الانقطاع المتكرر للكهرباء ينذر بأزمة حادة الحل يبدأ بالاعتراف بوجود مشكلة، وتحديد حجمها الفعلي!

واضح، مع اختلاف التبريرات من الجهات المعنية إلى أن هناك عجزاً ظاهراً في إمكانيات توليد الطاقة الكهربائية في سورية، وعلى الرغم من وجود بعض الأسباب الموضوعية، إلا أنه توجد أسباب ذاتية تنحصر في أنه منذ عام 2000 لم تدخل أية محطة توليد جديدة في الخدمة، والفجوة تتزايد بين الاستهلاك والإنتاج المحلي الفعلي، وتصل اليوم إلى حدود 20 ـ 30%، وتقدر الفجوة عموماً بـ«2000 ميغا وات» نظرياً. ويمكن أن تزداد أكثر في فترات النهار صيفاً.

والسؤال المطروح هنا: ترى، كم يلزمنا من الوقت لسد الفجوة بين الاستهلاك المتزايد وحجم الاستثمارات؟

من المعروف أن هناك سباقاً بين تنامي الانتاج المحلي وتزايد الطلب على الطاقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إمكانيات استيراد الطاقة محدودة، وبالرغم من الاستيراد القائم حالياً، فإن العجز مايزال موجوداً..

الأزمة يمكن أن تخف ويمكن أن تشتد حسب الأوضاع المناخية، وحسب كميات المياه الواردة من تركيا عبر سد الفرات، وحسب الحالة الفنية لمحطات التوليد. مع العلم بأن وجود العجز حالياً يعرقل القيام بأعمال الصيانة الدورية لمحطات التوليد، مما قد يفاقم الوضع الفني ويساهم في زيادة العجز.

إن إنشاء أية محطة توليد جديدة يتطلب فترة لاتقل عن أربع سنوات في أحسن الأحوال، وقد علمنا أن هناك مشاريع «ثلاثة» قيد التنفيذ، ولا يتوقع خلال العام الحالي دخول أكثر من محطتين جديدتين باستطاعة 300 ميغاوات، أما في العام القادم فيتوقع أن يتم انجاز مشروع محطة دير علي لتضيف 700 ميغا وات جديدة، أي أن الأزمة مستمرة في حال استمر التزايد في الطلب على الطاقة كما هو الحال اليوم، وهذا متوقع، وما لم تتَّخذ إجراءات حازمة لترشيد الاستهلاك وتخفيف نسبة الفاقد «الفاقد 25 ـ 40% حسب المحافظة»، وخاصة الاستجرار غير المشروع  للطاقة الكهربائية.

الاستثمارات المطلوبة لتركيب واحد كيلو وات في الشبكة تتراوح بين 500 إلى ألف دولار، حسب نوع التوليد وحجم المحطة وموقعها، إضافة إلى ضرورة تأمين كميات الوقود اللازمة للتشغيل.. والإجمالي وسطياً يتراوح بين 500 ـ 800 مليون دولار وسطياً في السنة.

فمن يتحمل المسؤولية إزاء كل هذا؟ ألم يمكن توقع الأزمة واستشرافها والتهيؤ لمواجهتها قبل تفاقمها بهذا الشكل؟

إن الحكومة، ودون أدنى شك، تتحمل المسؤولية كاملة عن ذلك، وخاصة وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة لتوليد الطاقة، لعدم قدرتها على التنبؤ والاستشراف وإنجاز المشاريع بالشكل الصحيح وبالوقت المناسب.

إن حل المشكلة اليوم يتطلب تضافر الجهود كافة، ومن مختلف الجهات المعنية، ولكن، قبل كل شيء يجب الاعتراف بوجود مشكلة، وتحديد حجمها الفعلي، ووضع التصورات الجديدة لحلها.

 إذا المشكلة ليست مشكلة صيانة فقط كما يقول بعض المسؤولين.. إنها للأسف أكبر بكثير!

المشكلة تتعدى الصيانة بسبب عدم إمكانية الحفاظ على الوضع الفني للمجموعات العاملة وتأمين وجود احتياطي كاف يسمى احتياطي (دوار وساخن) جاهز للدخول في أية حالة تتطلب ذلك.

آخر تعديل على الأحد, 20 تشرين2/نوفمبر 2016 22:39