إلى فردوس النعيم.. أم إلى الجحيم؟!
حباً بهذا الوطن الغالي والكريم، ورأفة بالمواطن الوطني الكريم، واحتراماً للقوى والمؤسسات الوطنية التي دأبت في توصيل البلد إلى بر الأمان في ظل العواصف الخارجية الهوجاء، ولأن رفع الدعم الذي حصل يجب أن يواكب بإجراءات سريعة لتخفيف وطأة انعكاساته السلبية من أجل الوصول إلى اقتصاد متين يليق بهذا الشعب الأمين، نورد الملاحظات التالية :
• إن قرار رفع الدعم اتخذ بعد كثير من الاعتراضات عليه عندما كان السعر المعروض 12 ليرة سورية للتر المازوت، وإذ بالسعر يصبح 25 ليرة سورية، وكأن من حضّر لهذا القرار يقول: «قولوا ما تشاؤون.. ونحن نفعل ما نشاء».
• حسب التصريحات الرسمية، فإن دعم المازوت يكلف الدولة 350 – أو 400 – وأخيرا 412 مليار ليرة سورية، وكانت زيادة الأجور تكلف 58 ملياراً، وهذا يعني أن هناك الكثير من الأموال التي يستطاع التصرف بها للتخفيف من الانعكاسات السلبية، مع ملاحظاتنا على هذه الزيادة التي حابت الذين يأخذون تعويضات طبيعة عمل 100 % ورواتبهم مرتفعة، ونسيت الذين لا يملكون راتباً من الدولة أو من القطاع الخاص، ولا نعرف سر التحول من المبلغ المقطوع والنسبة إلى النسبة فقط، ولو جرى فعلاً ما يسمى «توزيع الدعم لمستحقيه» ستكون بغير هذه الآلية .
• ما يهمنا هو الانعكاسات التي ستنجم عن رفع الدعم والتي سوف تؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل، التي ستؤدي بدورها إلى زيادة أعباء النقل العام والخاص على المواطنين. وهنا نذكر أن هناك الكثير من التلاميذ والطلاب الذين ينتقلون من الريف إلى المدينة أو من مدينة إلى أخرى، وبالتالي سيؤدي ارتفاع أجور النقل إلى زيادة الأعباء عليهم، وهم بالغالب يأخذون مصروفهم من أهلهم، وبالتالي الانعكاس على تعليمهم، كذلك على الزيارات العائلية والأسرية للعائلات التي تقطن في محافظات مختلفة، وسيؤثر ذلك على تواصل العائلة والأسرة .
• ارتفاع أجور النقل سوف ينعكس على تكاليف جميع السلع والخدمات، حيث سترتفع أسعارها سواء أكانت سلعاً زراعية أو صناعية أو خدمات سياحية داخلية أم خارجية، وستتأثر السياحة كثيراً بارتفاع أسعار الخدمات .
• ارتفاع أسعار الطاقة للنقل وللإنتاج، وارتفاع الأجور سوف يؤديان إلى غلاء أسعار السلع الغذائية والمنتجات الوطنية مقابل المستوردة، ومقابل السلع في البلدان الأخرى، مما يؤدي إلى قلة الإنتاج، وكذلك عدم القدرة على منافسة السلع المستوردة، وخاصة بعد تحرير أغلب السلع المستوردة، وعدم القدرة على الحماية في ضوء الاتفاقيات المعقودة، وما لهذا من انعكاس على الاقتصاد الكلي مستقبلاً وعلى الوضع الاجتماعي .
• أما فيما يخص القطاع العام وبعض مؤسساته التي كان هناك رؤية لإصلاحها، فإن ارتفاع أسعار المحروقات سوف يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الأعباء من خلال ارتفاع الأجور، وبالتالي تزداد المشاكل التي تعاني منها هذه المؤسسات في ظل عدم إيجاد حلول لإصلاحها .
• إن أجور النقل استهلكت أغلب الزيادة التي قُررت مع الارتفاع الكبير في السلع المختلفة من زراعية وملبوسات وسكن وغيرها. لقد أدى رفع سعر المازوت إلى تخفيض القوة الشرائية للمواطن، وبالتالي سوف ينعكس ذلك على الحركة الاقتصادية .
• زيادة الرواتب للقطاع الخاص صدرت في مرسوم، ولكن السؤال من سيفرض تطبيقها؟
ما العمل؟
يجب القيام بسلة من الإجراءات الردعية التي تحاول التخفيف من حدة الانعكاسات السلبية التي تتمثل بتلاحم كبير بين الدولة والمواطن الذي له دور هام في محاربة الجشع، في حال قيام المؤسسات عبر الأدوات المناسبة بوضع الحلول، والتي تتمثل بإجراءات قاسية ورادعة ضد كل من يجرؤ في هذه الظروف ويحاول احتكار السلع والمواد، وخاصة الغذائية، من أجل رفع أسعارها، وكذلك من خلال وضع التسعيرات المناسبة وتطبيق القوانين الحازمة على كل من تساوره نفسه باللعب بها، وأيضاً عن طريق نشر ثقافة تؤدي إلى محاربة المواطن للمحتكرين وللغشاشين عن طريق اللجوء إلى المؤسسات المناسبة، التي يجب أن تتعاون مع المواطنين. وهنا لابد من التذكير أنه في الظروف الاستثنائية، لابد من تطبيق القوانين الاستثنائية، وكذلك لابد من دراسة الشرائح التي تأثرت من هذا القرار من أجل الإسراع بالإجراءات الكفيلة بتخفيف السوء الذي ألم بها.