هذه أرقام أساتذتهم.. فما هي الأرقام الحقيقية؟

أكدت الدراسة التي أجراها باحثان من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن عدد الفقراء في سورية عام  2007، قياساً إلى خط الفقر الأدنى، وصل إلى 15.98 % في الريف، و12.64 % في الحضر، في حين كان عام 2004 نحو 14.18 % في الريف، و8.7 % في الحضر.

إن الدراسة تلامس بالحد الأدنى حقيقة الواقع الذي يعيشه المواطن السوري، لأنها أتت بلغة مختلفة، من جهة دولية تتوافق بشكل أو بآخر مع التوجهات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة منذ عدة سنوات خلت، ولم يعترض عليها حتى الآن إلا من يرى أنها أعلى من ذلك.

فاللغة هي لغة الأرقام التي تقف كل الإيديولوجيات والتوصيات والتبعيات صامتةً أمامها، وتعجز عن تجاهلها، أو الرد عليها أو إنكارها، لأنها تمتلك مصداقيتها بذاتها، وتدافع عن نفسها بمكوناتها الداخلية.

فارتفاع نسبة الفقر في سورية، مقارنة بالأعوام السابقة وإحصاءاتها، دليل رقمي دامغ، واضح وفاضح على فشل الخطط الاقتصادية التي تتبعها الحكومة، المتشبثة والمتمسكة بمشروع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وبالرغم من سنوات الانفتاح الاقتصادي، والتسهيلات الكبيرة لدخول المستثمرين وأموالهم، وخروجها بيسر وسهولة بعد تحقيقها الأرباح الوفيرة، ظل المؤشر الاقتصادي السوري إلى انخفاض، والفقر إلى ازدياد.

وحتى اليوم، وبعد الفضائح التي تناولت المستثمرين وغاياتهم وارتباطاتهم، ما زلنا نسمع عن دخول المستثمرين وملياراتهم إلى السوق السورية، ونصفق للمشاريع المشبوهة التي يسعون لإقامتها هنا أو هناك..

 أما الادعاءات اليومية للفريق الاقتصادي فهي إلى ازدياد، فتارة يضحكون علينا بنشاط القطاع الخاص الذي «يساهم بنسبة كبيرة من الدخل القومي»، حتى ليحسب المرء أن معدلات النمو في سورية بفضل توسع نشاط هذا القطاع ستفوق الصين الشعبية والدول الكبرى، وتارة يوحون لنا أن سورية ستحل مكان نمور الاقتصاد الآسيوي بين لحظة وأخرى..

إنها محض أوهام يحاولون تمريرها وتسريبها إلى الشارع السوري، وإتخامه بنشوة جاذبيتها وسحرها، هذا الشارع الزاحف وراء الهم المعاشي، ولقمة العيش اليومية، والمبعد قسراً عن كل ما يجمعه بإنسانيته، والمكبل بسلاسل الاقتصاد، والمعتم عليه بأرقام التطور الفلكية التي لا توجد إلا في أضغاث أحلام من يروج لها.