الأسعار تتحكم باختيار أغلبية السوريين البحث عن السكن بالمناطق العشوائية السكن العشوائي بات الملجأ لعدم كفاية دور الدولة.. وتراجع دور الجمعيات

تساءل الباحث الاقتصادي سمير سعيفان خلال ندوة الثلاثاء الاقتصادية 31/5/2011 بعنوان: «الآثار الاقتصادية للفورة العقارية» عن إمكانية الحديث عن وجود فورة عقارية في سورية، معتبراً أن الفورة العقارية ساهمت في إنتاج مزيد من البيوت والمكاتب، وحركت سوق العمل، وكذلك سوق إنتاج مواد البناء وتجهيزاته، كما زادت من مستوردات مستلزمات البناء كما تقدم نشاط القطاع الخاص كمطور عقاري، مؤكداً في الوقت عينه ضرورة أن يكون هناك توازن بين القطاع العقاري وبقية القطاعات وان يتناسب مع قدرة الاقتصاد الوطني على التحمل وألا يتحول إلى فورة تمتص استثمارات كبيرة تؤثر على القطاعات الاقتصادية المنتجة، أي أن يكون دور قطاع السكن في خدمة قطاعات الإنتاج دون تكاليف مرتفعة..

 

هبوط متوقع لأسعار العقارات ‏

موجات الفورة العقارية مرت بالعديد من المراحل، حيث أوضح سعيفان أنه وبعد جمود في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي بدأت موجة ارتفاع أسعار المساكن في المدن الرئيسي بنسب كبيرة، ففي دمشق كان بين 20-30%، واستمرت هذه الارتفاعات بالنسبة نفسها من عام إلى عام وصولاً إلى 2006 حيث ساد هدوء نسبي تبعه نشاط ملحوظ في العام 2009 قدر بنحو 40% ومن ثم عاد سوق العقارات للهدوء في العام 2010...

 وتوقع سعيفان أن تهبط الأسعار خلال الأشهر القادمة من العام الحالي، موضحاً أن سبب هذا البطء يعود إلى أن العقارات ممولة من فائض أموال مالكيها (مكتنزين) وليسوا مستعجلين للبيع.. ‏

880 ألف مسكن

في الخمسية الحادية عشرة ‏

وفرد سعيفان جزءاً من محاضرته لاستعراض السياسة العقارية الجديدة في الخطة الخمسية الحادية عشرة، مبيناً أن الخطة تستهدف إجمالي الاحتياج المقدر بـ 880 ألف مسكن بمعدل 176 ألف مسكن سنوياً بحيث يكون هناك 520 ألف وحدة سكنية حسب النمو السكاني و40 ألف وحدة سكنية احتياطي غير ملحوظ بكلفة 52 مليار ليرة سورية وإحلال 1.5% من المساكن (أي 320 ألف مسكن) بكلفة تقديرية 416 مليار ليرة سورية، حيث يضطلع القطاع العام بتنفيذ 10% من الخطة والقطاع الخاص بـ 78%، أما القطاع التعاوني فحصته 12% وهنا لفت سعيفان إلى أنه بالنظر إلى ما نفذ في الخطتين التاسعة والعاشرة يلاحظ أن ما يخطط له لا ينفذ إلا بشكل جزئي والعجز يتراكم أو يجد حلولاً مشوهة كما في السكن العشوائي.. ‏

«الفجوة» ترفع أسعار العقارات

وحول أسباب ارتفاع أسعار العقارات، أكد سعيفان أن ارتفاع الأسعار يعود دائماً لوجود فجوة بين العرض والطلب مع أخذ جميع العوامل الرئيسية التي تؤثر في كل منهما، وأن هذه الأسعار تحكم على أغلبية من يعمل بأجر لدى الدولة والقطاع الخاص بأن يبحثوا عن سكن لهم في مناطق السكن العشوائي، وأن هذه الأسعار تجعل تكاليف مباشرة الأعمال للمشروعات الصغيرة مرتفعة جداً ما يخلق صعوبات، وهي بحد ذاتها تشير إلى حجم الاستثمارات الكبيرة التي كان من الممكن أن تتوجه إلى الاستثمار في قطاعات أكثر إنتاجية للاقتصاد الوطني وليس أكثر..

وحول أسباب نمو الطلب على المساكن، أوضح سعيفان أن ذلك يعود لزيادة السكان أولاً واصفاً إياها بالمرتفعة والمرهقة، كما أنها مستودع آمن للمدخرات بسبب ضيق أقنية الاستثمار الآمن، إلى جانب خفض أسعار الفوائد في العام 2004 وتعديل فوائد شهادات الاستثمار وكذلك تطبيق قانون الإيجارات وتحرير سوق إيجار المساكن وتقليص دور الجمعيات السكنية، والاتجاه نحو شراء شقق وتحويلها إلى مكاتب تجارية بسبب النقص في عدد المكاتب، ودخول شركات التأمين والمصارف وغيرها، والهدر في تصاميم البيوت وتبديل البنية الطبقية ونمو الطلب على السكن الفاخر وتأثيرات الفورة العقارية في الخليج، ودخول شركات التطوير العقاري الخليجية الذي حرض الطلب ورفع الأسعار، وغيرها من الأسباب.. ‏

ولم يخف سعيفان حقيقة أن قيمة الأرض أكبر من الإنفاق على البناء ذاته بشكل كبير، وأن أية إجراءات تؤدي لخفض قيمة العرصات ستسهم في حل مشكلة السكن.. ‏

أسباب موجبة لتوسع السكن العشوائي

وعدد سمير سعيفان في نهاية محاضرته أسباب توسع السكن العشوائي، والتي حصرها الباحث الاقتصادي بالنقاط التالية:

- تجاهل وتساهل حكومي مع السكن العشوائي لتسهيل الهجرة من الريف إلى مركز المحافظات.

- ضعف التخطيط الإقليمي، إهمال الريف، مراكز المدن، تدفق الريف إلى المدينة.

-ضعف التخطيط العمراني.

- إجراءات التنظيم العمراني المعقدة وطويلة الأمد.

 -عدم تخصيص الأراضي الكافية رغم استملاكها من قبل الحكومة.

- ارتفاع أسعار المساكن المنظمة قياساً بالقدرة المحدودة لمحدودي الدخل.

 - السكن العشوائي الرخيص كسكن بديل.

- دور المضاربة في الأراضي والعقارات في رفع الأسعار.

- ضعف تمويل بناء المساكن من المصارف.

- فساد الوحدات الإدارية.

 - عدم كفاية دور الدولة في بناء المساكن.

 - تراجع دور الجمعيات التعاونية في بناء المساكن.

 - القانون رقم 1 لعام 2003، والقانون 59 لعام 2008 اللذان تشددا في قمع المخالفات السكنية دون تقديم حل بديل لهذه الفئة من الناس، مما ساهم في رفع قيمة (الرشاوى) وزيادة التكلفة على الفقراء. ‏

- المعالجة المكتبية البيرقراطية ضعيفة الكفاءة.