كتاب أسود جديد  لـ«منظومة الربح»

 

 

تبنت الأمم المتحدة ما أسمته «أهداف الألفية» عام 2000، وأعلنت عناوينها العريضة: تخفيض الفقر والجوع مع مجموعة من المؤشرات الصحية والتعليمية والبيئية، وتَحوّل التزام الدول بهذا الإعلان إلى بوابة (شراكة التنمية العالمية) كما تسميها الأمم المتحدة، التي تضع هدف التحرير التجاري والمالي مؤشراً من مؤشرات (الاندماج في التنمية العالمية)..

بعد خمسة عشر عاماً على وضع أهداف الألفية، أتت النتائج المتحققة عام 2015، فكانت في مجال الفقر والجوع تقتصر تقريباً على الصين والهند، وهي الدول التي أخرجت أكثر من 868 مليون إنسان من الفقر المطلق في حين أخرجت بقية دول العالم بمجموعها حوالي 150 مليوناً. الصين وحدها أخرجت 733 مليون إنسان من تحت خط الفقر المطلق، علماً أنها تتبنى اقتصاداً يتضمن درجات من الحمائية تتناقض بشكل كبير مع توصيات الأمم المتحدة. 

أظهرت المؤشرات أيضاً انخفاض حصة الأجور من 62% إلى 53% من الدخل العالمي بين 1980- 2011، والأهم أن أغنى 1% من سكان العالم أصبح يحصل على أكثر من نصف الثروة العالمية.

وكانت الأمم المتحدة قد وضعت مهاماً متعددة أمام «الدول المتقدمة» أبرزها تخفيف الديون عن الدول ضعيفة النمو، والوصول إلى إلغائها، وهو ما طبقت هذه الدول نقيضه تماماً.. وظهر ذلك جلياً في عدة دول أوروبية وخاصة اليونان.

تدمج الأمم المتحدة محقة عنصر البيئة كعنصر رئيسي في محددات النمو والتنمية، وتقييم الأداء، ولكننا لا نزال نخسر سنوياً 13 مليون هكتار من الغابات، بينما لايزال جليد القطب الشمالي يتراجع بحدة، بعد أن خسر 65% من مساحته بين 1975 و 2012، وقد وصلنا في عام 2015 إلى أن كل 1 من 5 أنواع من الكائنات الحية، مهدد بالانقراض، وأخيراً وليس آخراً، لا يزال كل واحد من 10 أشخاص حول العالم غير قادر على الحصول على مياه الشرب النظيفة.

لا تستطيع دعوات الأمم المتحدة والالتزامات الشكلية للدول، أن تغير الحقائق القانونية، فالمنظومة الرأسمالية تنتج توسع الفقر والبطالة والجوع، طالما أنها تنتج تمركز الثروة، وتخلق الأزمات، وقد أصبح الربح من المستقبل قانوناً سائداً منذ أن انتقل استهلاك الطبيعة إلى حدود جائرة، ندفع تكلفتها اليوم، وفي المستقبل عندما تفرض الطبيعة الحاجة للترميم وتهدد قدرتنا على الاستمرار. على من يريد حماية البيئة ومكافحة الفقر، أن يدعو إلى التعاون لمواجهة منظومة الربح من الجوع، ومن الدمار، لا أن يدعو إلى الاندماج في هذه المنظومة.