مَنْ يدعم مَنْ.. المواطن أم الحكومة؟!
لقد بات معروفاً للجميع أنه منذ أن تم تسليم القرار الاقتصادي في سورية لحفنة من الليبراليين الجدد في العام 2001 وحتى الآن، مازال هؤلاء يعملون بخطط منهجية لرفع الدعم عن الشعب السوري، والتضييق عليه في معيشته بحجة تحقيق موارد مالية لخزينة الدولة التي أفقروها هم أنفسهم بخططهم ذاتها.
ومن المعلوم أيضاً أن عجز الموازنة المقدر عام 2008 سيبلغ 200 مليار ليرة سورية، وهو أكبر رقم بتاريخ العجز المالي في سورية منذ الاستقلال.
بعد كل هذه السنوات ألا يحق لنا كمواطنين أن نتساءل مجرد سؤال بسيط: هل الحكومة تدعم أسعار المحروقات فعلاً، أم أن الحقيقة غير ذلك؟
النفط في الخطة الخمسية العاشرة
ورد في الخطة الخمسية العاشرة أن عوائد تصدير النفط ومشتقاته تمثل 70 % من عوائد القطع الأجنبي، وتمول 45 % من موازنة الدولة، وأن إنتاج الغاز عام 2005 كان بحدود 22 مليون م3/ اليوم، وهو بازدياد مستمر..
وجاء أيضاً أن إنتاج سورية من الفوسفات المغسول 1.2 مليون طن سنوياً، وقد تنبأت الخطة بأنه وفق الإنجازات المتوقعة سيتم تأمين كامل احتياجات سورية من المشتقات النفطية للقطاعات كافة.
وقد ورد في المصفوفة التنفيذية لقطاع النفط بأن الحكومة ستعمل على تخفيض دعم المحروقات إلى ربع قيمته الحالية (عام 2005) حتى نهاية الخطة في عام 2010. وجاء في صحيفة تشرين بتاريخ 7/4/2008 نقلاً عن السيد رئيس الحكومة بأن احتياج سورية من المازوت هو 10 مليار ليتر سنوياً، تؤمن المصافي السورية 4.5 مليار ليتر منها، والباقي يتم استيراده، وأن ارتفاع سعر برميل النفط إلى 100 دولار أدى لارتفاع سعر طن المازوت إلى 1020 دولار.
ونحن في سورية ندفع يومياً 1.2 مليار ليرة لدعم المشتقات النفطية، حيث نشتري الليتر بخمسين ليرة ونبيعه بسبعة ليرات، ويتم تهريب 1.5 مليار ليتر سنوياً إلى لبنان (أين أجهزة الجمارك لدينا).
أما النائب الاقتصادي السيد عبد الله الدردري فقد أكد أمام مؤتمر المغتربين الثاني عام 2007 بأن مستوردات المشتقات النفطية عام 2006 كانت بحدود 2.6 مليار دولار منها 61.5 % لصالح القطاع الخاص.
إذاً، وفق ما هو معلن رسمياً فإن إنتاج سورية اليومي من النفط الخام وفق أسوأ سيناريو هو 3.5 ألف برميل، وإذا قمنا بإجراء عملية حسابية بسيطة سنصل للحقائق التالية:
قيمة إنتاج سورية السنوي من النفط الخام هو:
350 ألف × 110 دولار (سعر البرميل) × 364 يوم = 14.61 مليار دولار
=657.45 مليار ليرة سورية.
وإذا أخذنا تصريحات النائب الاقتصادي بعين الاعتبار فينتج لدينا فارق إيجابي بين قيمة الإنتاج وقيمة المستوردات قدرها:
14.6 – 2.6 = 12 مليار دولار لصالح الخزينة.
الدستور والنفط
لقد ورد في الدستور الدائم لسورية بأن الثروات الطبيعية (ومنها النفط والغاز والفوسفات) هي ملك للشعب، وأن الهدف من استثمار المنشآت الاقتصادية هو رفاه كل الشعب.
ومن المعلوم أن عدد أفراد الشعب السوري حالياً بحدود 19 مليون نسمة، فيكون نصيب الفرد الواحد من قيمة النفط الخام (من دون غاز وفوسفات) حولي 34600 ل.س، ونصيب الأسرة المؤلفة من خمسة أشخاص هو مئة وثلاثة وسبعون ألف ليرة سورية، وإذا أخذنا بالاعتبار أن سعر ليتر المازوت عالمياً هو 50 ليرة، فإن نصيب الأسرة السورية يجب أن يكون 3460 ليتر مازوت مجاني وليس مدعوماً.
إنها إذاً لغة الأرقام وحقائق الرياضيات البسيطة والدستور (أعلى القوانين): كل أسرة سورية تستحق سنوياً 3460 ليتر مازوت مجاناً استناداً لصك ملكيتها الذي نص عليه الدستور.
ومن المعلوم أن الحكومة والفريق الاقتصادي تحديداً، قد خصص لكل أسرة 1000 ليتر مازوت مدعوم بسعر 9 ليرات، وبذلك يبقى للأسرة السورية بذمة الحكومة 2460 ليتر مازوت مجاني، هذا عدا عن حصتها من الغاز والفوسفات، فهل الحكومة تدعم المواطن أم العكس هو الصحيح..؟!