فقط في سورية 2016: اربح مليار ليرة خلال يومين.. الدولار الرسمي يباع بـ 460 ليرة!
خلال الفترة الممتدة بين15-17 آذار قام المصرف المركزي برفع سعر صرف الليرة مقابل الدولار أربع مرات معبراً عن انسجام وتوافق مع اتجاه السوق السوداء بزيادة سعر دولارها المترافق مع زيادة دولار المركزي.
انخفض الهامش بين سعري السوق السوداء والمركزي بشكل كبير، مع وصول سعر السوق إلى 470 ل.س/$، ووصول دولار المركزي ليباع بـ 460 ل.س/$، وبالمقارنة ارتفع دولار السوداء خلال الفترة نفسها بمقدار 20 ليرة، بينما دولار المركزي ارتفع بمقدار 58 ليرة.
المركزي يقود الرفع..
ارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء يوم 14 آذار إلى 450، وأغلق يوم 15 -3 على سعر 458، ليقفز يوم 16 آذار مباشرة وصولاً إلى 470، محطماً رقماً قياسياً في خسارة الليرة لقيمتها التي وصلت حوالي 95%، عن عام 2011، وبالمقابل استجاب مصرف سورية المركزي لارتفاع دولار السوداء برفع سعر الصرف في السوق النظامية، حيث ارتفع السعر الرسمي لأغراض التدخل: تمويل المستوردات- حوالات شخصية، من 406-405 يوم 14-3 إلى 426-425 يوم 15-3، لتمويل المستوردات، وصولاً إلى جلسة التدخل يوم 16-3 التي ابتكر خلالها المركزي آلية جديدة للتدخل تتوزع على مرحلتين: الأولى بيع القطع الأجنبي بسعر 460، والثانية يكون فيها البيع بسعر 450 يوم 17-3، ليحدد السعر غي ذاك اليوم بـ 432، بدلاً من 450، وليرفع دولار الحوالات الشخصية من 185 إلى 420 بمعدل زيادة قدرها 35 ليرة على سعر صرف الدولار، في غضون يومين فقط.
تصريحات المركزي:
أسباب وهمية توضع في الواجهة!
يتساءل القائمون على المصرف المركزي، وفق تصريح لمدير العمليات المصرفية في البنك: «لماذا لا يثق المواطنون بالمصرف المركزي»؟!
تصريحات وقرارات الحاكم في الأسبوع الفائت، والتدهور المستمر في قيمة الليرة السورية كفيل بالإجابة: حيث خلال الأسبوع الفائت لم يخلُ يوم من تصريح أو قرار لحاكم مصرف سورية المركزي يطمئن فيه المواطنين بتحسن المؤشرات الاقتصادية وصولاً إلى تحميلهم مسؤولية «تدهور معنوياتهم» بناء على أسباب سياسية وربطها بارتفاع سعر الصرف ونتلو هنا جزءاً منها:
حيث أكد الحاكم على أن «المصرف يراقب عن كثب المتغيرات التي تطرأ على سعر الصرف ولن يسمح للمضاربين برفعه في السوق الموازية بما يحقق لهم مكاسب غير مشروعة».
وأشار إلى معالم تحسن اقتصادي بناء على أن (عدد الدول التي تصدر لها سورية يبلغ 87 دولة رغم كل العقوبات الاقتصادية المفروضة، فتح معبر حدودي جديد مع العراق، توجه باخرتين للتصدير إلى الأسواق الروسية تحمل العديد من المنتجات السورية).
وصولاً إلى اعتباره بأن سبب ارتفاع سعر الصرف يعود إلى «استغلال الأطراف المعادية لخبر اتفاق تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سورية لجهة التأثير في معنويات المواطنين والعمل على رفع سعر الصرف بشكل غير مبرر»، بالإضافة لدور المواقع الإلكترونية التي لا تزال الشماعة الأولى للمركزي.
أي أن المركزي يعتبر أن الإعلام والبيانات والتصريحات والتأثيرات السياسية، تحبط معنويات المواطنين، وتؤثر مباشرة في سعر الصرف، وفي ثقتهم بالليرة، على الرغم من «أن المؤشرات الاقتصادية تتحسن»!. وفي هذا ينسى المركزي أن جنيف السوري، يعقد والمفاوضات تسير قدماً، ووقف إطلاق النار، أشاع جواً من التفاؤل، كان من المفترض أن ينعكس مباشرة على معنويات المواطنين، و«ثقتهم بليرتهم»، وينعكس ارتفاعاً في سعر صرف الليرة مقابل الدولار!
سبب المركزي وهمي، وتركيزه على «المعنويات والمتغيرات» هو ليس أكثر من «سياق للتبريرات» لا أكثر، ليغطي على السبب الحقيقي، الذي يظهر في تعامل المركزي مع موجات المضاربة، التي أصبحت أشبه «بفرصة» لمن قد أخذ قراراً برفع سعر الصرف الرسمي، إلى مستويات تناسب المرحلة القادمة. «راجع مادة الاقتصاد السياسي لتخفيض قيمة الليرة: قاسيون العدد 746».
من يضارب على الليرة السورية ؟
من المعروف أن الذي يستطيع المضاربة على سعر صرف الليرة هبوطاً وصعوداً هو من يمتلك احتياطيات كبيرة سواءً من الليرة السورية أو من الدولار الأمريكي وبنظرة بسيطة نصل إلى الجواب: فأغلب السوريين ضمن خط الفقر العام-90% منهم حسب الأمم المتحدة- وهؤلاء قد استهلكوا مدخراتهم في سنوات الأزمة، وبالفعل هؤلاء هم الأكثر ارتباطاً بمتغيرات سعر صرف الدولار، وتراجع قيمة الليرة، ولكن من موقع «الضحية»، وليس (المضارب) فهم يدفعون ثمن المضاربة على قيمة الليرة وذلك من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ومنه فإن الحلقة التي تجري فيها المضاربة على الليرة السورية محصورة (بنوع محدد من المواطنين) وجهات القرار، أي المصرف المركزي، وأصحاب المدخرات الكبرى، والشركات الوسيطة الشرعية وغير الشرعية.
20 مليون دولار تربح 1مليار ليرة
المصرف المركزي وفق الحاكم مستعد لتلبية كامل الاحتياجات من القطع الأجنبي «بسقوف مفتوحة ودون ضوابط»، فبالإضافة إلى تدخله اليومي، عقد المصرف المركزي جلسة تدخل يوم 16 آذار تم فيها بيع شريحة من القطع الأجنبي لتأمين الاحتياجات بسعر 460، وعلى افتراض التدخل كان بشريحة 20مليون دولار فقط دون التدخل اليومي، فإن المضاربين ومن مارسوا عمليات بيع وشراء فقط، حققوا أرباحاً من فارق السعر بين 14-17 آذار، ووفق سعر المركزي فقط، تبلغ 1,1 مليار ليرة سورية، حيث أن 20 مليون دولار في 14-3 كانت قيمتها: 8,1 مليار ليرة، وأصبحت 9,2 مليار ليرة في 16 آذار عندما باع المركزي الشريحة بسعر 460 ل.س/$.
بالتالي حقق المضاربون وهم كبار التجار وفق سياسة المركزي المتبعة أرباحاً بمقدار 1,1 مليار ل.س من التعامل المالي بيع-شراء فقط، بينما يتحمل المواطن الخسارة مضاعفة سواء بضياع احتياطي العملات الأجنبية الذي هو ملك السوريين، أو بارتفاع أسعار السلع والخدمات التي ترتفع بمعدلات تفوق ارتفاع سعر الصرف، وهذا يفسر المصلحة الكبرى لقوى السوق والمضاربين من التلاعب بقيمة الليرة السورية.