لماذا الاجتماعات إذا كان المجتمعون لا يملكون القرار؟
لا أدري ما الغاية، أو ما الهدف من الاجتماعات التي تعقد بين وزير الصناعة ومديري الشركات والمؤسسات، والنقابات العمالية؟؟ طبعاً هذه الاجتماعات تأتي في إطار تنفيذ خطط الاتحادات المهنية، لعقد الدورة النقابية الجديدة. وحتى الآن، عُقد اجتماع مع مدراء الدورة، ونقابات الصناعات المعدنية، ورؤساء نقابات النفط والكيمياويات.
عزت الكنج نائب رئيس اتحاد العمال يؤكد دائماً في كلماته على أهمية القطاع العام وضرورة الحفاظ عليه، ويقول: «إن هذا لن يأتي بالتمنيات، بل بالعمل الجاد والمتواصل، من أجل إقرار قانون إصلاح القطاع العام»، ويؤكد بأن القطاع العام حالياً على مفترق طرق ويقول: «إما أن نتعاون معاً للانطلاق به والحفاظ عليه قوياً ورائداً، أو سيكون الثمن غالياً».
وزير الصناعة، من جهته، يقول عن واقع الشركات الهندسية، إنها تعيش حالة من الركود الإنتاجي والتسويقي في أغلبها، وهذا يعني خسارات مادية كبيرة ومتلاحقة، ويقول إن عدداً من الشركات الهندسية الخاسرة، يجب العمل على تغيير نشاطها الإنتاجي والاقتصادي، والاستفادة من البنى التحتية لديها، لاسيما شركات الكبريت والأخشاب والمحركات والألمنيوم والبطاريات والدهانات والأحذية والدباغة والإطارات وغيرها.
رؤساء الاتحادات المهنية أو رؤساء النقابات يشيرون إلى واقع الخلل، ويضعون حلولاً.
مدراء الشركات بشكل عام، يشكون من الواقع الذي يتردى يوماً بعد يوم في شركاتهم، وبعد ساعات من الاجتماع يخلص الجميع إلى اللاشيء، وهذا يدعونا إلى السؤال نفسه أو التساؤل: ما الغاية، وما الهدف من هذه الاجتماعات؟! إذا كان الفريق الاقتصادي في الحكومة قد اتخذ قراره الواضح، وإن كان غير معلن:
«لا استثمارات في القطاع العام. لا إصلاح ولا تطوير أو تحديث في القطاع العام. الشركات الخاسرة سوف تصفى نهائياً. الشركات الحدية سوف نتركها للزمن، وسوف تصل إلى الخسارة. الشركات الرابحة تعرض للاستثمار، أو تترك للموت البطيء». وفعلاً هذا ما تحقق وما سوف يتحقق قريباً.
وقد بدأ هذا التحول منذ أن بدأت مباحثات وجولات التفاوض مع الاتحاد الأوروبي:
«إلغاء جميع القيود غير الجمركية، على استيراد السلع الصناعية من دول الاتحاد الأوروبي». واستجابت سورية، ورغم أن اتفاق الشراكة مازال معلقاً، بدأت علاقات تجارية واقتصادية جديدة، بحجة أن تحرير التجارة وحرية حركة الأموال شرط للاتفاقيات، ومستلزم ذلك الوفاء بشروط اقتصادية، يأتي في مقدمتها: «تقليص دور الدولة المباشر في الحياة الاقتصادية، تخلي الدولة والقطاع العام عن بعض الأنشطة، إلغاء كافة أشكال التقييد والحصر والحماية، توقيفاً مع الاتفاقيات الثنائية واتفاقية التجارة الحرة، والشراكة مع أوروبا».
هذه الإجراءات وغيرها خلقت صعوبات وتحديات كبيرة، وقد واجهت، وتواجه، شركات ومؤسسات القطاع العام ومعامل القطاع الخاص المنتج، منافسة حاسمة كان من نتائجها توقف عشرات الشركات في القطاع العام، وإفلاس مئات المعامل في القطاع الخاص. إذاً القضية واضحة وليست بحاجة إلى اجتهاد، فلماذا نتوارى خلف قشة؟! ولماذا نطرح خطاباً ديماغوجياً معاكساً للواقع؟!
رئيس النقابة يقول عن شركة بردى: «كانت الشركة رائدة وعملاقة، ولديها البنى التحتية للتشغيل، من آلات سحب وآلات حقن، غير موجودة في القطاع الخاص، ولديها إمكانية للنهوض والاستمرار، وعدد عمالها 80 عاملاً، ولكن عليها ديون 900 مليون ل.س بسبب الفساد، أونترك الشركة الآن للتصفية»؟!
الشركات المتوقفة عن العمل، الكبريت، البطاريات، الألمنيوم، المحركات، الأخشاب، الوليد للميكروباصات، الشاشات في حلب، وعشرات الشركات الأخرى، مرشحة للتوقف بعد إيصالها إلى الخسارة.
شركة حديد حماة يقوم إنتاجها في معمل الصهر على شراء الخردة، ولدى الشركة ست سيارات شاحنة، أربع منها عاطلة ومتوقفة، ولا يسمح للمدير بإصلاحها، وهذا يعني توقف معمل الصهر عن الإنتاج، وبالتالي توقف الشركة. يطلب المدير العام من وزير الصناعة قائلاً: «فوضني لأصلح الآليات، وأنا أتحمل المسؤولية أمام الجهاز المركزي للرقابة المالية».
ويرد الوزير: «ليس عندي صلاحية لأفوضك»! ويؤكد مدير المؤسسة: «لقد أرسلنا مذكرة لرئيس الوزراء بهذا الخصوص، فشكلوا لجنة لدراسة الجدوى الاقتصادية من تصليح السيارات، ونحن ننتظر؟!!
السؤال المطروح: ماذا نفهم من هذا الحوار؟!
ويبقى السؤال الأساسي: لماذا تُعقد هذه الاجتماعات؟!!