زهير مشعان زهير مشعان

مازوتيات... المواطن مدان حتى تثبت براءته!؟

لن نتناول المعاملة السيئة والمعاناة الصعبة التي تعرض لها المواطنون وهم يسعون لنيل شيكات الدعم، ولن نصف الطوابير الطويلة سواء في التسجيل أو في قبض مبلغ الدعم البائس للمازوت والذي فيه من الذلة ما يندى له الجبين.. وإنما سنتناول الموضوع من زاوية أخرى، وهي الزاوية القانونية والدستورية، فعلى ما يبدو أن المواطن يُعامل كمدان من وجهة نظر الحكومة حتى تثبت براءته، بينما حالات الفساد الكبيرة السابقة التي ترافقت مع توزيع قسائم العام الماضي قام بها فاسدون كبار..

 فقد أصدر السادة المحافظون تعميمات مختلفة بعدم قبول الوكالات العامة والخاصة ضمن عملية توزيع الدعم المالي للمازوت، وهذا يتناقض مع القانون، فالوكالة العامة تتيح لحاملها القيام بعمليات بيعٍ وشراء ومعاملات حجمها أكبر بمئات المرات من تسجيل أو قبض خمسة آلاف ليرة، فهل المشرع للقانون والوكالة لا يعلم بذلك!؟ ثُمّ كيف لمريضٍ أو عاجز أو مشلول وخاصةً من المتقاعدين والمتقاعدات وأسرهما، أن يحضر لإتمام التسجيل أو القبض وسط فوضى الطوابير!؟
كما تم في بعض المحافظات إصدار تعاميم إلى دوائر السجل المدني بعدم منح بيانات عائلة للمتزوجين الجدد، وهؤلاء لم يحصلوا على دفاتر عائلة لعدم توفرها في السجل المدني! وقد صرخ أحد المراجعين للسجل المدني: هل ارتكبنا جريمةً لأننا تزوجنا مؤخراً!؟
كما أن هناك واقعة ثالثة تتناقض مع الدستور السوري، فالدستور يساوي بين المواطنين والمواطنات، ولا يفرق بين ذكر وأنثى، حتى أنّ المرأة العاملة تتقاضى التعويض العائلي عن أبنائها إذا كان زوجها غير عامل في دوائر الدولة ومنشآتها المختلفة، ومبالغه أكبر بكثير من قيمة الدعم المالي للمازوت على مدار عام واحد على الأقل، لكن المرأة العاملة في التربية مثلاً كمعلمة لا تستطيع الحصول على الدعم لأن دفتر العائلة باسم الزوج، وعليه أن يبصم بذاته على الاستمارة. فلماذا هذا التعقيد طالما أنّ دفتر العائلة سيختم في إحدى صفحاته من اللجنة المكلفة، ألا يتناقض هذا مع المساواة الدستورية!؟
لا شكّ أننا مع ضبط العملية وخاصةً من الفاسدين وتحديداً الكبار منهم، لكن أن يكون المواطنون مدانين حتى تثبت براءتهم، فهذا لا يمسّ كرامة المواطن فقط وإنما كرامة الوطن مقابل خمسة آلاف ليرة!؟
إن محاربة الفساد تبدأ بمحاسبة الكبير منه أولاً، والذي ينهب المجتمع والدولة، وأن أية إجراءاتٍ تتخذ من أجل العملية يجب ألاّ تعيق وتذل المواطن الفقير الذي هو بأمس الحاجة للرعاية، بل يجب أن تسهل له حصوله على حقوقه..