لماذا ازداد إنتاج الشعير.. وأين يذهب القمح؟
قدم الباحث محمد حسان قطنا في دراسته، أرقاماً حول كلف الإنتاج وأسعار الجملة لمنتجات زراعية، ومن خلال هذه البيانات يمكن قراءة أثر تغيرات الأسعار بالشكل التالي..
دخلت السوق خلال الأزمة على سوق شراء المحاصيل الاستراتيجية، ورصد تغيرات كلف الإنتاج، وأسعار الشراء الرسمية، وأسعار شراء السوق، تفسر بعض التغيرات في الزراعات الاستراتيجية وتحديداً القمح والشعير..
• رغم أن ارتفاع أسعار القمح وسطياً كان أعلى من ارتفاع كلف إنتاجه الوسطية، إلا أن ارتفاع السعر في السوق، كان أعلى من ارتفاع السعر الرسمي، ما يفسر تراجع تسليم الحبوب للدولة من 2 مليون طن في 2012، إلى 450 ألف طن في 2015.
• ارتفعت تكاليف إنتاج الشعير بنسبة أقل من ارتفاع تكاليف القمح، وبالمقابل ارتفعت أسعاره في السوق أعلى بكثير من أسعاره الرسمية، ولذلك فإن الشعير هو الإنتاج النباتي الوحيد الذي استمرت زراعته بالتوسع خلال الأزمة، حيث أن إنتاجه بين 2011- 2015 يعادل أكثر من ضعفي ونصف وسطي إنتاجه في الفترة بين 2005-2010، ومعظمه يباع للسوق.
ارتفعت الأسعار.. ولكن هل ازداد دخل المزارعين؟!
لا تتوفر البيانات الكاملة لدراسة تكاليف العملية الإنتاجية في كافة المنتجات النباتية والحيوانية الأخرى، التي تعتمد على السوق بشكل كامل في تسويق إنتاجها، إلا أن ارتفاع أسعار الجملة يشير إلى زيادة الدخل المزارعين، ولكن هل هذه الزيادة فعلية؟!
• ارتفعت أسعار الجملة أي الأسعار المدفوعة للمزارعين مقابل بيع منتجاتهم النباتية، بمقدار 255% بين ما قبل الأزمة وما بعدها، والنسبة للباحث قطنا، محسوبة على أساس وسطي ارتفاع أسعار 5 منتجات نباتية رئيسية معدة للبيع في السوق: البطاطا- البندورة المحمية- الثوم- الحمضيات- زيت الزيتون.
• ارتفعت أسعار الجملة للمنتجات الحيوانية بمقدار أقل من وسطي ارتفاع أسعار الإنتاج النباتي، والارتفاع بوسطي 176%، محسوب على أساس أربع منتجات حيوانية رئيسية هي حليب البقر، جبن الغنم، اللحم الأحمر، واللحم الأبيض.
• على الرغم من ارتفاع أسعار الجملة التي يبيع بها المزارعون منتجاتهم النباتية والحيوانية للسوق، إلا أن هذا لا يدل على تحسن في الدخل الزراعي، وتحديداً إذا ما قارناه بمؤشرات تضخمية مثل ارتفاع سعر الصرف بمقدار 480% من 50 إلى قرابة 540 ليرة مقابل الدولار، وارتفاع تكاليف المعيشة بمقدار 866% المقدرة وفق أسعار الاستهلاك الرئيسية التي يستهلك وفقها المزارعون كما غيرهم من السوريين حاجاتهم الرئيسية، والتي انتقلت من 30 ألف ليرة سورية لأسرة من خمس أشخاص، إلى 260 ألف ليرة في النصف الثاني من العام الحالي 2016.
• ما يدل على أن الدخل الإضافي المحقق للمزارعين من بيع منتجاتهم النباتية والحيوانية في السوق، لا يتواكب مع زيادة تكاليف معيشتهم، واستهلاكهم، أي أن سوق الاستهلاك ابتلعت النسبة الأكبر من عوائد المزارعين، بما يقيد إلى حد كبير من إمكانية وجود فائض للقيام بعمليات الاستثمار مجدداً، ويقلل إلى حد بعيد جداً إمكانية توسيع الاستثمار، ما يفسر إلى حد بعيد سبب تدهور الإنتاج النباتي والحيواني، المعتمد في توسعه على المزارعين أنفسهم دون مساعدات استثمارية من الدولة.