كيف يُصنع القرار الاقتصادي في سورية؟
شكل المؤتمر القطري العاشر الذي انعقد في 6/6/2005 نقطة تحول انعطافية في مسار الاقتصاد السوري، فقد أوعز في أحد قراراته الأساسية بالتوجه نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي».. ومنذ ذلك التاريخ حدث الكثير من اللغط حول جوهر هذا الاقتصاد وسماته وآلياته وتوجهاته، الأمر الذي استغله الفريق الاقتصادي بما يتناسب وميوله النيوليبرالية، فأطلق العنان للخصخصة بأشكال ومسميات مختلفة، وقام بتحرير التجارة والأسواق، وعمل على رفع الدعم، وشجع على الاستثمار في قطاعات وهمية، وأهمل قطاعات الإنتاج الحقيقي، وسعى إلى استصدار المراسيم وإقرار التشريعات التي تنحاز ضد العمال والفلاحين وصغار المنتجين، ويسعى الآن لتحرير سعر الصرف.. والحبل على الجرار... فعل كل ذلك وهو يدّعي أنه يطبّق بنود الخطة الخمسية العاشرة وقرارات المؤتمر القطري بالتوجه نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي».. لذلك بات التساؤل مشروعاً: هل هذا ما كان يطمح إليه المؤتمر القطري فعلاً؟؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلماذا لا يُحاسب الفريق الاقتصادي على كل ما ارتكبه من أخطاء بحق الوطن وأبنائه وبحق الاقتصاد الوطني؟ ثم كيف يُصنع القرار الاقتصادي السوري؟ وما هي العناصر المؤثرة فيه؟ وما هي معيقات تنفيذه بالمحتوى الذي ابتغاه؟ كل هذه الأسئلة سنسعى للإجابة عليها من خلال ملف مفتوح على حلقات متسلسلة ستتضمنها صفحات قاسيون بدءاً من هذا العدد..
د. منير الحمش:
الفريق الاقتصادي خطف الاقتصاد السوري
ووضعه في مسار مختلف عن توجهات القيادة السياسية..
• بغض النظر عمن يوافق من الناحية الرسمية.. من يصوغ تفاصيل القرار الاقتصادي السوري؟
من حيث المبدأ يفترض أن يكون هناك قرار سياسي بتوجهات عامة ذات خطوط واضحة تحدد مسيرة الحياة الاقتصادية، تنطلق من الخلفية النظرية والإيديولوجية والسياسية التي تمهد لاتخاذ القرار وتنفيذه.. لكن الأمر في سورية مختلف، وخاصة في هذه المرحلة، فالقيادة السياسية تقرر التوجهات العامة لمسار التطور الاقتصادي، غير أنّ الحكومة بإجراءاتها التنفيذية تمضي باتجاه آخر.
• حبذا لو تشرح هذا الأمر!؟
بكل بساطة القيادة السياسية أقرت في المؤتمر القطري العاشر التحول نحو اقتصاد السوق الاجتماعي، وجاء هذا القرار بعد دراسات ومناقشات طويلة، إذ جرى التحول منذ مطلع الستينات نحو الاقتصاد الاشتراكي، وفي السبعينات بعد قيام الحركة التصحيحية، حدث تحول في السياسة نحو ما دعي بذلك الوقت بالتعددية الاقتصادية، بمعنى أنه تم إفساح المجال أمام القطاع الخاص والتعاوني ليسهموا في النشاطات الاقتصادية مع التأكيد (في ذلك الوقت) على قيادة القطاع العام للمسيرة الاقتصادية، لكن على الصعيد الواقعي منذ منتصف الثمانينات بدأت صعوبات اقتصادية تواجه اقتصاد سورية، هذه الصعوبات ناجمة عن نتائج التنمية التي حصلت في مرحلة السبعينات، فكما هو معروف كانت هناك معونات مالية وتدفقات من الدول العربية النفطية لسورية، لكن هذه الأموال اندرجت في خطط بعضها لا يتناسب مع مقتضيات عمليات التحول الحقيقي في الاقتصاد، وصرف بعضها في مشاريع هامشية.. عندها، ورغم أن القرار السياسي بقيادة القطاع العام للاقتصاد، وإفساح المجال لنشاط القطاع الخاص، ظل سارياً، إلا أن الإدارة الاقتصادية في ذلك الوقت اتجهت إلى المزيد من إعطاء فرص أكبر للقطاع الخاص بحجة عدم توفر القطع الأجنبي، فأصبح للتجار دور أكبر في عمليات الاستيراد والتوزيع في الداخل، واستمر هذا الوضع حتى مطلع التسعينات، حيث صدر القانون رقم /10/ لعام 1991 الذي أتاح فرصاً أكبر للاستثمارات الخاصة. وفي النصف الأول من التسعينات حصل بعض الانفراج في الواقع الاقتصادي إذ تحققت نسب معدلات نمو معقولة، لتغير الظروف السياسية، لكن أوهام الفريق الاقتصادي في ذلك الوقت بأن يحل القطاع الخاص محل القطاع العام في الاستثمار التنموي فشلت، وفي مطلع الألفية الثالثة كنا في مأزق اقتصادي، مع مجيء الفريق الاقتصادي الحالي، حصل حراك فكري واسع وحوار على المستوى السياسي على شكل تجاذبات، وظهر على السطح موضوع الإصلاح الاقتصادي بدخول عناصر جديدة اعترفت بوجود أزمة اقتصادية وضرورة توجه الجهود لإصلاح البنية الاقتصادية البنيوية بالتركيز على القطاعات المنتجة، ودعم القطاعات الأخرى بحيث تندرج في سياق عمليات التنمية.
وظهر تياران أساسيان في المستويات الأكاديمية والسياسية، اتجاه متمسك بالتوجهات العامة دعا لإصلاح حقيقي للوضع الاقتصادي، يحقق استمرار قيادة القطاع العام للاقتصاد وتعزيزه بإصلاح مؤسساته وتطويرها، وإصلاح النظام المالي والضريبي والتأكيد على حماية الاقتصاد.
والاتجاه آخر اندمج في عمليات الترويج للعولمة، فدعا للانفتاح الاقتصادي، وتناغم مع جهود الاتحاد الأوربي لتحويل الثقافة الاقتصادية من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق، وقام الاتحاد الأوربي بفتح مركزين قاما بدور مهم (مركز الأعمال في دمشق وحلب) عملا خلال 10 سنوات على تعميم ثقافة السوق وخاصة في أوساط الأكاديميين والبيروقراطيين والتجار والقطاع الخاص الصناعي، وخلقا فئة جديدة في المجتمع من دعاة الالتحاق بالاقتصاد العالمي والاندماج بالعولمة.
عملت هذه الفئة بالضغط على أصحاب القرار الاقتصادي في هذا الاتجاه، فدعت لتخلي الدولة عن مهماتها الاقتصادية والاجتماعية، وإعطاء هذه المهمات للقطاع الخاص وفسح المجال أمام السوق وآلياته لتفعل ما تشاء، هذا المناخ عطّل إصدار برنامج الإصلاح الاقتصادي وأعدّ الخطة الخمسية العاشرة بقيادة مجموعة على رأسها النائب الاقتصادي عبد الله الدردري.
• والفريق الآخر المؤيد لدور الدولة والقطاع العام، وهو الأقرب تاريخياً إلى مركز القرار.. ألم يؤخذ رأيه أثناء إعداد الخطة الخمسية العاشرة؟!
الفريق الآخر كان وما يزال غير متجانس، وليس لديه قيادة توجه وتخطط وتنفذ، رغم أنه يضم الأغلبية العظمى من أعضاء حزب البعث وأحزاب الجبهة وخاصة الحزب الشيوعي إلا أن القيادة لهذا المناخ كانت غير موجودة. وعابها عدم وضوح الرؤيا وغياب التنسيق.
• وهكذا تسلط فريق الليبرالية على الاقتصاد السوري؟.
في الحقيقة هو خَطَفَ الاقتصاد السوري ومفاعيله، ووضعه في مسار مختلف عن توجهات القيادة السياسية.
• هل استمر تأثير الاتحاد الأوروبي ومؤسساته؟
استمر بطريقة أخرى، فبعد توقيع اتفاق الشراكة السورية والأوروبية، أصبحت الظروف متاحة أمام الفريق الاقتصادي لقيادة عملية التحول الاقتصادي، فالاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي وقعت بالأحرف الأولى وتنص بصراحة على التحول نحو اقتصاد السوق، وإعطاء دور كبير وعلني لكل من الصندوق النقد والبنك الدوليين، اللذين سرعان ما راحا يقدمان الثناءات والتقارير التي تفبرك فيها الأرقام بما يسمح للفريق الاقتصادي بالفخر أنه حقق نسب نمو عالية.. وذلك من أجل حضه للتوجه أكثر نحو الاقتصاد الليبرالي.
• ولكن أليس هناك من يراقب تنفيذ الفريق الاقتصادي للسياسة الاقتصادية؟ ألا توجد لدينا مؤسسات وجهات تحاسب وتسهر على متابعة التنفيذ؟
يفترض بمجلس الشعب أن يقوم بمراقبة عمل الحكومة ويحاسبها على قراراتها وتصرفاتها، وقد قرأنا أن أعضاء مجلس الشعب انتقدوا القرارات الاقتصادية وواجهوا الحكومة بها، ولكن لم ترق هذه المواجهة إلى مستوى المساءلة التي تستوجب اتخاذ إجراء.. ويفترض بالقيادة السياسية التي اتخذت قرار التوجه نحو اقتصاد السوق أن تقيّم النتائج، وبإمكاني افتراض أن القيادة السياسية واجهت رئيس الحكومة بهذا الموضوع لكننا لم نسمع بالنتائج، أما الرأي العام فقد حكم وقال رأيه في كثير من اللقاءات على المستوى الأكاديمي، وتم إصدار تقييم وانتقادات حادة لإجراءات الحكومة، ووصلت الأمور بأعضاء الفريق الاقتصادي إلى القول: «قولوا أنتم ما شئتم ونحن نفعل ما نشاء»..
• مَنْ خدمت حزمة القرارات الاقتصادية التي اتخذت في السنوات الأخيرة، وما هي انعكاساتها الاجتماعية والسياسية؟!
من الملاحظ أنها خدمت فئة محددة صغيرة على حساب معظم شرائح المجتمع وفعالياته المنتجة، وأخشى القول إننا نتجه بسبب هذه السياسات نحو الكارثة، لأن الدلائل والوقائع تشير إلى ذلك، والمشكلة أن أعضاء الفريق الاقتصادي لا يريدون مناقشة السياسات الاقتصادية الكلية أمام الرأي العام بل يطرحون هذه القضايا جزئياً، فتارة يتحدثون عن الدعم.. وتارة عن العجز في الموازنة العامة.. وهكذا، والحقيقة أنه تجب مناقشة السياسات الاقتصادية سلة واحدة، لكنهم يتجنبون ذلك حتى لأنهم لو ناقشوا الاقتصاد بهذه الطريقة يعلنون فشلهم... لقد ربطوا مسؤولية كل ما يحل بالاقتصاد السوري من تراجع ومساوئ بمسألة الدعم بما فيه عجز الموازنة وتضخيمه.. وتتجه السياسة المالية شيئاً فشيئاً لتخفيض الضرائب على الأغنياء، وإبقائها على الطبقة الوسطى والفقيرة التي تزداد كل يوم عدداً وفقراً، وأدى تحرير التجارة الخارجية إلى المصائب الحالية في القطاع الصناعي والزراعي.
إن الأزمة الحالية في الاقتصاد السوري لم تكن نتيجة الأزمة المالية العالمية، فالأزمة العالمية بدأت بالظهور في أيلول 2008، أما في سورية فالأزمة موجودة قبل ذلك، وهي نتيجة للسياسات الاقتصادية الكلية التي يتبعها الفريق الاقتصادي، وجاءت الأزمة العالمية فاتخذوها ذريعة، ومن المهم أن يعرف الرأي العام هذا الموضوع بدقة.
• ما الذي يمكن فعله لتصويب الأمور في الاقتصاد السوري؟
أولا العودة إلى الدور التنموي للدولة الذي لا بديل عنه، ثانياً التخلي عن أوهام أن الاستثمار الأجنبي يمكن أن يخلق لنا استثماراً حقيقياً وأن القطاع الخاص يمكن أن يقوم بالتنمية، وثالثاً التخلص من وهم أن السوق يصلح نفسه بنفسه.
هذه الأوهام غير حقيقية في ظروف سورية، وخاصة إذا علمنا أن أعتى الدول الرأسمالية تتخلى اليوم عن هذه الأوهام، وبرنامج أوباما للإصلاح أكبر دليل على ذلك..
• على مستوى الأكاديميين والاقتصاديين الوطنيين السوريين، ما دورهم في هذه المرحلة، هل عليهم الاكتفاء بإعطاء تصريحات للصحافة تنتقد السياسات الاقتصادية؟
أتمنى أن تكون البداية من القيادة السياسية حيث أرى أن هناك ضرورة أن تقوم بتوجيه دعوة للفريق الاقتصادي من جهة، وللأكاديميين والوطنيين والسياسيين والتقدميين من جهة أخرى، لإجراء مناقشة صريحة وقراءة واضحة للسياسات والقرارات الاقتصادية ومدى انسجامها مع القرارات السياسية..
يجب أن يناقش هذا الموضوع مناقشة علمية موضوعية، وأن يطلع الرأي العام الشعبي على هذه المناقشة ويحكم عليها، وأنا هنا أتحدث باسمي فقط، فليس هناك تجمع ولقاءات بين الأكاديميين السوريين تمت من خلاله مناقشة هذا الموضوع. بل ثمة وجهات نظر شخصية ليس لها أي إطار مؤسسي.
د. نبيل سكر:
يجب توضيح النهج الاقتصادي الجديد وتحديد الصلاحيات
«كيف يُصنع القرار الاقتصادي في سورية؟» سؤال وجهناه للمستشار الاقتصادي د. نبيل سكر، فأجاب:
القرار الاقتصادي في سورية يتأخر كثيراً، ويدفع الاقتصاد ثمناً كبيراً لهذا التأخر، فقد تأخرنا بالانتقال إلى اقتصاد السوق وترددنا كثيراً في خطوات الانتقال إليه، وتأخرنا بتطوير الموارد الغازية التي اكتشفناها في التسعينيات، وتأخرنا بإقامة مصافي النفط، وتأخرنا بإقامة محطات الكهرباء، وتأخرنا بإقامة برامج ترشيد استهلاك الطاقة، وتأخرنا بترشيد الدعم، وتأخرنا بحل مشكلة القطاع العام الاقتصادي.. وغيرها، ويدفع الاقتصاد الوطني ثمناً كبيراً لهذا التأخير. لكن الشق الإيجابي أن الحكومة بدأت تشرك القطاع الخاص في صنع القرار أو ما قبل صنعه، بينما مشكلة تأخر صنع القرار ومشكلة تنفيذه مازالت قائمة.
وهناك مستويات مختلفة من القرارات الاقتصادية، منها ما يمس الهوية الاقتصادية لسورية، ومنها ما يتعلق بالسياسات المالية والنقدية والاجتماعية، ومنها ما يمس القطاعات الاقتصادية كالصناعة والزراعة وغيرها.
وبالنسبة لمن يصنع القرار، فهذا يعتمد على مستوى القرار، فهناك جهات متعددة إما مسؤولة مباشرة عن القرار أو تشارك فيه لارتباطها به (أو لأن النظام السياسي ربطها به) أو جهات تتدخل فيه إما لمصلحة مهنية أو شخصية. والجهات المرتبطة بصنع القرار بشكل رئيسي هي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والنائب الاقتصادي والوزير المختص وهيئة تخطيط الدولة والحزب ومجلس الشعب. أما الجهات التي غالباً ما تتدخل بالقرار فهي الأجهزة الأمنية وأصحاب المصالح وجهات الضغط، وهذه قد تحيده نوعاً ما عن غرضه.
وبالنسبة للقرارات التي تمس هوية الاقتصاد السوري، فتأتي المبادرات بشأنها اليوم على الأغلب من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والنائب الاقتصادي وبموافقة الحزب، بينما كانت هذه المبادرات تأتي في السابق من الحزب والرئاسة ومجلس الوزراء. وقد تقلص دور الحزب في صنع القرار اليوم بسبب إرثه الاشتراكي القوي وعدم مواكبته بشكل كاف للتطورات الاقتصادية العالمية وعدم تطوير فكره بالعمق المطلوب، رغم إقراره بمبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي. وهذا على خلاف الحزب الشيوعي الصيني الذي يقود عملية التغيير هناك قلباً وقالباً، بينما همّ الحزب في سورية اليوم ليس قيادة عملية التغيير إلى اقتصاد السوق، بل عدم السماح للبرالية الاقتصادية أن تذهب بعيداً.
أما بالنسبة للسياسات المالية والنقدية والاجتماعية والسياسات القطّاعية، فللوزير المختص دور كبير فيها (حاكم مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف بالنسبة للسياسات النقدية). وقد كان لوزارة الاقتصاد دور أكبر في صنع القرار في السابق، لكن هذا الدور تقلص في السنوات الأخيرة رغم ضم وزارة التجارة الداخلية والتموين إلى وزارة الاقتصاد، حيث انتقلت بعض أدوار وزارة الاقتصاد السابقة من حيث الواقع إلى النائب الاقتصادي ومن حيث التشريع إلى وزارة المالية وإلى البنك المركزي.
أما كيف يُصنع القرار، فهذا يتم إما بمبادرة من الرئاسة أو من رئاسة مجلس الوزراء والنائب الاقتصادي أو من الوزير المختص، وعادة ما يتم توزيع مشروع المبادرة على الجهات المعنية فيتم النقاش حولها وتتناسق الموافق والتسويات إلى أن يخرج القرار، وأحياناً يخرج هذا القرار سليماً مُعَافَى وأحياناً يخرج ناقصاً. كما وأحياناً تخرج القرارات بسرعة ومن دون دراسة كافية، ويتنصل منها الجميع بعد صدورها، مثل قرار تملك الأجانب الذي صدر منذ أشهر، وأحياناً تصدر من دون مراجعة كافية للتشريعات القائمة للتأكد من عدم التعارض معها مثل قرار التطوير العقاري الأخير.
وغالباً ما يعيق اتخاذ القرار الاقتصادي الاختلاف في تفسير النهج الاقتصادي الجديد (اقتصاد السوق الاجتماعي) أو تداخل الصلاحيات بين الجهات المعنية المسؤولة عن القرار أو تدخل المصالح، مما يؤدي إلى مساومات تضعف القرار. كما وغالباً ما يعيق تطبيق القرار تأخر التعليمات التنفيذية، إما بسبب عدم وضوح القرار نفسه (بسبب المساومات أو بسبب عدم الدراسة الكافية قبل إصدار القرار) أو بسبب تدخلات البيروقراطية أو/والمصالح لإعاقة القرار.
والملاحظ في كل هذا غياب أو ضعف مجلس الشعب بالمبادرة في القرار الاقتصادي، على الرغم من اتساع حريته في الكلام وارتفاع صوته في السنوات الأخيرة. فمجلس الشعب مازال شديد الالتصاق بالسلطة التنفيذية وبالحزب، وهو إما غير متعود على المبادرة أو غير مسموح له بالمبادرة، على الرغم من أن الدستور يعطيه هذا الحق.
وأخيراً ما يمكن أن يساعد على كل من:
1 - صوابية القرار الاقتصادي.
2 - وسرعة اتخاذه.
3 - وسرعة تنفيذه وفعاليته هو:
- توضيح النهج الاقتصادي الجديد ومعه تضييق أوجه الاختلاف حول مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي.
- تحديد الصلاحيات بين أصحاب القرار بشكل أفضل.
- دراسة موضوع القرار بشكل أعمق قبل إصداره، والتأكد من عدم تعارضه مع تشريعات قائمة.
- إشراك أكبر للجهات المعنية وصاحبة المصلحة في القرار.
- إشراك أكبر لجهات قانونية ولغوية في كتابة وصياغة القرار.
- منع تدخلات «من ليس لهم شغل».
- إصلاح الجهاز الإداري للدولة بشكل جذري بما فيه رفع سوية هذا الجهاز العلمية.