الأرقام وحدها القادرة على بيان الغبن الحاصل في قطاع الاتصالات

التشابه ليس قليلاً بين الاقتصادات العربية عموماً، وبين الاقتصاد المغربي والسوري خصوصاً في طبيعة التوجهات، فالنيوليبرالية قبضت على مفاتيح الاقتصاد المغربي، وتم تنفيذ وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، ولجأ المغرب إلى الاستدانة، ولكن الأهم، وهو ما نريد الحديث عنه، المثمثل بالنزوع إلى الخصخصة للقطاعات الأساسية، وقطاع الاتصالات أحدها..

 

فقطاع الاتصالات الخليوية في المغرب كان منذ بدايته مملوكاً للدولة، ففي عام 1998، أصبحت مؤسسة «اتصالات المغرب» مملوكةً للدولة بشكل كامل بشقيها المحمول والثابت، وباعتبار أن الاتجاه الليبرالي قبض على مفاتيح الاقتصاد المغربي، قامت الدولة المغربية ببيع 16% من أسهم شركة اتصالات المغرب خلال عام 2004، للشريك «فيفاندي يونيفرسال- الفرنسي» ما يقارب 13 مليار درهم (1.45 مليار دولار أمريكي) في شهر كانون الأول من العام 2007: وأصبح رأسمال الشركة مقسما على النحو التالي،VIVENDI تمتلك 53% من رأسمال الشركة، صندوق الإيداع والتدبير CDG يمتلك 30%، وهي حصة الحكومة المغربية في اتصالات المغرب، و 17% مطروحة في بورصة الدار البيضاء للتداول، وحققت المجموعة في العام 2010 معاملات فاقت قيمتها 31,7 مليار درهم مغربي (3.57 مليار دولار)، وارتفع عدد المشتركين إلى نحو 26 مليوناً، ويمكننا أن نستنتج من خلال هذه الأرقام ما يلي:

- استولى القطاع الخاص  في سورية على قطاع الاتصالات الخلوية الرابح منذ التأسيس، ولم يدفع أية رسوم للدولة لقاء احتكاره للسوق من خلال شركتيه سيرياتيل و أريبا ثم MTN، بينما بقي هذا القطاع بيد الدولة في المغرب لست سنوات (1998 – 2004)، وبعدها قامت بتخصيص جزء من هذا القطاع فقط، حيث تم بيع 16% من أسهمها في 2004 بما يعادل 1.45 مليار دولار، أي أن رأسمال  الشركة كان يبلغ ما يقارب الـ 9مليار دولار، وهذا ما حصل لدينا عندما اشترت MTN شركة أريبا، ولم تدفع الشركة المباعة أو المشترية أية مبالغ للدولة لقاء ذلك.

- المديونية في المغرب كانت تنخفض بمعدل 5% سنوياً مند العام 1998 وحتى 2004، لتستقر هذه المديونية لعامين فيما بعدها، ولتبدأ بعدها بالارتفاع، وكان من أهم الأسباب التي أدت لهذا الانخفاض أن شركة الاتصالات الخلوية في المغرب كانت ما تزال مملوكة للدولة بالكامل في أعوام الانخفاض، ومكنها هذا من خفض حجم الدين الخارجي بمعدل 5% سنوياً، فلولا الإيرادات الضخمة التي حققها قطاع الاتصالات للخزينة المغربية لما كان قادراً على تخفيض الدين العام.

- الفرق بين  الإيرادات المعلنة والحقيقية التي تحققها شركات الخلوي في سورية كبير جداً باعتقادنا، وبالتالي، فإن حجم الأموال الهاربة من خزينة الدولة إلى جيوب هاتين الشركتين المستثمرتين كبير أيضاً، فلو كان قطاع الاتصالات الخلوية بيد الدولة حصراً لاستطاعت سورية مضاعفة الأجور لديها مباشرة، واستطاعت بالفوائض الباقية سد عجز الموازنة العامة الحاصل، وإذا أضفنا لذلك تمكن الدولة من مكافحة الفساد الذي ينهب ما بين 20% إلى 40% من الموازنة العامة، لاستطاعت سورية إنجاز عملية تنمية هائلة وحقيقية دون الحاجة لأية استثمارات خارجية إطلاقاً، فلماذا نصر على إبقاء الاتصالات الخلوية بين أيدي القطاع الخاص إذا ما كانت قادرة على المساهمة الجدية في تحقيق التنمية الاقتصادية – الاجتماعية بإيراداته الكبيرة؟؟!!