خاص/قاسيون خاص/قاسيون

السكر يدخل دوامة الاختناقات.. تراجع في الإنتاج واعتماد على الاستيراد

تحول تأمين العديد من المستلزمات الحياتية لمعيشة المواطن السوري إلى هاجس يومي، فلم يعد العمل والمازوت والغاز الحلم الوحيد، بل انتقلت العدوى لتصيب أساسيات الغذاء منها السكر، بالرغم من أن الحصول على المادة من المفترض أن يكون أكثر انضباطاً كونه موزعاً بقسائم تموينية، إلا أن هذه المادة كونها مستوردة بجزء كبير منها لامستها آثار الأزمة الاقتصادية الحالية، سواء من حيث صعوبة الاستيراد أم بنقص المحصول لعدم قدرة المزارعين من الوصول لأراضيهم في بعض المناطق، والنقص في متطلبات عملية الإنتاج، وإغلاق إحدى الشركات الخاصة.

 

وتعتبر مادة السكر من ضمن المواد الغذائية المدعومة من الدولة  التي تقوم المؤسسة العامة الاستهلاكية بتأمينها وتوزيعها عبر القسائم التموينية.

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أصدرت مؤخراً قراراً ينص على استمرار مفعول القسائم التموينية ذوات الأرقام 58 و60 و62 لمادة الرز والقسيمتين 61 و59 لمادة السكر، بحيث تبقى صالحة للصرف خلال شهر كانون الأول من العام الجاري، على أن يتم استلام القسائم من المتعاملين بداية شهر كانون الثاني من العام القادم، وتصدر «المؤسسة العامة الاستهلاكية» التعليمات التوضيحية اللازمة لكل مراكزها أصولاً.

 

محصول الشوندر تراجع أكثر من النصف

وانتهت الدورة السنوية لتصنيع محصول الشوندر السكري لهذا العام بتصنيع 721 ألف طن، أي ما يعادل نسبة 70 % من تقديرات إنتاج سورية من المحصول لهذا العام ، بعد أن تراجع محصول الشوندر السكري من 1.6 مليون طن إلى أكثر من نصف الكمية، بسبب عدم قدرة المزارعين في الأماكن الساخنة من الوصول إلى أراضيهم وعدم توفر مستلزمات الإنتاج.‏

وقامت شركة تل سلحب بتصنيع كميات من السكر بلغت 17ألفاً و680 طناً، بينما صنعت المؤسسة العامة للسكر 52 ألف طن من السكر الأبيض، في الوقت الذي أعلنت فيه شركة السكر الوطنية الخاصة (طاقتها الإنتاجية مليون طن سنوياً) وقف الإنتاج منذ شهر شباط الماضي بسبب تردي الأوضاع الأمنية في البلاد.

 

مشاكل ومعوقات في مؤسسة السكر العامة

وفي دراسة أعدتها المؤسسة العامة للسكر، بينت أن أبرز المشاكل التي تعاني منها تتمثل بمحدودية عدد أيام العمل الفعلية في شركات تصنيع الشوندر، حيث بلغت في العام الماضي 85 يوماً، فيما تقوم هذه الشركات بدفع كافة المصاريف الثابتة بما فيها رواتب وأجور عمال هذه الشركات لكل العام، بالإضافة إلى انخفاض درجة حلاوة الشوندر المستلم مقارنة بالنورم المتعارف عليه في الدول المجاورة والذي حدُّه الأدنى %16، حيث بلغت درجة الحلاوة عام 2010 حوالي %13.09.‏

 

كلف مرتفعة ومردود منخفض

وأشارت المؤسسة إلى أن ارتفاع سعر مادة الشوندر السكري المستلم، وانخفاض المردود منه، يؤدي إلى ارتفاع كلفة إنتاج الطن من السكر الأبيض.

 وبلغ سعر الشوندر السكري في مصر عام 2009 ما يعادل 1800 ليرة للطن، وفي عام 2011 بلغ سعر الشوندر ما يعادل 2880 ليرة، وذلك عند درجة حلاوة 16 %، في حين تم تحديد سعر طن الشوندر السكري المحلي بـ 4500 ل.س للطن، عند درجة حلاوة 16 %، ويخفض 100 ليرة لكل طن عند انخفاض درجة الحلاوة درجة واحدة.

 ويعود سبب انخفاض المردود بشكل رئيسي وانخفاض درجة الحلاوة إلى تعفّن مادة الشوندر السكري، وتلف جزء كبير منها نتيجة الضغط على الشركات المصنعة، وعجزها عن استيعاب كامل كميات الشوندر، التي لا تتناسب مع طاقاتها الإنتاجية اليومية، وارتفاع تكلفة نقل الشوندر لمحافظة دير الزور، حيث بلغت وسطياً كلفة النقل 1,5 ل.س للكغ، بما يعادل %30 من كلفة الشوندر المستلم.‏

كما بينت المؤسسة أن تراجع الكميات الموردة من الشوندر السكري ومن السكر الأحمر المستورد إلى المعامل، ومن المواد الأولية اللازمة لصناعة الخميرة وباقي المنتجات المصنعة في شركات المؤسسة، حال دون تنفيذ كامل الخطة الإنتاجية للمؤسسة.

وتبلغ كلف الإنتاج الوسطي للكيلو غرام الواحد من السكر الأبيض من تكرير السكر الخامي نحو 31.8 ليرة سورية مع الأخذ بالحسبان دعم مادة الفيول.

وبيّنت مديرية الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة أن تصنيع الشوندر يُسهم بتأمين من 16 إلى %20 من الاحتياج الكلي للسكر، البالغ حوالي 700 ألف طن، ويستخدم بذار الشوندر وحيد الجنين ومتعدد الأجنة، أما درجة الحلاوة فيها فهي تختلف من صنف لآخر من كلا النوعين، ولا تقل عن %16.

وتحتل سورية المرتبة الثالثة عربياً في زراعة الشوندر، بعد المغرب ومصر، من حيث المساحة والإنتاجية، إلا أن محصول الشوندر هو المحصول الوحيد في سورية للحصول على السكر، لعدم زراعة قصب السكر، إضافة لكونه ثالث المحاصيل الإستراتيجية المهمة بعد القمح والقطن.

 

أرقام وإحصائيات..

ووصل إنتاج سورية من الشوندر السكري عام 2011 إلى 1791566طناً، حيث توزعت زراعته على مساحة 25973 هكتاراً، وتعد منطقة الغاب الأولى في زراعته بمساحة 7103 هكتارات، بينما كانت حلب المحافظة الأولى في إنتاجه بكمية 428160 طناً، وبمردود بلغ 80 طناً بالهكتار.

ووصل متوسط قيمة المستوردات السورية من مادة السكر خلال الفترة الممتدة بين عامي 1999 -2001  إلى نحو 127 مليون دولار، ثم تضاعفت في العام 2007 لنحو 321 مليون دولار، وبعدها عادت عام 2008 لتبلغ نحو 140 مليون دولار.

وتقسم حاجة السوق المحلية من السكر إلى قسمين، الأول يتعلق باحتياجات القسائم التموينية وقدرت عام 2010 بنحو 240 ألف طن.

والقسم الثاني يتمثل في الاحتياجات التجارية المعتادة للسوق المحلية، وتؤمن هذه الاحتياجات من خلال ثلاث طرق هي إنتاج معامل السكر المحلية التابعة للمؤسسة العامة للسكر (بحدود 110 آلاف طن سكر)، تأتي من تصنيع مادة الشوندر السكري، إضافة إلى تكرير السكر الخام المستورد إذا كان له جدوى اقتصادية لتغطية النقص المخصص للقسائم التموينية (130 ألف طن)، ومستوردات المؤسسة العامة للتجارة الخارجية لتلبية احتياجات المؤسسة العامة الاستهلاكية، فضلاً عما يقوم القطاع الخاص باستيراده لطرحه في الأسواق. وبلغت قيمة إجمالي ما استوردته المؤسسة العامة للتجارة الخارجية حتى نهاية آب الماضي 11 مليار و911 مليون و957 ألف ليرة سورية، موزعة حسب الكميات المستوردة من مواد، السكر الأبيض بمقدار 20 ألف طن، بقيمة 690 مليون ليرة سورية، كذلك 87ألف و922 طن من مادة الرز بقيمة 4 مليارات و250 مليون و581 ألف ليرة.

يذكر أن سورية تستهلك سنوياً نحو 800 ألف طن من السكر، ويبلغ معدل استهلاك المواطن السوري من السكر 40 كيلو سنوياً.