ما الهدف من (دردرة) الاقتصاد الوطني؟
يستمر نهج الفريق الاقتصادي في إضعاف الوطن والمواطن, فمازال يطبق سياساته الليبرالية التي أدت وتؤدي إلى انخفاض مستوى الجماهير الشعبية التي تراجعت قدرتها الشرائية بشكل هائل ومحسوس خلال الأعوام القليلة الماضية، وعلى الرغم من ذلك وافتضاح فشله الذريع في وضع الحلول الناجعة لهذا الوضع المتردي، فإنه مازال وبشكل يومي يعدنا بأنهار العسل الذي سيغدقه علينا، والشعب يرى بأم عينه جفاف هذا النهر وتلوث ليس عسله المفقود فقط، بل ترابه أيضاً .
وقد حذرنا من طريقة دعم المازوت وقلنا إنها طريقة مرفوضة لأنها لن تؤدي الدور المطلوب منها لضآلة مبلغ الدعم فيها وضعف وعدم قدرة الآلية المتبعة لها عن الوصول إلى جميع جماهير الشعب الفقيرة التي تعاني ما تعانيه من هذا البلاء الجاثم على صدورها الغلاء الذي لا يطاق .
لقد أوضحنا مرات كثيرة أن الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العظمى التي تؤكد بتداعياتها أن الذي ينهار ليس الليبرالية فقط كنهج ضمن الرأسمالية، بل الرأسمالية نفسها وكلها بمختلف مدارسها، في النظرية والتطبيق. وتعود الماركسية بزخم من جديد لتؤكد أنها على قيد الحياة، ومع ذلك بنى الفريق الاقتصادي ومازال يبني رؤيته الاقتصادية على مقولة قطار العولمة الذي يجب ألا يفوتنا، وطبعاً المقصود هنا العولمة الامبريالية بنهجها الليبرالي المتوحش.. ومع انحسار هذه الموجة عالمياً، وفي المراكز الرأسمالية خاصة، فمن الطبيعي أن تنحسر في الأطراف.
إن كل ما قام به في تطبيق سياسته الاقتصادية المشوهة والكاذبة لم تؤدّ في النتيجة إلا إلى مزيد من البطالة والفقر، وتشوه في البنية الهيكلية للاقتصاد السوري. واليوم حينما تقيّم الخطة العاشرة سيتبيّن أنها لم تستطع في أحسن الأحوال أن تحقق 50% من الأرقام التي وعدت بها.. فهل من فشل أكبر من هذا؟
لقد أدت هذه السياسات الاقتصادية إلى توتر كبير في المجتمع، واقترب التحرك والتململ الاجتماعيين لدرجة الغليان، بل إنها وبتطبيقها الخاطئ اللئيم تدفع في أحيان كثيرة جزءاً من المجتمع لأن يتسم تحركه بالخطأ نفسه واللؤم الذي شاب هذه السياسة, وليس أدل على ذلك من تلك الأخبار التي تتحدث عن قيام البعض بالتحايل على شروط الدعم وذلك من خلال عقود الزواج الوهمية (الزواج العرفي) للحصول على الـ10000 عشرة آلاف ليرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع .
إن سؤالاً ملحاً يطرح نفسه هنا: لماذا أصر الفريق الاقتصادي على آلية الدعم المتبعة الآن وقد نبه الكثيرون إلى قصورها وعدم جدواها، وأن تطبيقها فيه إذلال لجماهير شعبنا التي قارعت الاستعمار يوماً وأجبرته للخروج مسرعاً مذلولاً مرغماً.
ولكن يبدو أن هذا الفريق، وعلى رأسه النائب الاقتصادي يقوم بعملية (دردرة) للوطن والمواطن معاً, والدردرة باللغة العربية تعني نزع أسنان الشخص كلها بحيث يصبح عاجزا عن الأكل, نعم إن عملية (دردرة) كبرى تجري الآن بهدف نزع أسنان وأضراس الوطن والمواطن, ونزع أسنان القطاع العام وجعله عاجزاً عن الدفاع عن النفس تمهيدا لخصخصته وبيعه بأرخص الأثمان, كما تهدف إلى نزع أسنان المواطن وجعله ذليلاً مقهوراً مستسلما للمستوى المتدهور لمعيشته وحياته البائسة بحيث يصبح أيضاً عاجزاً لا عن الدفاع عن ذاته ووجوده وحقه في حياة حرة كريمة في وطنه، بل عاجزاً حتى عن الدفاع عن هذا الوطن الغالي .
لذلك نعود لنقول بأنه لابد من وضع سياسة اقتصادية بديلة ذات طابع استراتيجي يستند جوهرها إلى تحقيق نموٍ عالٍ للاقتصاد الوطني وعدم التذرع بزيادة السكان لتبرير الأخطاء والتقصير الحاصلين والسعي لتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية، الأمر الذي لن يتحقق دون تأمين الموارد الداخلية لهذه العملية التي سيكون مصدرها الأساسي مكافحة الفساد والنهب في الاقتصاد الوطني هذا الفساد الذي تحول إلى ورم سرطاني يهدد لا المواطن وحده بل الوطن أيضاً، ولن يتم ذلك إلا عبر أوسع انفتاح على الأكثرية الساحقة من الشعب المتضررة من المنحى الاقتصادي الجاري في البلاد، ما يؤمن أكبر رقابة ممكنة على جهاز الدولة الذي أضحى وضعه يتطلّب إصلاحاً مؤسساتياً عميقاً..
واستكمالاً لكل ذلك يجب إزالة الآثار السلبية للسياسات الاقتصادية الليبرالية في كل المجالات التشريعية والاقتصادية والاجتماعية، كما يتطلب ذلك إعادة النظر بالسياسة الأجرية جذرياً وخاصةً بعد اعتراف الحكومة الأخير عبر مرحلة رفع الدعم عن المازوت أن «حد الأجر الذي يتطلب الدعم للعائلة السورية هو نحو 33000 ل.س»..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.