د. قدري جميل يحاضر في ندوة الثلاثاء الاقتصادي عن الأزمة الاقتصادية العالمية.. لا مخرج «اقتصادي» من الأزمة.. واحتمال «الانهيار» ليس مستبعداً

قدّم د. قدري جميل في المركز الثقافي العربي بالمزة يوم الثلاثاء 10/3/2009 محاضرة بعنوان «الأزمة الاقتصادية العالمية: الجذور – الآفاق – الانعكاسات»، وذلك في إطار فعاليات الثلاثاء الاقتصادي الذي تقيمه جمعية العلوم الاقتصادية..

د. جميل بدأ محاضرته بشرح الأسباب الأساسية العميقة والأسباب الثانوية للأزمة، فأكد أنه يجب الفصل ما بين الأسباب العميقة الأساسية والثانوية المباشرة.. مشيراً أن «الإعلام يلعب لعبته فيقدم لنا الأسباب المباشرة على أساس أنها الأسباب الوحيدة، ولكنها في الحقيقة ظاهرية، ويقوم بإخفاء الأسباب العميقة».. ثم يشرع بسرد تاريخي، فيعود إلى أزمة عام 1929، ويؤكد أنها كانت أخطر من سابقاتها لأنها حدثت بوجود نظام نقيض،. وكان أحد نتائجها ابتداع «المجمع الصناعي- العسكري».
أما عن جوهر الأزمة الدورية، فأكد د. جميل أن الرأسمالية غير قادرة على ضبط العرض والطلب والتوازن بينهما، وتجنّباً لهذا المرض الوظيفي تعمد الرأسمالية إلى تحويل فائض الإنتاج إلى إنتاج مزيد من السلاح، وبذلك «تحولت صناعة السلاح بالنسبة للولايات المتحدة وللنظام الرأسمالي إلى صناعة رابحة جداً، وإلى أداة سياسية لفرض السيطرة خارج الحدود».
ثم تطرق المحاضر إلى ظروف ولادة «بريتن وودز» التي أتاحت للولايات المتحدة الأمريكية «الزوغلة» والاحتيال على العالم كله بإصدار نقد ورقي لاقيمة فعلية له، حتى أصبحت كل 4 سنتات تأتي بـ100 دولار، أي بنسبة أرباح 250 ألف بالمئة.
ويؤكد المحاضر «أن حجم الإنتاج العالمي اليوم هو بالحد الأدنى هو 40 تريليون دولار، وبالحد الأعلى 60 تريليون. ولكن الحد الأدنى المتداول حالياً من الدولار والذي يتحدث به أكثر المتفائلين هو: 600 تريليون دولار! وهناك من يقول إنه وصل إلى 1000 تريليون».
لذلك فإن «انتهاء الدولار كعملة عالمية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية سيؤدي إلى خفض الناتج الإجمالي المحلي الأمريكي إلى 3 تريليون دولار أو أقل من ذلك. وإذا أصبح حجم الناتج المحلي الأمريكي 3 تريليون، فما الذي سيحدث في الوضع الداخلي الأمريكي»؟!
وعن الدلالة الاقتصادية- السياسية للأسباب الأساسية للأزمة، أكد د. جميل أن «هناك قانونين أساسيين قد فعلا فعلهما في تطور الرأسمالية تاريخياً وهما:

1 ـ سعي رأس المال نحو الربح الأعلى.
2 ـ ميل معدل الربح نحو الانخفاض بسبب تعقد التركيب العضوي لرأس المال.
وإذا كان القانون الأول مفهوماً، فالقانون الثاني كان السبب الرئيسي تاريخياً في انتقال الرساميل من المناطق التي استوطن بها إلى مناطق أخرى سعياً وراء الربح الأعلى، بسبب انخفاض معدل الربح في المناطق القديمة التي جرى (استصلاحها)، وهذا يفسر كل الانزياحات التاريخية في حركة الرساميل من الغرب إلى الشرق. وهذا الأمر كان يجري بهذا الشكل لأنه إذا افترضنا أن هذين القانونين كانا يعملان ضمن منظومة مغلقة في بلد واحد، فنتيجة فعلهما المتناقض تعني:
1 ـ الازدياد المضطرد لتمركز الثروة بأيدٍ قليلة.
2 ـ انخفاض حصة الأكثرية من الناتج المحلي الإجمالي، أي ازدياد الإفقار.
3 ـ انخفاض الطلب العام نتيجة لذلك، وظهور فائض إنتاج وانهيار المنظومة.
ولكن بما أن فعل هذين القانونين لا يجري ضمن منظومة مغلقة في بلد واحد، فإنه في كل مرة كانت تصل فيه الأمور إلى حد الأزمة ببنودها الثلاثة، كان يجري الحل عبر توسيع المنظومة على حساب مساحات جديدة، فكان يؤدي إلى تخفيف حدة التناقض في بلدان المركز بين تمركز الثروة وازدياد الإفقار، على حساب غزو وإفقار مناطق جديدة. واستمرت هذه العملية خلال القرن العشرين، لدرجة أنه باستنفاد إمكانية الانتشار اللاحق بعد تحوُّل العالم كله إلى منظومة رأسمالية واحدة، أصبح هذان القانونان يعملان بفعلهما المتناقض ضمن منظومة واحدة مغلقة اسمها «الكرة الأرضية».

إلى أين تتجه الأزمة؟

استطاعت الرأسمالية الخروج من أزماتها مرتين، لكن يجب ألاّ ننسى أن ثمن الخروج من الأزمة الأولى كلف 15 مليون إنسان، ومن الثانية كلّف 55 مليون إنسان، والآن حين يسأل البعض عن وجود إمكانية للخروج من الأزمة الثالثة، فإن الجواب هو نعم، يمكن الخروج، ولكن ما هو الثمن لذلك، كم مئة مليون سيكونون ثمن الخروج من الأزمة الثالثة؟!.
«لا مخرج اقتصادياً بالمعنى البحت من هذه الأزمة، المخرج الموجود هو سياسي عسكري».. فـ«الاحتياطيان الكبيران اللذان أنقذا الرأسمالية بالقرن العشرين استُنفذا اليوم، وهما العالم الثالث والبيئة، فمن أين سيخترعون الاحتياط الثالث»؟ ولايستبعد د.جميل «انهيار المنظومة الرأسمالية بشكلها الحالي نهائياً، خصوصاً وأنَّ هؤلاء «تجاوزوا مالتوس، وباتوا يريدون التحكم بالأمراض والحروب ليحافظوا على نمط توزيع الثروة: ثلاثة مليارات يبقون و3 مليارات فائضون، يجب التخلص منهم.. أي نظرية المليار الذهبي، مليار يحكم ويملك، وملياران يخدمونه، والباقي إلى زوال».
 

سورية والأزمة

بالنسبة لانعكاس الأزمة على الاقتصاد السوري، يؤكد د. جميل أنه «من المفيد أننا تأخرنا بالاندماج بالاقتصاد العالمي بالشكل الذي هو عليه، ولم نأخذ بسياسات الليبرالية الجديدة بكامل حجمها وبناء الأسواق المالية التي أفادنا عدم قيامها في وقت مبكر، إذ تجنبنا بذلك عملية الشفط التي قامت بها الأسواق الرئيسية باتجاه الأسواق الثانوية وحافظنا على جزء من ثرواتنا بهذه الطريقة».
يقال إن انعكاس الأزمة على اقتصادنا لم يكن كبيراً، وهذا صحيح، ولكن من الآن فصاعداً لن يكون هذا صحيحاً، لأن الأزمة تنتقل لمرحلة جديدة هي المرحلة الاقتصادية، فما هي تداعيات هذه المرحلة الثانية (الاقتصادية) على الاقتصاد السوري، والتي مازالت في بداياتها؟

1 - يجب أن يجري تقدير صحيح لعمر المرحلة الثانية زمنياً في الاقتصاد العالمي، فالتقديرات من أكثرها تشاؤماً إلى أكثرها تفاؤلاً تتحدث عن استمرار الأزمة إلى 2011 كحد أدنى و2015 كحد أعلى. فهل يجوز أن نتعامل معها سنةً بسنة؟ أم يجب تكوين منظور زمني تقريبي لعدة سنوات يتم فيه التعامل مع الأزمة على هذا الأساس؟
2 - تثبت الأحداث أن الأزمة تسير بشكل متسارع يومياً (40 مرة اليوم عما كان عليه وسطياً خلال العقود الستة الماضية)، وإذا لم نأخذ هذا التسارع بعين الاعتبار فإن تخطيط مواجهة التداعيات سيكون قاصراً جداً.
-3 ستبرز أهم تداعيات الأزمة بالنسبة لسورية بارتفاع أسعار المستوردات، وبما أن مدخلات اقتصادنا من الخارج هامة جداً، فإن ذلك سيؤثر بشكل حاد على الإنتاج والاستهلاك.
4 - الميل العام الواضح في ظل الأزمة هو الاتجاه نحو انخفاض أسعار المواد الخام عالمياً، وبما أننا دولة عالم ثالثية تعتمد في تصديرها على المواد الخام، فإن ذلك سيعني هبوطاً حاداً في موارد الاقتصاد الوطني وموارد خزينة الدولة.
5 - والأخطر أنه لدى سورية احتياطي عملات صعبة هام تكوّن في فترات نموها الاقتصادي السابق من عرق وجهد الشعب السوري، فكيف ستكون القيمة الحقيقية لهذا الاحتياطي الذي فعلنا حسناً بتنويع العملات المكونة له، ولكن المشكلة اليوم أن الدولار ليس وحده عرضةً للانهيار وإنما كل العملات العالمية.
6 - ترتدي أهمية كبرى قضية تأمين الأمن الغذائي لسورية وهذا الأمن لايمكن تحقيقه بالاعتماد على الخارج كما بينت التجربة التاريخية، بل يتطلب توجيه الموارد باتجاهه وتغيير جميع السياسات جذرياً لمصلحته.
7 - هذا كله سيؤدي إلى ازدياد عجز الميزان التجاري وليس العكس، لأن الواردات ستزداد قيمتها والصادرات ستقل قيمتها.
8 - وفي ظل انخفاض نسب النمو الاقتصادي المتوقع، فاللوحة ستبدو قاتمةً ما لم يجرِ تدارك هذا الأمر فوراً.
9 - بما أن وضع ميزان المدفوعات سيزداد صعوبةً بسبب الانخفاض المتوقع لتحويل العاملين في الخارج، وتحويلات المغتربين بسبب الركود في بلدان إقامتهم وفقدان مدخراتهم، فإن الوضع سيصبح أكثر تعقيداً.
10 - المساعدات والاستثمارات العربية ستنحسر بشكل حاد بسبب ماتعانيه بلدان هذه الاستثمارات من مشاكل جدية بسبب الأزمة العالمية، لذلك فإن الوضع يصبح بلا مخرج إذا استمرت السياسات الاقتصادية الحالية.
كل ذلك سيؤدي خلال فترة زمنية قصيرة لتراجع الناتج الإجمالي المحلي وزيادة معدلات البطالة وانخفاض جدي في مستوى المعيشة، لذلك المطلوب وضع خطة إسعافية إنقاذية لتخفيف الأضرار المتوقعة على الاقتصاد السوري وهذا الأمر لا يتم دون:

1 - زيادة التدخل الفعال للدولة، المباشر منه وغير المباشر، في قطاعات الإنتاج المادي وخاصةً الزراعة والصناعة، عبر تشجيع الاستثمار الداخلي وصياغة سياسات تحفيزية تستخدم الأدوات المالية والضريبية والسعرية بشكل ذكي يؤمّن حشد كل إمكانيات الاقتصاد السوري بقطاعيه العام والخاص، الأمر الذي يتطلب: - إعادة النظر في أولويات الاستراتيجية الاقتصادية – إعادة النظر في نموذج التطور الاقتصادي القائم والذي بني في جزء هام منه فعلياً على شاكلة الاقتصادات التي تعاني من الانهيار اليوم.
2 - الإقلاع عن تشجيع الاستثمار في القطاعات الخدمية والمالية، واستخدام الأدوات المالية والضريبية والقانونية لتنفيذ هذا الاتجاه.
3 - تعبئة الموارد الداخلية وخاصةً الفاقد الاقتصادي الذي يهدر بسبب الفساد..
4 - إعادة النظر برفع الدعم عن المحروقات وإعادة توزيعه باتجاه يضمن حسن سير الفروع المرتبطة بالأمن الغذائي مباشرةً..
5 - الإقلاع نهائياً عن تمويل الموازنة الجارية بالعجز، وإذا حدث ذلك في الموازنة الاستثمارية فبالحدود المعقولة علمياً في المشاريع الاستراتيجية والمفتاحية التي يجب أن تقوم بها الدولة في مجال الإنتاج المادي المباشر.
6 - إعادة النظر بالاتفاقات والشراكات الدولية التي لاتخدم برنامج مواجهة الأزمة.
لقد رُسمت الخطة الاقتصادية لدينا في ظروف اقتصادية مختلفة عن الحالية الأمر الذي يتطلب إعادة النظر فيها جذرياً وتكييفها مع الواقع الجديد الذي اختلف جذرياً مع الواقع السابق، والمطلوب التكيف مع الواقع الجديد، لأن الاستمرار دون تبصر في الاتجاه الحالي يطرح سؤالاً مشروعاً: إلى أين نحن متجهون عملياً؟ إن مصلحة الأمن الوطني بالمعنى الاقتصادي والاجتماعي تتطلب إحداث انعطاف جدي باتجاه سياسات تؤمن الشروط الاقتصادية لحماية مواقف سورية الوطنية.
 
مداخلات وآراء

• د. فؤاد لحام:
قال: «هناك تسريبات نسمعها من هذا المسؤول أو ذاك عن إمكانية تحرير سعر الليرة السورية، وكما ذكر د. قدري فإن الاحتياطي النقدي جمع من عرق وكد وجهد كل المواطنين السوريين وكل الفئات العاملة، وطبعاً نحن أزلنا ارتباط الليرة السورية بالدولار ولكن بقي الدولار ضمن سلة العملات التي نربط بها الليرة، وصحيح أن مجموعة هذه العملات انخفضت بالعموم إلاّ أن الليرة السورية ما زالت محافظة على سعرها، لكن يبقى الخوف من هذه المعادلة الصعبة: كيف نحافظ على سعر مقبول لليرة السورية؟ وكيف نحافظ على الاحتياطي النقدي الذي جمعناه؟ هذا يدفعنا إلى التوجه نحو ضرورة معالجة هذه المسألة بكثير من الحذر والموضوعية والجدية، لأن أي خلل في قيمة الليرة السورية في بلد تستورد أكثر مما تصدر يعني زيادة العجز، وبالتالي تدهور قيمة الليرة السورية لاحقاً، وانخفاض مستوى الدخل، لذلك فإن هذه التسريبات يجب ألا تمر هكذا، بل يجب أن تناقش وأن تتوسع، وتكون المقترحات مدروسةً بعيداً عن الأسلوب المتبع حالياً في سياساتنا الاقتصادية، وهي معالجة الأزمة بأزمة».

• د. حيان سليمان سأل المحاضر:
«ألا تعتقد أنه يجب إعادة النظر بالكثير من المفاهيم حتى لاتصبح أصولية؟ وأعطي مثالاً على ذلك: ماركس كان مبدعاً عندما كشف قانون القيمة الزائدة، وكان مبدعاً حين كشف أن سعي رأس المال نحو الأعلى مع ميل معدل الربح نحو الانخفاض.. ولكن، هنا التفسير إن الإنتاج كان إنتاجاً مادياً، ومعدل الربح يكمن في التركيب العضوي لرأس المال ويتجسد قسم كبير منه في الآلات والعمل المجسد، ونحن اليوم نتعامل مع المشتقات المالية أي مع شبكة عنكبوتية أي ليس هناك رأسمال ثابت، بل هناك أموال تتوزع.. ولذلك أرى حسب قناعتي أن هذا المبدأ يحتاج لإعادة نظر».. وتابع: «هل من السهولة الحديث حول انهيار أمريكا؟ أنا أتمنى ذلك بكل شوق، لكن هل بهذه السهولة؟ لاأعتقد ذلك.. أمريكا إذا كانت ستنهار فإنها ستنهار بعوامل داخلية وليس بعوامل خارجية، نحن الآن كاقتصاديين أمام مرحلة ضبابية ويجب علينا الولوج إلى الداخل لنرى ما يحدث، ومسألة (الانهيار) ليست بهذه البساطة!».
وعن سورية قال «أنا لاأرى مبرراً لإعادة النظر بأية اتفاقية موقعة»..

 
• د. علي كنعان:
 «السلطة المالية والعسكرية اتحدتا منذ الحرب العالمية وحتى الوقت الحاضر، وهما تجاوزتا كل الأزمات التي مرت بها البشرية منذ اتحدتا، وكنا نتوقع أن يقرع الناقوس الآن وأن تتهاوى سلطة المال لكننا فوجئنا بأن اجتماعات الدول لم تجرؤ على طرح دور المال في إدارة الاقتصادات في الولايات المتحدة وأوروبا، لم تجرؤ هذه القوى الفاعلة على الساحة الدولية أن تناقش دور وسلطة المال في الاتحاد الأوروبي أو في أمريكا، فكيف نتنبأ بسقوط سلطة المال أو انهيار هذه الإمبراطورية اليوم، وأيضاً سقوط الليبرالية؟ ومن سيسقط هذه الليبراليات في أمريكا وأوروبا وبالتالي في بقية الاقتصادات في العالم؟ هل هناك من وقائع ملموسة لسقوط هذين العملاقين الاقتصاديين (أمريكا وأوروبا)؟.. أنا لاأرى بالأرقام أو الإحصائيات مايشير سياسياً أو اقتصادياً أو حتى اجتماعياً إلى ذلك، فقد كان ينبغي أن تقوم المظاهرات ضد أباطرة المال والسلاح لكن شيئاً من هذا لم يحدث!».
وتابع «إن موضوع الـ600 تريليون ربما يكون قد نشر لتتناوله الصحافة وأنت وأنا وبقية الباحثين، وقد يكون مادةً إعلامية أو مادة للتداول، فأنا لاأعتقد أن هناك 600 تريليون دولار موجودة في العالم وتدور في الاقتصاد العالمي، فإذا كان الاقتصاد الأمريكي يبلغ حجمه 13 تريليون دولار أي قرابة 20% من الناتج العالمي، فأين ضخت هذه الأموال وأين هي موجودة الآن؟ هل يصدر البنك المركزي الأمريكي عشرة أضعاف الناتج العالمي الذي يبلغ حالياً 60 تريليون دولار؟ أنا لاأعتقد أن الدولارات الموجودة في العالم تبلغ هذه الحدود»..
 
• د. أكرم حوراني:
أوضح أن اللبس في موضوع الـ600 تريليون دولار ككتلة نقدية دائرة حول العالم يتأتى من عدم الانتباه إلى أنه نتيجة عمل المشتقات المالية، «فالكتلة فعلياً أقل من هذا الرقم بعشرين ضعفاً، لكن المشتقات أوصلتها إلى هذا الرقم، وعلى كل حال الأمريكيون والأوروبيون أدرى بكيفية حل مشكلاتهم، ونحن لسنا ملزمين بتقديم المساعدة لهم، وإن كان لدينا وصفة فأرى أن نبخل عليهم بها ونهتم بشأننا السوري، والسؤال المطروح هو هل لهذه الأزمة بعض التحديات على سورية، وهل هناك فرص يمكن أن نستفيد منها؟ هنا بيت القصيد!».

ردود على المداخلات

رد د. قدري على المداخلات:
«هناك شيء اسمه  (M3)، وهي كل الإصدارات المالية سواء أكانت ورقية نقدية أو غير ورقية، وهذا الشيء تحول إلى أمر سري في الولايات المتحدة لأول مرة في التاريخ منذ آذار 2006، وعندما أقول 600 تريليون أخشى أن البعض فهم ذلك على أنه يعني ورقاً دولارياً، وحسب معلوماتي فمن هذه الستمائة تريليون هناك 144 ورقاً، وما تبقى هو من الأشكال الأخرى من التداول النقدي، ولكن هذا كله في النهاية نقد! لذلك فإن رقم 600 تريليون دولار ليس رقماً إعلامياً، بل هو رقم كان سرياً وتم كشفه مؤخراً».. و«فيما يخص المشتقات المالية وقانون ميل معدل الربح نحو الانخفاض، هل نحن متفقون على أن الكتلة النقدية يجب أن تتوازن مع الكتلة السلعية؟ إن قانون ميل معدل الربح نحو الانخفاض مع تغير التركيب العضوي لرأس المال له علاقة بالكتلة السلعية التي تمثل المحدد للكتلة المالية، وعندما يتم التلاعب بالكتلة المالية وفق الشكل الذي قام به الأمريكيون وحققوا أرباحاً على المدى الطويل، فإن هناك ثمناً يجب دفعه في نهاية المطاف، وهم الآن يدفعون ثمن ذلك الربح الهائل الذي حققوه خلال ستين عاماً، وأعتقد أن هذا القانون صحيح، وقد تكلم آدم سميث وريكاردو عن التركيبة العضوية لكنهما لم يتكلما عن ميل معدل الربح نحو الانخفاض مع تغير التركيب العضوي للرأسمال الذي تكلم عنه ماركس، ولاأحد ينكر أن ماركس جاء على أساس من سبقه، لكنه من مدرسة أعلى منهما».