«الاتصالات» الأرقام تفضح الادعاءات
لم ترَ وزارة الاتصالات والتقانة في تناول صحيفة «قاسيون» بعددها السابق موضوع ايرادات وأرباح شركتي الخليوي سوى المبالغة في الطرح والرقم على حد سواء، دون أن تكلّف نفسها توضيح الارقام الدقيقة التي بجعبتها، فحصة المؤسسة لم تصل إلى 50% من الايرادات بعد أكثر من 10 سنوات على دخولهما السوق، وفي ذلك مخالفة لشروط العقود الموقعة بين مؤسسة الاتصالات والشركتين المشغلتين، ونحن مؤمنون بأن النمو في الايرادات كان تدريجياً، إلا أن ارباح الشركتين لم تكن قليلة كما يتصورها البعض في البداية، لأن حصة المؤسسة كانت أقل في حينها، كما أن الحديث عن ارتفاع الأسعار وتدني جودة الخدمة وتراجعها في حال التأميم ينافي واقع حال هذا القطاع حالياً، بالإضافة إلى ذلك كله، فإن المنافسة التي يتباكون عليها، تغيب عن ثقافة شركتي الخليوي ولو بالحد الأدنى، وندرة العروض المقدمة للمشتركين تعرّي حالة التنافس الغائبة، كما أن أسعار الاتصالات الخليوية والرسائل النصية تعتبر الأعلى قياساً بالدول العربية، فهم يتحدثون عن ميزات غير موجودة سيفقدها المشتركون بعملية التأميم المطروحة..
47% حصة المؤسسة!
بدأت شركة «سيرياتل» عملها نهاية عام 2001، أي أنه مضى ثلاث عشرة سنة على وجودها في السوق السورية، إلا أنه وإلى الآن، لم تصل حصة المؤسسة من إيرادات الشركتين حاجز الــ50%، على الرغم من أن حصة المؤسسة في السنوات الثلاث الاولى (2002 – 2003 - 2004) تبلغ 30%، لترتفع تلك النسبة إلى 40% في السنوات الثلاث التالية حتى عام 2007، أما في السنوات التسع التالية، فإن النسبة سترتفع إلى 50%، وإذا ما جرى تمديد العقد، فإن النسبة ستصل إلى 60%..
هذا وفقاً للعقد أما الأرقام على أرض الواقع فتختلف.
وتبين الأرقام المطروحة في الجدول المرفق حصة الدولة من ايرادات الشركتين لتكشف أن النسبة التي تحصلها الدولة أقل من المفروض بمعدل 3- 5% بين 2009-2011.
12 مليار ليرة متوسط الأرباح
لم يرق لوزارة الاتصالات الحديث عن الأرباح المعلنة لشركتي الخليوي، والتي تصل إلى 16 مليار ليرة سنوياً، وعن إيرادات تبلغ الـ80 مليار ليرة، لتصل في المحصلة، وبعد عشر سنوات، إلى أرباح تزيد عن 150 ملياراً، وإيرادات تصل إلى 600 مليار ليرة، ولكن هل هذه الارقام بعيدة عن الواقع إلى هذه الدرجة التي استحقت استهجان الوزارة؟!
الأرقام المتوفرة بين أيدينا، والتي تمتد لسبع سنوات فقط من عمر هاتين الشركتين (2005 – 2011)، كفيلة بإعطاء مؤشر عام عن الأرباح والإيرادات التي تحققها شركتي الخليوي، فمتوسط ايرادات شركة MTN خلال السنوات السبع المدروسة يصل إلى 34.7 مليار ليرة سنوياً، بينما يصل متوسط ايرادات شركة «سيرياتل» إلى 42.78 مليار ليرة سنوياً، أي أن متوسط الايرادات السنوية لشركتي الخليوي يبلغ 77.5 مليار ليرة، وهذا يوصلنا إلى أن الايرادات الاجمالية لشركتي الخليوي في السنوات الـ 12 الماضية تصل إلى 900 مليار ليرة تقريباً..
وبالانتقال إلى الأرباح، نجد أن متوسط أرباح شركة MTN خلال السنوات السبع يصل إلى 5 مليارات ليرة سنوياً، بينما بلغ متوسط أرباح شركة «سيرياتل» 6.68 مليار ليرة، أي أن متوسط الأرباح السنوية التي حققتها شركتا الخليوي تصل إلى 11.68 مليار ليرة سنوياً، وبهذا يصل مجموع ارباح المشغلين على امتداد 12 عاماً الماضية إلى 140 مليار ليرة..
تفنيد الادعاءات
وفق التقارير العربية، تحتل سورية المراتب الاولى عربياً بين الدول التي يستحوذ فيها القطاع الخاص على إيرادات الاتصالات «الخليوية»، لتأتي سورية ضمن الدول العربية الثلاث الاولى (فلسطين، سورية، والكويت) بمستوى الخصخصة الفعلية للخليوي، وذلك بحسب تقرير لمجموعة المرشدين العرب بعنوان «مستوى الخصخصة في أسواق الاتصالات الخليوية العربية» خلال شهر تشرين الثاني من عام 2012.
كما أشارت دراسة أخرى لمجموعة المرشدون العرب (Arab Advisors Group)، والتي شملت ثلاثة وخمسين مشغلا خليوياً في تسع عشرة دولة عربية، إلى أن أسعار خدمة الـ SMS، في سورية تأتي في المرتبة الرابعة من حيث ارتفاع أسعار الرسائل النصية.
أما على مستوى المنافسة، فقد أشار المؤشر أن مستوى المنافسة متدنِ بشدة في قطاع الاتصالات الخليوية في سورية حيث تحتل المرتبة 17 من أصل 19 دولة عربية، ما يعني مستوى عالياً من الاحتكار.
كل تلك المعطيات، تؤكد أن ريعية قطاع الاتصالات عالية جداً، ولذلك يعتبر مخزوناً استراتيجياً للاقتصادات في مراحل نقص مواردها، وفي أزماتها الاقتصادية، كالأزمة التي نعيشها اليوم، ولهذا يمكن للقطاع الخليوي أن يشكل سنداً للخزينة العامة للدولة في الوقت الذي تتراجع فيه الموارد، حيث تحقق شركتي الخليوي 12 مليار ليرة كأرباح سنوية تضاف لحساب زيادة ثروات بعض الاشخاص فكيف يمكن تجاهل هذا المورد الاقتصادي بينما تبحث الحكومة «بالفتيلة والسراج» عن تلك الموارد من جيوب ذوي الدخل المحدود؟! عبر اتخاذ قرار رفع أسعار المازوت على سبيل المثال منذ فترة قصيرة!..