معامل الغزل والنسيج: القطاع الصناعي العام الأكبر: 13 متبقياً.. و4 تعمل لصالح الغير!

معامل الغزل والنسيج: القطاع الصناعي العام الأكبر: 13 متبقياً.. و4 تعمل لصالح الغير!

في التسعينيات كان قطاع النسيج السوري بمراحله كافة ، انطلاقاً من زراعة القطن، وصولاً إلى صناعة الألبسة الجاهزة، يشغّل نسبة 33% من القوى العاملة السورية. أي حوالي 1,65 مليون عامل بين الزراعة وخدماتها العامة والخاصة، والصناعة العامة والخاصة وذلك بحسب أرقام نقابة الصناعات النسيجية في سورية.

وكان إنتاج القطن في سورية يصل إلى 1,2 مليون طن من القطن، حيث كانت المحالج تعمل طوال العام لتستطيع حلج الأقطان المنتجة.


النصف خلال عقدين من الزمن!


انخفضت كميات الإنتاج إلى 700 ألف طن في بداية الألفية الجديدة، لتصل إلى 625 ألف طن في عام 2010، أي تنخفض إلى النصف خلال عقدين من الزمن.
أما من حيث القيمة فإن التراجع أكبر، حيث أن  قيمة صادرات القطن تراجعت من من 201.2 مليون دولار وسطي بين عـامي 2000 و2002 حيث كانت تشكل 20.5 % من إجمالي قيمة الصادرات الزراعية السورية إلى 79 مليون دولار في عام 2009 التي شكلت 2.7% من إجمالي قيمـة الـصادرات الزراعية السورية.


 الأزمة وخسارة 66%

لا يوجد رقم دقيق للكميات المنتجة خلال الأزمة، ولكن التقديرات تشير إلى إنتاج 200 ألف طن في عام 2013، أي تراجع بنسبة 66%.
ولكن حلقة هامة في استمرار عمل القطاع بالفعالية ذاتها قد فقدت، ناجمة بالدرجة الأولى عن تراجع كبير في المادة الأولية أي القطن، وتحديداً بالنسبة للقطاع العام، حيث تراجعت قدرة الدولة، على استلام محصول القطن من مزارعيه.
سُلّم من الأقطان المنتجة في عام 2013 حوالي 40 ألف طن فقط، والباقي للسوق، أما في عام 2014 لم تتجاوز الكمية المسلّمة 4600 طن تقريباً حتى شهر 11 من العام الماضي.
لعبت الظروف الأمنية الدور الأبرز في تراجع قدرة الدولة على استلام الأقطان، ولكن يضاف إلى هذا عوامل ترتبط بالقرارات الحكومية غير المفهومة أو المبررة في الظروف الحالية، حيث ينبغي الإشارة إلى أن الحكومة أتاحت تسليم الأقطان في الحسكة وحماة وإدلب وحمص في عام 2013، وتكفلت بتضمين تكاليف النقل، مع سعر 100 ل.س للكغ، إلا أنها في عام 2014 رفضت استلام محصول القطن في الحسكة، على الرغم من وجود اقتراح عملي قدمته دراسة من لجنة مشتركة بين الزراعة والصناعة واتحاد الفلاحين، قبل موعد التسليم، أفادت بإمكانية تحويل 350 دونماً من أراضي الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية في القامشلي إلى مركز لاستلام محصول القطن، إلا أن المقترح قوبل بالرفض من وزارة الصناعة، كما أشارت المعلومات في موسم العام الماضي، وكانت النتيجة أن انحصرت عمليات تسليم قطن الجزيرة السورية بمدينة حماة، على أن يتكفل الفلاحون والمنتجون القادرون على إيصال محصولهم في الظروف الحالية، بكلف نقل منتجاتهم! والسعر للكغ لم يتعدى 110 ل.س، مما اضطر أغلب المنتجين إلى بيعه بسعر 70 ل.س للتجار في المناطق الخارجة عن السيطرة.


13 معمل مستمر و نسب التنفيذ 20%

بناء عليه فإن القطاع العام الصناعي يعاني من فقدان المادة الأولية، كما يعاني من المشاكل الأخرى المرتبطة بالكلف، ووجود جزء هام من المعامل في مناطق الصراع، وانقطاع الكهرباء وغيرها.
إن ما بقي على قيد الإنتاج هو 13 شركة فقط من أصل 25 شركة عاملة في قطاع النسيج العام، توقفت منها اثنتان قبل الأزمة بأعوام طويلة وهما حرير الدريكيش، ومصابغ حمص، أما الحرب فقد أدت إلى وصول عدد المعامل المتوقفة إلى 12، لتبقى الشركات والمعامل الأخرى، يعمل بعضها مثل الخماسية بحدود دنيا، لإنتاج القطن الطبي لصالح الجيش، و4 منها تعمل لصالح القطاع الخاص لفترة مؤقتة!.
عملياً في الظروف الحالية، تحاول المعامل الموجودة في مناطق آمنة نسبياً، أن تستمر في الإنتاج، ومواجهة مجمل الصعوبات التي تعتبر الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي أهمها وأكثرها تأثيراً على العملية الإنتاجية، حيث لم (يتنطح) أي طرف حكومي لاقتراح حل عملي يتيح تأمين الكهرباء لهذه المعامل، ولا أحد يمتلك تفسيراً عن عدم إعطائها (المعاملة الكهربائية الخاصة)، المتاحة لدوائر حكومية مختلفة، أو للمخابز، أو للجهات الأمنية أو غيرها، وهي لا تقل أهمية عنها.
وبناء على الظروف الحالية، فإن المعامل المستمرة ملها بمستويات ضعيفة من الإنتاج، وتعتبر عملياً خاسرة بأخذ معيار تحقيقها للخطط، ونسب تنفيذ عملياتها التي تبقى في ظروف الأزمة عند متوسط 17-20%. إلا أن الأهم هو استمرارها بالعمل، وتحقيقها لقيم إنتاج جيدة قياساً بالظرف الحالي، وبمستويات الاهتمام والإنفاق التي تقارب الصفر حكومياً.


تشغيل للغير.. عوضاً عن إنفاق للإنتاج!

تم تشغيل 4 معامل عامة هي جبلة، اللاذقية، إدلب، وحماة، وفق عقود تشغيل للقطاع الخاص، حيث يؤمن القطاع الخاص القطن إما مستورداً أو من  مناطق إنتاج القطن السوري في الجزيرة السورية، حيث يستطيع القطاع الخاص تأمين القطن مقابل تراجع قدرة الدولة على تحصيل كميات القطن الإجمالية!.
إن استجرار السوق لمحصول القطن يعتبر مخالفة للقوانين السورية، التي لا تسمح ببيع المحاصيل الاستراتيجية للسوق، إلا أن ظروف منتجي القطن لا تتيح التطبيق الحرفي لهذا القانون، وكان الأجدى بالحكومة أن تقوم بشراء هذه الكميات من القطاع الخاص، وتشغلّها لصالحها، عوضاً عن الحصول على أجرة وإيرادات لم تتجاوز 1,7 مليار ل.س من تشغيل 4 معامل لصالح القطاع الخاص. بينما على سبيل المثال لا الحصر، حققت شركة واحدة  وهي الشركة العامة للخيوط القطنية في حماة، في عام 2013 أرباحاً بمقدار 500 مليون ل.س خلال عام 2013 من عمليات البيع الداخلية والخارجية.
أي أن مزيداً من الإنفاق الحكومي على تأمين القطن وتأمين الوقود لكهرباء المعامل، يؤدي إلى إعادة تشغيل المعامل بفعالية، وإنتاج الخيط والنسيج وتحقيق إيرادات عامة، وهذا متاح من خلال زيادة سعر شراء محصول القطن، وتحفيز المزارعين  عن طريق السعر المرتفع على تحمل مخاطر نقله، أو حتى عن طريق شراء القطن الذي يستجره التجار المحليون وينتجونه في معامل القطاع العام، عوضاً عن تشغيل المعامل لمصلحتهم.


التقشف الحكومي يمنع عائدات القطن

إن سياسة التقشف الحكومية التي كانت تطال القطاع العام الصناعي قبل الأزمة، والتي أصابت حتى إنتاج الخبز ووفرت شيئاً من المال على حد زعم الحكومة، إلا أنها لم تسمح بزيادة الإنفاق الاستثماري على قطاع هام كالنسيج في الظروف الحالية، حيثأ نمجمل اعتمادات الخطة الاستثمارية لوزارة الصناعة لم تتعد 1,4 مليار ل.س في موازنة عام 2015 حصلت منها المؤسسة العامة للصناعات النسيجية على 220 مليون ل.س فقط لعمليات الاستبدال والتجديد في معاملها الـ 25، وعلى 10 ملايين اعتماداً لمشاريع جديدة.

بينما كانت المؤسسة في عام 2013 تصرح عن حاجاتها لتمويل مشاريع توسعية في بعض الشركات، تبلغ مجمل تكلفتها 150 مليون دولار، أي حوالي 23 مليار ل.س بسعر صرف سوق تقريبي في 2013 : 150 ل.س/$، وهي نسبة لا تتعدى 1,4%  من موازنة 2015، إلا أنها لم تنفذ.
إن عدم وجود سعي فعلي، وعملي، لتأمين شروط العمل الأساسية لمعامل القطاع العام النسيجية، يؤدي إلى ضياع إيرادات عامة محتملة، وبالقطع الأجنبي الذي تعلن الحكومة أن الحصول عليه هو أحد أهم سياسات تحفيزها للتصدير التي تستثني قطاع النسيج العام، الذي كان يؤمن 79 مليون دولار تصديرية، وذلك من تصدير أكثر من ثلثي الإنتاج بشكله الخام أي المحلوج فقط!

 

تقشف في التشغيل في ظروف البطالة!

 

إجمالي عدد العمال المخطط  23110

الفعلي 19784

النقص  3326

 

الحكومة تتقشف في الإنفاق على شراء القطن من المزارعين بأسعار أعلى أو شرائه من التجار القادرين على استجراره،  وعلى الإنفاق الاستثماري على المعامل التي ما تزال قادرة على العمل، وتحتاج لمشاريع توسع مدروسة ومقدرة تكلفتها.
يضاف إلى ذلك أن التقشف يطال خطط تشغيل وتعيين العمال، وتحديداً عمال الإنتاج في القطاع.
حيث أن بيانات عام 2014 حول العمالة في القطاع تشير إلى التالي:

الأهم من هذا أن النقص الأساسي هو في عمال الإنتاج، حيث المطلوب أو المخطط هو 16297 ألف عامل، الموجود منهم فعلياً 9690 فقط، أي بنقص 6607 عامل. يحتاج قطاع النسيج إلى أكثر من 6600 عامل إنتاجٍ، لا يتم توظيفهم، أو حتى لا يتم تشغيل جزء من عمال الشركات المتوقفة والبالغ عددهم 5618 عامل، وتأمين شروط السكن والمعيشة المناسبة لانتقالهم لسد النقص مؤقتاً!!.

آخر تعديل على الأحد, 03 أيار 2015 00:01