لا تضربوا هذا المجمع الغذائي
القطن يستهلك المياه ويتعب الأرض، فول الصويا يخرب التربة، الشعير يكلف مياهاً ونفطاً والشوندر السكري تتدني درجات حلاوته وتخسر المعامل.. أسطوانة طالما سمعناها، ولا نريد أن نوجه الاتهامات حول الأهداف الكامنة وراء ترديدها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك من يريد أن يحول سورية إلى بلد مستورد لكل السلع والمواد بعد أن كان بلداً منتجاً بامتياز؟
نقول ذلك الآن مع بداية موسم الشوندر السكري حيث تعقد الاجتماعات بين وزارتي الزراعة والصناعة ومؤسسة السكر والمديرين، وتتكرر مطالب واحدة أو معزوفة واحدة:
رفع درجة الحلاوة وتوحيد جهة الإشراف وتقديم دراسات ومذكرات لرئاسة مجلس الوزراء تدعو وزارة الصناعة للإشراف على المحصول زراعة وتسويقاً وتصنيعاً، ولم تتم الموافقة على ذلك لأن الموضوع بحاجة إلى دراسات أخرى.
خلال سنوات لم نستطع أن نحسم الدجاجة أولاً أم البيضة، جهة الإشراف لمن؟ لوزارة الزراعة أو الصناعة، وطبيعي أن ينشأ عن ذلك تدني نسبة الحلاوة، وأن توزع الاتهامات بين هذه الجهة وتلك، وتكون هناك خسارات دائمة، واختناقات في توريد الشوندر السكري، وهذا يؤدي إلى خسارة الفلاح، وخسارة في إنتاج السكر.. لذلك لا نستطيع في هذا الواقع المطالبة بتحديث معامل السكر القائمة وتطويرها وإقامة خطوط إنتاجية جديدة بدل الاستيراد.
وللعلم، فإن معامل السكر قديمة، أي أنها تستخدم تجهيزات متخلفة، وكان من الممكن إيجاد صناعات موازية لصناعة السكر بهدف التغلب على الكلفة المرتفعة وتشغيل العاملين خارج المواسم والتكامل في التخطيط بين الزراعة والصناعة، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث حتى الآن، علماً أنه نتج من صناعة السكر صناعات أخرى كالميلاس والخميرة وكحول أبيض وكحول صناعي وغاز كربون، وعندما يقول وزير الصناعة إن كيلو السكر يكلف 60 ل.س، فإنه يتجاهل هذه المنتجات، ولولا المعامل لتم استيرادها بمبالغ كبيرة.
صناعة السكر مجمع غذائي، فهل نضرب هذا المجمع؟!