بيانات الخليوي السنوية: الاتصالات.. (بؤرة المفارقات)!
أصدرت شركتي الاتصالات الخليوية العاملتين في هذا القطاع السيادي في سورية، بياناتهما المالية لعام 2015، والقطاع الأعلى ربحاً واحتكاراً في سورية، ينبغي قراءة أرقام إيراداته وحصة الدولة منها وحجم أرباحه، وأرباح القلة فيه.. قاسيون تستعرض هذه الأرقام من الإفصاحات المنشورة للشركتين.
إيرادات الشركتين، وحصة الدولة منها، الأرباح الصافية، وضريبة دخل الأرباح الحقيقية منها، مستوى تمركز الأرباح وتوزعها بين 5 مالكين كبار في الشركتين، توزع الأرباح والأجور في سيريتل، وانتهاء بمفارقات من أرقام الشركات نستعرضها في هذا الملف.
يعتبر عام 2015 العام الأول بعد ترخيص الشركتين في نهاية 2014، عقد الترخيص الذي جاء بديلاً عن عقد bot القديم الذي كان ينص على أن تعود الملكية للدولة في عام 2016 بعد انتهاء فترة التشغيل عبر القطاع الخاص.
4,5 مليار إيرادات لا تخضع للتقاسم!
148,1 مليار ل.س هي مجموع الإيرادات الإجمالية المحققة في شركات الاتصالات الخليوية خلال عام 2015، حيث حققت شركة سيريتل: 92,3 مليار ليرة، بينما حققت mtn: 55,8 مليار ليرة، والزيادة في الإيرادات الإجمالية عن 2014: 23,4 مليار ليرة، بنسبة: 15%.
حصة الدولة من إيرادات شركتي الخليوي وفق عقد الترخيص الذي أبرم في بداية 2015: 50% للسنة الأولى، 30% للسنتين الثانية والثالثة، و20% لباقي الفترة حتى عام 2035.
أي أن المال العام يفترض أن يحصل على 74 مليار ل.س، من الإيرادات، ولكن وفق البيانات المالية للشركتين فإن حصة الحكومة تبلغ 71,8 مليار ليرة موزعة على: 44,9 مليار من سيريتل، و 26,9 مليار من mtn. والفارق هو قرابة 2,2 مليار ليرة سورية نقص في حصة الدولة حسب البيانات، حيث تبرر الشركة هذا الفارق بتصنيف حوالي 4,5 مليار ليرة، إيرادات لا تخضع للتقاسم، ويفترض أن تبلغ حصة الدولة منها 2,2 مليار ليرة، هي المبلغ الناقص!
أكثر من ثلث الأرباح معفاة من الضريبة!
خلال عام 2015، حققت شركتي الاتصالات صافي ربح عن الفترة مقداره: 30,9 مليار ليرة، موزعة بين 26,5 مليار لسيريتل، و 4,4 مليار لـ mtn، ومعدل الضريبة المفروض على أرباح الشركتين يجب أن يبلغ: 14%، ما يعني أنه يتوجب أن تعود ضرائب أرباح حقيقية لخزينة المالية: 4,3 مليار ليرة، أما الضريبة المدرجة في البيانات المالية للشركتين فهي: 2,9 مليار ليرة، وهي نسبة 9% من الأرباح الصافية فقط! وتبقى حوالي 1,4 مليار ليرة ضريبة أرباح غير مدفوعة.
البيانات المالية تشير إلى أن أكثر من 9 مليار ليرة من أرباح سيريتل الصافية، وحوالي 1,4 مليار من أرباح mtn غير خاضغة للضريبة، فأية قوانين وتسهيلات تلك التي تخرج حوالي 10,5 مليار ليرة أرباح صافية من استحقاق ضريبة الأرباح، وحصة المال العام منها؟! إن التسهيلات الضريبية تجعل نسبة 34% من الأرباح الصافية للشركتين غير خاضعة للضريبة.
حصة الخمسة الكبار!
تعتبر كل من شركتي الاتصالات الخليوية العاملة في سورية، وفق البنية القانونية شركات مساهمة، أي أنها تطرح أسهمها للاكتتاب العام، وبناءً على ذلك تم تخفيض الضرائب المفروضة على دخل هذه الشركات من 20% إلى 14%، وهو ما يجعل ضريبة الأرباح الحقيقية في سورية من أقل النسب في المنطقة، فالشركات المساهمة ضريبتها أقل على اعتبارها تحقق دخلاً للمساهمين الصغار.
إلا أن الأمر على العكس من ذلك في شركات الخليوي العاملة في سورية، حيث أن قلة من 5 أشخاص، تمتلك أكبر عدد من الأسهم وبالتالي من أملاك الشركة وإيراداتها، ويحققون ربحاً مرتفعاً من تجنيد مساهمات الآخرين الصغار في توسيع رأس مال الشركة.
من خلال البيانات والإفصاحات المنشورة يتبين أن الشركتين من أعلى الشركات احتكاراً وتمركزاً، حيث يتقاسم ملكية وأرباح شركة mtn، حوالي 20 مساهماً فقط، بينما يسيطر أعضاء مجلس الإدارة الخمسة على 99,47% من ملكية وأرباح الشركة، وحتى ضمن هؤلاء هناك مزيد من التمركز، حيث أن جهتين هما شركتي (تيلي انفست، انفستكوم موبايل كومينكيشن) الأجنبيتين ممثلتين باثنين من أعضاء مجلس الإدارة تمتلكان نسبة 97,4% من أسهم الشركة. أما في سيريتل التي لديها أكثر من 6000 مساهم، فإن ثلاثة فقط من أعضاء مجلس الإدارة يملكون 81,4% من الملكية.
وعليه فإن الموجودات والأرباح في الشركتين تتوزع بالشكل التالي:
: mtn 2 من أعضاء مجلس الإدارة يمتلكون 106,8 مليار ليرة من موجودات عام 2015، وحصتهم من الربح الصافي بعد اقتطاع الضريبة: 3,8 مليار ليرة، بنسبة 97,4%.
سيريتل: 3 من أعضاء مجلس الإدارة يمتلكون 76,3 مليار ليرة من موجودات عام 2015، وحصتهم من الربح الصافي بعد اقتطاع الضريبة: 19 مليار ليرة، بنسبة 81,4%.
حقق الخمسة الكبار الذين يتقاسمون ملكية وأرباح شركتي الاتصالات أرباحاً صافية خلال عام 2015 بلغت قرابة 23 مليار ل.س.، أي وسطياً الدخل السنوي لكل واحد منهم هو 4,6 مليار ليرة في السنة، أما صاحب الأجر الوسطي السوري بدخل شهري 26500، فإنه يحصل على دخل سنوي قرابة 320 ألف ليرة.
ومن هذه المفارقة نصل إلى واحدة من دعائم تشوه توزيع الدخل الوطني، بين أصحاب الثروات، وأصحاب الأجور، حيث أن دخل واحد من الخمسة الكبار في شركات الاتصالات يزيد عن 14 ألف ضعف دخل عامل سوري.
يحصل كل واحد من هؤلاء على قرابة 340 مليون ليرة شهرياً فقط من حصتهم في شركات الخليوي، وهم يستطيعون بالتأكيد أن يغطوا نفقات المعيشة البالغة 220 ألف بالشهر..
ودخل الـ 5 الخمسة الكبار يعادل الأجر السنوي لـ 72 ألف عامل وموظف سوري.
لهؤلاء تبقى حصة الدولة من المال العام، وتم ترخيص الشركات عوضاً عن إعادتها لملكية الدولة كما كان يقتضي القانون، ذاك القابل للتكيف مع مصالح الأقوياء حتى في ظروف الحرب.
8% فقط لحوالي 2300 موظف في سيريتل
لدى شركة سيريتل 2327 موظف بحسب موقعها الالكتروني، وقد وزعت على هؤلاء كتلة أجور وراتب سنوية في عام 2015: 2,23 مليار ليرة، بوسطي أجور شهرية: 80 ألف ليرة سورية تقريباً، إلا أنها تتباين كثيراً بين الإدارات التي تصل الرواتب الشهرية فيها إلى 300-500 ألف ليرة، وبين موظفي خدمات الزبائن بأجر وسطي 30 ألف.
وفي توزيع الدخل الصافي قبل الضريبة واقتطاع الأجور البالغ أكثر من 28.2 بين الضرائب والأرباح والأجور، عدا عن حصة الدولة يظهر التالي:
2,85 مليار ليرة ضريبة دخل، 2,23 مليار ليرة أجور، 19 مليار ربح لـ 3 أعضاء مجلس إدارة، 4,2 مليار ليرة أرباح لأكثر من 6419 مساهم.
حصل 3 أعضاء مجلس إدارة في سيريتل على ربح سنوي يقارب 9 أضعاف ما حصل عليه 2327 موظف في الشركة، وعلى قرابة 5 أضعاف ما حصل عليه 6419 مساهم في الشركة إذا ما تم توزيع الأرباح.
4,5 مليار ليرة ربح من تراجع الليرة
نسبة 9% من أرباح سيريتل، ونسبة 49% أي قرابة نصف أرباح mtn، هي الأرباح المتحققة في الشركتين من إعادة تقييم القطع الأجنبي الذي تملكه الشركة جراء ارتفاع سعر صرف الدولار، وقد بلغت هذه الأرباح في 2015: 4,5 مليار ليرة في الشركتين، كلما زادت الشركة من وارداتها من القطع الأجنبي، كلما حصلت على ربح سهل دون تشغيل، ولا تفرض عليه ضريبة، بشريطة أن يستمر انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار.
زيادة 65% في الربح و 9% في الضريبة!
ارتفع صافي الربح قبل الضريبة في شركة سيرتل من 16 إلى 26,5 مليار بين 2014 و 2015، وهذه الزيادة التي بلغت نسبة: 56%، لا يقابلها زيادة مماثلة في ضريبة دخل الأرباح، حيث مقدار الضريبة ارتفع بين العامين بمقدار 250 مليون ليرة فقط، ونسبة 9% زيادة فقط.
أصحاب القرار.. (بغنى عن) 950 مليون دولار!
في 2010 عندما كان موضوع ترخيص الشركتين مطروحاً كان تعويض الترخيص المفروض دفعه للدولة هو 1 مليار دولار عن كل شركة، في الأزمة رخصت الدولة للشركتين بـ 25 مليار ليرة، أي ما يعادل اليوم 50 مليون دولار لكل شركة بسعر صرف 500، أي أن الدولة تنازلت عن مبلغ تعويض 950 مليون دولار..
وهذا طبيعي في ظل سياسة تتنازل عن حقها بملكية وإيرادات قطاع سيادي ورابح كالاتصالات، وتبقيه لقلة من خمس أشخاص أو أقل يربحون منه المليارات سنوياً، عوضاً من عودة هذه الأموال للمال العام!.