تضخم: برسم التدخل.. الليرة تفقد 72% من قيمتها
لا يتوقف حاكم مصرف سورية المركزي عن إعطاء جرعات التفاؤل منتهية الصلاحية بواقع ومستقبل الليرة السورية، فهو من وعد بحمايتها، وبإعادتها إلى وضعها الطبيعي، وبالتدخل من أجلها منذ أن بدأت بالتراجع قبل عام ونصف تقريباً، عبر ضخ القطع الأجنبي في السوق، إلا أن جرعاته الزائدة لم تنعكس إيجاباً على واقع الليرة، والتي لم تكن بمثابة «شيك بلا رصيد» فقط، بل إنها أتت للتعتيم على العجز الفعلي في إدارة ملف الليرة السورية، لتحافظ الليرة بذلك على وتيرة انهيارها التي بدأتها قبل ثمانية عشر شهراً تقريباً..
وفي سياق التفاؤل المفرط، إن لم نقل التعتيم الممنهج على الفشل الفعلي، أتى حديث أديب ميالة مجدداً عن وجود كتلة من احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي يكفي لدعم توازن سعر صرف الليرة في السوق، ليوهم بقدرة المركزي على ضبط إيقاع الليرة السورية، ولكن السؤال الذي يطرح إذا ما امتلك المركزي الإمكانية فعلاً، ما الذي ينتظره حتى يعيد التوازن إلى سعر الصرف؟! ألا يكفي فقدان الليرة جزءاً كبيراً من قيمتها ليشعر حاكم المركزي بالخطر المحدق فيها!!
كانت الليرة السورية من أكثر المتضررين بالأزمة الحالية، وهي التي انعكس تراجعها سلباً في تدني المستوى المعيشي للسوريين، وعلى إضعاف القدرة الشرائية لأغلبيتهم، حيث فقدت الليرة من قيمتها أمام الدولار بالحد الأدنى منذ أيلول 2011 حتى نهاية شباط 2013 (18 شهراً تقريباً) نحو 72%، بتراجع سعر صرفها 34 ل.س، وذلك وفق أسعار صرف «المركزي السوري»، كما فقدت من قيمتها أمام اليورو خلال 14 شهراً نحو 50%، بتراجع سعر صرفها بمقدار 35.83 ل.س، وهذه النسب لا تعبر إلا عن نسبة التراجع الرسمية لقيمة العملة الوطنية فقط، بينما يبقى التراجع غير الرسمي في السوق السوداء أعلى من تلك النسبة بكثير، والذي يصل إلى 100%..
وفي تفاصيل التراجع، فقد تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار من 47 ل.س في شهر أيلول 2011 إلى 55 ل.س في نهاية العام، لتتراجع الليرة في هذه الحالة خلال الأشهر الأربعة بنسبة 17%..
وفي عام 2012، تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار من 55.55 ل.س بالحد الأدنى في 1 كانون الثاني إلى 77.27 ل.س في 31 كانون الأول 2012، أي أن الليرة فقدت من قيمتها نحو 39% بتراجع سعر صرف اليرة أمام الدولار نحو 21.72 ل.س خلال هذا العام..
أما بالنسبة لواقع الليرة أمام اليورو في عام 2012، فقد تراجع سعر صرفها من 72.53 ل.س بالحد الأدنى في 1 كانون الثاني إلى 101.89 ل.س في 31 كانون الأول 2012، أي أن الليرة فقدت من قيمتها نحو 40.5% بتراجع سعر صرفها ليرة أمام نحو 29.36 ل.س..
وفي شهري كانون الثاني وشباط من عام 2013، فقدت الليرة من قيمتها أمام الدولار نحو 5%، بتراجع سعر صرفها 4 ل.س إلى 81 ليرة تقريباً أمام الدولار، كما فقدت الليرة من قيمتها أمام اليورو 6.35%، بتراجع سعر صرفها نحو 6.47 ل.س..
أي أنه، وفي المحصلة النهائية، تكون الليرة قد فقدت من قيمتها أمام الدولار بالحد الأدنى منذ أيلول 2011 حتى نهاية شباط 2013 (18 شهراً تقريباً) نحو 72%، كما فقدت من قيمتها أمام اليورو خلال 14 شهراً نحو 50%، ولكن المشكلة المزمنة التي تلازم هذا التراجع، هي إصرار مصرف سورية المركزي وحاكمه على السياسة النقدية المتبعة، والإصرار على الحديث عن نجاعة تلك السياسة التي أوصلت الليرة إلى حالة من الانهيار الفعلي..