاء صناعات مماثلة. بل ومن أجل السماسرة والتجارة في الاستيراد.
حدث ذلك في عشرات الشركات ومنها: شركة البورسلان في حماه حيث قدم البنك الإسلامي قرضاً لتطوير الشركة ووافق عليه مجلس الشعب وتم إلغاء القرض من الجانب السوري رافق ذلك إعطاء تراخيص لعشرات المعامل في القطاع الخاص دون تحديث الشركة وتطويرها ودعمها بخطوط إنتاجية جديدة لمنافسة القطاع الخاص، مع فسح المجال أمام التجار والسماسرة لاستيراد البورسلان والأدوات الصحية من مختلف دول العالم إلى أن توقفت شركة حماه عن الإنتاج.
وعلى صعيد الإطارات، تركت الشركة تتخبط في أزماتها بمئات الأصناف والأنواع من الإطارات الأجنبية المختلفة، وقد رافق ذلك انسحاب مؤسسة التجارة الخارجية من حلبة تسويق الإطارات الأمر الذي انعكس سلباً على أداء الشركة وتحقيق خطتها الإنتاجية الموضوعة وعلى فوائضها الاقتصادية، وبالتالي على إمكانية بقائها واستمرار عملها الطبيعي.
إغراق السوق بالإطارات المستوردة
ـ سميح العاصي رئيس نقابة الكيماويات في حماه قال في هذا الصدد: الحكومات العربية اتخذت إجراءات عديدة للحد من سياسة الإغراق على الصناعة الوطنية مثل تونس ومصر وغيرها.. وذلك بفرضها رسوماً عادلة على الإطارات المستوردة. ساعدت في تخفيف الضغط على الإطارات المصنعة محلياً، وقال: إن مصر وهي أول دولة عربية تنتج الإطارات منذ عام 1956 تفرض نسباً تتراوح بين 44 إلى 89% على الإطارات المستوردة من فرنسا أو اليابان أو كوريا الجنوبية أو الاتحاد الأوروبي. كما جددت ومددت للمرة الثالثة الرسوم المفروضة على الإطارات الصينية البالغة 75% لمدد غير محددة. وكذلك تقوم الحكومة التونسية بفرض ضرائب إغراق على الإطارات المستوردة من أوروبا أو من الدول المسببة للإغراق بنسبة تصل إلى 70%، ونتساءل: لماذا نحن في سورية نترك الباب على الغارب دون حماية لصناعاتنا.
من جهته مدير عام الشركة م. حسين المحمد طلب في مذكرة إلى المؤسسة التوسط لدى الجهات الوصائية صاحبة القرار منع استيراد بعض القياسات وهي الزراعية الخلفية والأمامية
القياسات الشاحنة العسكرية
وهي لا تتعدى 15 قياساً من أجل 400 قياس وذلك حفاظاً على استمرار عمل الشركة وبقائها ولفترة مرحلية لا تتعدى ثلاث سنوات ريثما يتم تطوير الشركة وإدخال قياسات جديدة وتكنولوجيا حديثة.
الأخطر في الموضوع أن قرارات اتخذت بمبادرة من وزير الصناعة الحالي بعد اجتماع عقد برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وخلص إلى مطالبة المؤسسة العامة للتجارة الخارجية القيام بتسويق الإطارات من الشركة لمدة عامين باعتبار المؤسسة تملك مراكز تسويق خاصة بيع الإطارات في أمانة المحافظات مع وسائط النقل اللازمة وتوجيه إدارة الجمارك بمنع دخول الإطارات المستوردة إلا في حال تحقيق الشرطين التاليين:
أن تكون الإطارات المستوردة من بلد المنشأ حصراً وإلغاء التعليمات السابقة بهذا الخصوص.
أن يكون المستورد مطابقاً للمواصفات القياسية السورية والتشديد على هذه الناحية من السلطات المختصة لأن ما يطرح في الأسواق بأسعار زهيدة ناتج عن عدم التقيد بالمواصفة القياسية السورية وقد صدق هذا المحضر من اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، ولكن مؤسسة التجارة الخارجية لم تلتزم به وضربته عرض الحائط وهي دعيت إلى الاجتماع ولم تحضر...
ماذا نقول بعد ذلك.. نعم، هناك دول ضمن الدولة، والفساد سيد الموقف.